مظاهرات حاشدة في جمعة «دعم الجيش السوري الحر» والانشقاقات تتواصل

قوات الأمن حاصرت المساجد.. والمتظاهرون رددوا: «الجيش الحر بيحميني»

متظاهر ضد النظام السوري يحمل صورة للأسد تدينه في إدلب أمس (أوغاريت)
TT

شهدت عدة مدن سورية أمس انطلاق تظاهرات حاشدة في جمعة «دعم الجيش السوري الحر» التي دعت إليها المعارضة السورية في إطار مساندتها لـ«الجيش الحر»، الذي يقوده العقيد المنشق رياض الأسعد، ويضم منشقين عن الجيش النظامي رفضوا الامتثال للأوامر العسكرية بقمع المتظاهرين وإطلاق النار عليهم.

وقال ناشطون إن الحصيلة الأولية لعدد مظاهرات يوم أمس بلغت 355 نقطة تظاهر، وشهدت سقوط نحو 12 قتيلا معظمهم في دير الزور وإدلب وحمص، بينما اقتحمت قوات الجيش السوري النظامي مدينتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق وبلدتي كرناز وكفرنبودة في ريف حماه، وجرت اشتباكات عنيفة في حي الخالدية في حمص، وكانت قوات الجيش قد اقتحمت في وقت مبكر من صباح أمس مدينة انخل في محافظة درعا - جنوب - ونصبوا عشرات الحواجز ونادوا بمكبرات الصوت بمنع صلاة الجمعة في الجامع العمري. كما تم اقتحام مدينة جاسم في ريف محافظة درعا. وفيما توسعت حركة الانشقاقات أمس، مع إعلان الشيخ عبد الجليل السعيد، مدير مكتب مفتي سوريا أحمد حسون انشقاقه عن المؤسسة الدينية، مرجحا «حصول انشقاقات كثيرة خلال الأيام المقبلة»، ومواصلة جنود سوريين إعلانهم انشقاقهم عن الجيش النظامي، أبرزهم المقدم موفق حمزة الذي انضم إلى «الجيش الحر» في ساحة الحرية في القصير في حمص، لبى آلاف السوريين دعوة المعارضة للتظاهر في عدد من المحافظات والمدن السورية، وتحديدا في حلب ودرعا وحمص واللاذقية ودير الزور ودرعا.

وأكد عضو الأمانة العامة بالمجلس الوطني أنس العبدة لـ«الشرق الأوسط» أن الزبداني ومضايا بريف دمشق قد تعرضتا لقصف شديد، وأن هناك تخوفا من اقتحام لهما من قوات الأسد، وأضاف «قبل يومين دخلت دبابتان للزبداني وفي طريقهما للانسحاب أطلقتا قذائف على مضايا وتسببتا في إصابة عدد من الجرحى». وشرح العبدة الذي اتصلت به «الشرق الأوسط» هاتفيا «لأنها تعتبر من أنشط المناطق من ناحية الجيش السوري الحر، حيث يستقر فيها عدد من الضباط والجنود المنشقين، ويجري التعاون بين كل مناطق ريف دمشق من أجل حماية المدنيين، والمنطقة شهدت تنظيما أفضل»، وأكد «نحن نعول على ريف دمشق وسيكون لها دور حاسم في حسم المعركة مع النظام». كما تحدث العبدة عن خروج مظاهرات بـ«المئات» في العاصمة رغم الوجود الأمني الميداني الكثيف.

وخرج المواطنون للتظاهر غير آبهين بالطقس العاصف ورددوا الهتافات المطالبة بإسقاط النظام والمؤيدة لـ«الجيش الحر»، فيما انتشرت قوات الأمن وعناصر «الشبيحة» منذ ساعات الصباح الباكر لمنع التظاهرات من الخروج بعد صلاة الجمعة، وفي بعض المناطق منعت الأهالي من أداء صلاة الجمعة، على غرار ما حدث أمس في مدينة انخل في محافظة درعا. وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية أن «مئات الجنود السوريين دخلوا إلى المدينة وأقاموا عشرات الحواجز ونادوا بمكبرات الصوت بمنع صلاة الجمعة في الجامع العمري، في خطوة هي الرابعة من نوعها، لافتة إلى وقوع اشتباكات عنيفة في بصر الحرير بين جنود من الجيش الحر وعناصر من جيش النظام في منطقة اللجاة».

وفي إدلب، بث ناشطون صورا لجنازة الناشط حمادي السعيد، الذي قتل أول من أمس برصاص الأمن في معرة النعمان في إدلب، حيث تحولت جنازته إلى مظاهرة حاشدة لتجديد المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وللتأكيد على الاستمرار في التظاهر حتى تحقق «الثورة السورية» هدفها بإسقاط النظام. وذكرت «لجان التنسيق المحلية في سوريا» أن قوات الأمن السوري أقدمت على اعتقال 15 طفلا في محلة حيش في إدلب لأنهم كانوا يرددون هتافات تحيي «الجيش الحر».

وفي اللاذقية، أكد ناشط من المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن «قوات الأمن وعناصر الشبيحة نفذوا انتشارا كثيفا وعملوا على منع الناس من الخروج من منازلهم للمشاركة في التظاهرات، إلا أن ذلك لم يحل دون خروج تظاهرات منددة بنظام الأسد». وأشار الناشط، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن «القوى الأمنية حاصرت مسجد الفاتح في حي الصليبة في اللاذقية ودخلت إلى عدد من المدارس في المدينة بعد خروج تظاهرة سارت فيها مجموعة من الطلاب، وأقدمت على اعتقال عدد منهم، وهم بمعظمهم من القاصرين». كما أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية عن «اعتقال العديد من الأشخاص من جامع المهاجرين في حي الرمل، بعد اعتقال شيخين من الحي، أطلق سراحهما أمس واعتقل ابن أحدهما».

أما في حمص، فقد أفادت «لجان التنسيق المحلية» عن «سماع دوي انفجارات وأصوات قذائف مدفعية في المدينة، إضافة إلى إطلاق نار كثيف من رشاشات متوسطة وخفيفة، إثر خروج مظاهرات حاشدة مناهضة للنظام». ولم تستثن قوات أمن النظام السوري سيارات الإسعاف، حيث أصيب أحد مسعفي الهلال الأحمر بقدمه إثر إطلاق نار من حاجز دوار النخلة الأمني باتجاه سيارة الإسعاف التي كان فيها في شارع البرازيل في حي الإنشاءات».

وكانت تظاهرات حاشدة خرجت في أنحاء حمص، في الشماس والقريتين وفي الدبلان والقصور، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص في الهواء لمنع الناس من السير في التظاهرات. وفي مهين، خرج المتظاهرون من الجامع الكبير نحو شارع حمزة الخطيب، مرددين هتافات مطالبة بالحرية وداعمة للجيش الحر «ارفع إيدك فرجيني الجيش الحر بيحميني». وفي بابا هود، أقدم المتظاهرون على حرق صور الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس بعثة المراقبين العرب الفريق السوداني محمد الدابي، مطالبين الجيش الحر بحمايتهم. وفي الملعب، هاجمت قوات الأمن بالمدرعات المتظاهرين، وعمدت - وفق ما أشارت إليه صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» - على استفزاز المتظاهرين الذين رددوا: «الجيش السوري خائن».

وفيما أفاد ناشطون عن «أن إطلاق قذيفتين على حي كرم الزيتون في حمص أدى إلى فض المظاهرة»، أشاروا إلى تظاهرات حاشدة خرجت في كل من أحياء باب السباع والصفصافة وحسياء، حيث ردد المتظاهرون: «الجامعة تقتلنا وغير الله ما إلنا».

وفي مدينة حلب، التي تشارك بكثافة في التظاهرات في الفترة الأخيرة، عمت التظاهرات أحياء عدة في المدينة، على الرغم من الاستنفار الأمني الكثيف ومحاصرة الأحياء التي تشهد تحركات أسبوعية. وقال ناشطون إن تظاهرات خرجت عقب صلاة الجمعة مطالبة بإسقاط النظام، في أحياء عدة في المدينة، في وقت جددت فيه قوات الأمن وعناصر من «الشبيحة» اقتحامها مرة جديدة للحرم الجامعي في حلب، والذي يشهد تظاهرات طلابية في الأشهر الأخيرة تطالب بإسقاط النظام.

وقال ناشط يدعى فارس، وهو عضو في «اتحاد طلبة سوريا الأحرار» وفي «لجان التنسيق المحلية» في حلب، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات حفظ النظام والشبيحة اقتحمت السكن الجامعي في جامعة حلب ونفذت اعتقالات عشوائية طالت عددا من الطلاب». ولفت إلى أن «تظاهرة خرجت من المدينة الجامعية مطالبة بإسقاط النظام على وقع التكبيرات والهتافات الداعمة للجيش الحر، استمرت لقرابة ربع ساعة قبل أن يحضر عناصر الشبيحة الذين تناوبوا في ضرب المتظاهرين بالهراوات والعصي الكهربائية، قبل أن يدخلوا إلى الوحدات السكنية ويعتقلوا طلابا من غرفهم».

وأوضح الناشط أن «8 نقاط شهدتها مدينة حلب أمس هي إلى جانب المدينة الجامعية: المرجة وصلاح الدين والفردوس والأشرفية والأعظمية والأكرمية وميسر»، لافتا إلى أنه في شارع النيل في حي صلاح الدين بثت مكبرات الصوت أناشيد وأغاني لبلبل الثورة إبراهيم القاشوش، فيما أحصت لجان التنسيق المحلية وجود 18 نقطة تظاهر في ريف حلب، أبرزها في رفعت وعمدان وكوبانة».

وفي دير الزور، أفاد ناشطون سوريون عن محاصرة قوات الأمن السوري لمساجد المدينة، في ظل انتشار قناصة على المباني المجاورة لهذه المساجد. وأفاد ناشطون بأن «حدة المواجهات اشتدت في حي الجورة وشارع الوادي، ووقعت إصابات عدة بينها نساء».

وفي مدينة دوما في ريف دمشق قالت «تنسيقية دوما» إن أجهزة الأمن السورية اعتقلت صحافيين أجانب كانوا في دوما يوم أمس خلال المظاهرات التي خرجت هناك، وإنه تم اعتقال المترجمة التي ترافقهم ومصادرة والكاميرات والأجهزة التي كانت بحوزتهم.