زرداري يتوجه إلى دبي لحضور زفاف وسط أزمة في باكستان مع الجيش

جيلاني يدعو لاجتماع للجنة الدفاع لتخفيف التوتر بعد التهديد الذي وجهه الجيش

TT

وسط أزمة سياسية بين الحكومة الباكستانية والجيش، توجه الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري أمس إلى دبي في زيارة ليوم واحد من أجل حضور حفل زفاف وربما إجراء فحوص طبية على ما أعلن أحد مستشاريه المقربين. وتأتي هذه الزيارة التي ستستمر يوما واحدا فيما تواجه الحكومة خلافا متزايدا مع الجيش الباكستاني الواسع النفوذ، ووسط محاكمات تهدد بالإطاحة بكبار القادة المدنيين.

وصرح أحد مستشاري زرداري المقربين لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف اسمه: «لقد توجه الرئيس إلى دبي لحضور حفل زفاف وربما يجري كذلك فحوصا طبية روتينية». وأضاف «سيعود غدا (الجمعة)».

وأوضح أن الزيارة «خاصة» و«ليس لها علاقة بالأزمة الدائرة». وكان زرداري الذي يعاني من مرض قلبي مزمن أمضى أكثر من أسبوع في أحد مستشفيات دبي للعلاج الشهر الماضي.

في غضون ذلك نقلت «رويترز» عن مسؤول حكومي باكستاني أمس أن رئيس الحكومة الباكستانية دعا لعقد اجتماع للجنة الدفاع بمجلس الوزراء يوم السبت وأن قائد الجيش سيحضر الاجتماع في إشارة محتملة للجهود التي تستهدف تخفيف حدة التوتر بين الحكومة والجيش.

وكانت مذكرة مثيرة للجدل يعتقد أنها تطلب مساعدة الولايات المتحدة في لجم الجيش الباكستاني القوي قد أدت إلى تدهور العلاقات مع الحكومة إلى أدنى مستوى منذ انقلاب عام 1999.

وقال تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إن الحكومة الباكستانية التي أضعفتها الفضائح وعداء الجيش الواسع النفوذ تزداد عزلتها على ما يبدو كما يقول عدد من المحللين الذين يعتبرون أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى إجراء انتخابات مبكرة أو إلى انقلاب عسكري.

وقد بدد رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني الذي يرمز إلى الضعف الراهن للحكومة في أقل من ساعة الأربعاء سوء التفاهم مع الجيش الذي هدده بكلمات مبطنة بعدما تجرأ على توجيه النقد إلى جنرالاته عبر صحيفة صينية.

ويدور هذا الخلاف على خلفية «فضيحة المذكرة» (ميموغيت) التي تتهم الرئيس آصف علي زرداري الذي فقد شعبيته بالسعي في مايو (أيار) الماضي للحصول على مساعدة الولايات المتحدة لمنع وقوع انقلاب محتمل يقوم به الجيش. وقد أمرت المحكمة العليا بإجراء تحقيق حول هذه القضية التي تغضب الجيش.

ووجه جيلاني هذا الأسبوع انتقادات حادة إلى أكبر مسؤولين عسكريين متهما إياهما بتجاوز صلاحياتهما من خلال إرسال شهادتيهما مباشرة حول هذه القضية إلى المحكمة العليا. وعمد الجيش إلى الرد وأرسل له الأربعاء تهديدا غير مألوف. وقال: «هذه قضية خطرة يمكن أن تنجم عنها عواقب مؤلمة للبلاد» مؤكدا أن الضابطين بعثا بشهادتيهما إلى وزارة الدفاع.

وبعد أقل من ساعة قامت أجهزة جيلاني بمساعي تهدئة من خلال الإعلان عن إعادة سكرتير الدولة للشؤون الدفاعية نعيم خالد الذي أدين بالتسبب في حصول «سوء التفاهم» هذا إلى منصبه من دون أن يعرف فعلا هل أخل بواجباته أم لا.

والتنافس بين السلطات المدنية والعسكرية ليس أمرا مستجدا في باكستان التي عاشت منذ استقلالها في 1947 نصف تاريخها تحت سيطرة الجنرالات الانقلابيين والنصف الآخر تحت سيطرة حكومات مدنية يواكبها القادة العسكريون عن كثب.

ووفقا لتقرير وكالة الصحافة الفرنسية لا يعتبر حكم زرداري زوج رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو والذي وصل إلى السلطة في 2008 بعد تسع سنوات من النظام العسكري استثناء، لكن فضيحة «ميموغيت» وقضايا أخرى، رفعت أخيرا حدة التوتر بين الحكومة والجيش إلى مستوى غير مسبوق منذ ثلاث سنوات، حتى أن المحلل السياسي طلعت مسعود اعتبر أنهما «تصلبا في موقفيهما»، وباتا «يسلكان طريق المواجهة».

وما يقلق الحكومة هو أن الجيش ليس الكيان الوحيد الذي يهددها. فالمحكمة العليا شددت الخناق أيضا حول زرداري بقرارها إجراء تحقيق حول «ميموغيت» ومطالبتها الحكومة بالإسراع في إعادة التحقيق في قضايا اختلاس أموال سابقة مهددة رئيس الدولة تحت طائلة إقالة زرداري وجيلاني. وستعلن الحكومة الاثنين المقبل موقفها من فضيحة «ميموغيت».

واعتبر مسعود أن «الحكومة معزولة. واعتقد أن المحكمة العليا ستتشجع بالتصريحات الأخيرة للجيش لدفع الحكومة إلى الاستقالة وأن الجيش سيساندها في هذا الاتجاه». ولم يمنع الجيش نفسه من الإدلاء بدلوه في هذا الاتجاه. فقد دعا رئيس أجهزة الاستخبارات الواسعة النفوذ أحمد شجاع باشا المحكمة العليا إلى إجراء «تحقيق معمق» حول «فضيحة المذكرة».

ويعزو عدد من المراقبين إلى الجيش عزمه على حمل الرئيس زرداري على الخروج من السلطة قريبا لكنه لا ينوي الوصول إلى انقلاب.

وقال المحلل الباكستاني الآخر امتياز غول أن «الشعور بالمسؤولية سيتغلب. لن يحصل انقلاب». وأضاف أن «كل تحرك ضد الحكومة سيخرج من المحكمة العليا وليس من الجيش».

وليس من المقرر إجراء الانتخابات النيابية قبل بداية 2013 لكن عددا من المحللين باتوا يتوقعونها في 2012 أو حتى في الفصل الأول من هذا العام بسبب الوضع الراهن. ويؤكد امتياز غول أن «كل المؤشرات تحمل على الاعتقاد بأن انتخابات مبكرة ستجرى».