المغرب: «العدل والإحسان» الأصولية تجدد موقفها الرافض للانخراط في العمل السياسي

انتقدت مشاركة «العدالة والتنمية» في الحكم وقالت إنها «التفاف على مطالب الشعب»

TT

جددت جماعة العدل والإحسان الأصولية المغربية المحظورة التأكيد على موقفها الرافض للانخراط في العمل السياسي، حتى في ظل التغييرات التي شهدها المغرب بعد اعتماد الدستور الجديد، ووصول حزب إسلامي إلى الحكم للمرة الأولى في البلاد، وذلك من خلال رسالة وجهتها لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يرأس الحكومة الحالية، وحركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي للحزب.

وتأتي هذه الرسالة بعد مرور أقل من شهر على إعلان الجماعة انسحابها من حركة «20 فبراير» التي تقود الاحتجاجات في الشارع، والتي رأى فيها البعض تأييدا ضمنيا لحكومة الإسلاميين، كما تأتي ردا على دعوات تلقتها الجماعة من عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة «للعمل من داخل المؤسسات».

وفي غضون ذلك، ردت أمس حركة التوحيد والإصلاح على رسالة الجماعة بعدما تم تدارسها من قبل مكتبها التنفيذي، واعتبرتها «بعضا من التواصي بالحق»، ولم تشأ الدخول في جدال حول ما جاء فيها لاختلاف منهج الطرفين. في حين قال عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «لم يتداول بعد بشأن الرسالة، وإن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت».

وطرحت جماعة العدل والإحسان في رسالتها نقاط «الاختلاف الجذري» بينها وبين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، من دون أن تنسى الإشارة إلى القاسم الديني الذي يجمع بين «الإخوة»، وتقديرها كذلك لحسن نواياهما و«اجتهادهما». واعتبرت الجماعة أن موقفهما المؤيد للدستور كان «مساهمة في الالتفاف على المطالب الحقيقية للشعب، ومساهمة كذلك في تضييع فرصة ليست بالهينة، مع العلم بأن الفرص الكبرى لا تدوم إلى الأبد، فالمؤسسات التي تعملون وتدعون للعمل من داخلها هي في واقعنا المغربي هوامش على متن الاستبداد، وديكورات لتزيين الحكم المخزني. ولقد خبرتم، مع الأسف، هذه المؤسسات وكيف يتلاعب بها قبل الدخول إليها وأثناء العمل فيها، وجربتم، إلى حد ما، سطوة وجبروت الماسكين بخيوطها».

وقللت الجماعة من أهمية وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وقالت «وصولكم اليوم إلى هذه المؤسسة (الجديدة) لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بسير طبيعي معالمه المنافسة الشريفة والمصداقية والكفاءة، بل جاء نتيجة هذه التحولات التي عاشتها الأمة ولا تزال، ولم يكن المغرب استثناء».

وقالت جماعة العدل والإحسان إن العمل من داخل المؤسسات الحالية «مخاطرة سياسية بل انتحار حقيقي»، لأن «المشاركة السياسية بالشروط الفاسدة وفي الأوضاع المختلة هي في أحسن الأحوال مضيعة للوقت وخدمة للاستبداد، من حيث لا يدري المرء، وتمكين له أشد التمكين»، كما تقول الرسالة.

ووصفت جماعة العدل والإحسان مقارنة ما حدث من ثورات في بلدان عربية مثل تونس ومصر وليبيا بما جرى في المغرب بأنه عبارة عن «لبس وخلط»، وقالت «إن ما ينبغي أن نقف عليه أولا هو هذا الخلط بين ما يجري في المغرب وما حدث ويحدث في بلدان أخرى مثل تونس ومصر وليبيا، ونعتبره تلبيسا فظيعا، فشتان بين شعوب انتفضت، شبابا وشابات، ورجالا ونساء، وصبرت وصابرت ورابطت في الميادين إلى أن أسقطت أنظمة كان يستحيل على الكثيرين مجرد تخيل زعزعتها، وبين بلد لم يستطع حكامه، وجزء لا يستهان به من طبقته السياسية والحزبية مع الأسف، إدراك عمق وحجم التحولات التي تفرضها الأمة اليوم على العالم أجمع». واعتبرت الجماعة أن مراجعة الدستور ليست سوى «التفاف وروغان (...) لنصل إلى دستور غامض جدا ومفتوح على أخطر التأويلات».

من جهتها، اكتفت حركة التوحيد والإصلاح بتوجيه الشكر للجماعة على الرسالة «الصريحة» من دون الدخول في تفاصيل الرد على كل ما جاء فيها، مؤكدة أن الخلاف بين الطرفين «لن يفسد للود قضية، وقد جعل الله في بعض الاختلاف سعة ورحمة، خاصة أن الخلاف بيننا ليس اختلافا في تقييم مرحلة سياسية، بل اختلاف بين منهجين كان قبل هذه المرحلة». وأضافت «إننا إذ نعتقد أنكم واعون ومدركون لما بين المنهجين المعتمدين لدى كل منا من تباين واختلاف، فإننا في الوقت ذاته نعتبر أن ما يجمع بيننا وبينكم وبين كل العاملين لإقامة الدين وإصلاح المجتمع يحتل مساحة واسعة يحسن بالجميع الاجتهاد لتمتينها، والسعي لتوجيهها لما فيه إرضاء ربنا وخدمة ديننا وأمن بلداننا ورحمة أمتنا».