إدارة أوباما استخدمت قناة سرية لتحذير خامنئي من أن هرمز «خط أحمر»

عسكريون ومسؤولون يؤكدون قدرة إيران على إغلاق المضيق وأن بحرية الحرس الثوري مثل رعاة البقر

إيرانيون يرفعون صورة لاوباما وعلى جبهته رسمت نجمة داودد لدى تشييعهم الخبير النووي الإيراني مصطفي أحمدي روشان في طهران أمس (أ.ب)
TT

تعتمد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على قناة اتصالات سرية لتحذير المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، من أن إغلاق مضيق هرمز «خط أحمر» من شأنه أن يثير رد فعل أميركيا، بحسب مسؤولين حكوميين أميركيين. ورفض المسؤولون وصف الاتصال غير المعتاد بين الحكومتين وما إذا كان هناك رد من جانب إيران. وقد ذكر مسؤولون رفيعو المستوى بإدارة أوباما أن إيران ستكون قد تجاوزت «خطا أحمر» إذا ما نفذت تهديداتها الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز، الممر الذي يشكل أهمية حيوية استراتيجيا والذي يصل الخليج العربي بخليج عمان، والذي يمر منه 16 مليون برميل نفط - نحو خمس تجارة النفط اليومية العالمية - يوميا.

وقال الجنرال مارتن إي ديمبسي رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، في عطلة نهاية الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة سوف «تتخذ إجراء وتعيد فتح المضيق»، وهو الإجراء الذي ربما لا يمكن انتهاجه إلا من خلال وسائل عسكرية، من بينها كاسحات الألغام والسفن الحربية، بل وربما الهجمات الجوية. وأخبر وزير الدفاع، ليون بانيتا، القوات الموجودة في تكساس يوم الخميس أن الولايات المتحدة لن تتهاون في اتخاذ إجراء لمنع إيران من إغلاق المضيق.

وقد اختيرت قناة الاتصالات السرية من أجل أن تنقل لإيران سرا عمق المخاوف الأميركية من تصاعد التوترات بشأن المضيق، حيث يقول مسؤولون بالبحرية الأميركية إن أكبر مخاوفهم هو أن يتخذ قائد القوات البحرية للحرس الثوري ذو الحماسة الزائدة إجراء استفزازيا من تلقاء نفسه، والذي من شأنه أن يتسبب في حدوث أزمة أكبر.

«إذا سألتني عن الأمر الذي يقض مضجعي وجعلني متيقظا طوال الليل، أجيبك إنه مضيق هرمز والتجارة في منطقة الخليج العربي»، هكذا صرح الأميرال جوناثان غرينرت، رئيس أركان القوات البحرية الأميركية، في واشنطن هذا الأسبوع.

وقال مسؤولو إدارة ومحللون إيرانيون إنهم ما زالوا يصدقون أن تهديدات إيران بإغلاق المضيق، التي تأتي وسط خلافات حادة بشأن برنامج إيران النووي والعقوبات الجديدة المحتمل فرضها، كانت متبجحة ومحاولة لرفع سعر النفط. إن إغلاق الممر الذي تعبر من خلاله النسبة الأكبر من صادرات إيران النفطية - ووارداتها من الأغذية والسلع الاستهلاكية - ربما يرقى إلى درجة انتحار اقتصادي.

«إنهم بهذا يأخذون عهدا على أنفسهم بالفقر»، هذا ما قاله دينيس روس، الذي حتى الشهر الماضي كان واحدا من أكثر المستشارين المؤثرين في إدارة الرئيس باراك أوباما في ما يتعلق بالشأن الإيراني. وأضاف: «لا أعتقد أنهم في حالة يمكنهم معها التضحية بأنفسهم».

غير أن مسؤولين في البنتاغون، ممن يخططون لكل حدث طارئ غير متوقع، قالوا إنه على الرغم من كونه أمرا غير محتمل حدوثه، فإن إيران تمتلك الإمكانات العسكرية التي تكفل لها إغلاق المضيق. ومع أن القوات البحرية الإيرانية ليست متكافئة مع قوات الولايات المتحدة، فإنه على مدار عقدين من الزمان، استمرت إيران في الاستثمار في أسلحة «الحرب غير المتكافئة» - الألغام والزوارق البخارية السريعة المجهزة بأسلحة ثقيلة وصواريخ كروز المضادة للسفن المخبأة على طول 1000 ميل من ساحل الخليج العربي - والتي أصبحت تشكل تهديدا لأقوى أسطول بحري في العالم.

«الإجابة البسيطة هي نعم، يمكنهم إغلاقه»، هذا ما جاء على لسان ديمبسي في حديث لمحطة «سي بي إس» يوم الأحد. وتتراوح تقديرات محللين بالبحرية للفترة التي ستحتاجها القوات الأميركية من أجل إعادة فتح المضيق ما بين يوم وعدة أشهر، ولكن هناك إجماعا على أنه في الوقت الذي يمكن أن تتسبب فيه القوات البحرية الإيرانية في إلحاق ضرر، إلا أنها ستدمر في النهاية.

«سيكون أسطولها في قاع المحيط، لكنهم يمكن أن يحققوا ضربة ناجحة»، هذا ما قاله مايكل كونيل، مدير برنامج الدراسات الإيرانية بمركز التحليل البحري، مؤسسة بحثية للقوات البحرية والملاحية. وأضاف: «صاروخ كروز مضاد للسفن يمكنه أن يعرقل سفينة شحن».

تمتلك إيران أسطولين بحريين: أحدهما هو أسطولها القديم الذي يضم سفنا كبيرة عتيقة تعود إلى حقبة الشاه، والآخر أسطول قوات الحرس الثوري التي تحظى بأفضلية سياسية والذي يضم زوارق بخارية سريعة الهجوم وتكتيكات خاصة بالحرب الثورية أو حرب العصابات. ويقول مسؤولون رفيعو المستوى بالبحرية الأميركية إن أسطول الدولة الإيرانية في معظمه محترف ويمكن التنبؤ بتحركاته، غير أن أسطول الحرس الثوري، الذي يضطلع بالمسؤولية عن العمليات التي تتم في الخليج العربي، ليس على هذا النحو.

«إنك تأتي برعاة بقر يقومون بالأمور بطريقتهم الخاصة»، هذا ما قاله كونيل. ويشير ضابط سبق وأن خدم في مواقع الأسطول الخامس التابع للبحرية في البحرين إلى أن بحرية قوات الحرس الثوري لديها «احتمال كبير للهزل».

يعكف أسطول الحرس الثوري بشكل ثابت على بناء وشراء قوارب صواريخ أسرع وتخزين 2000 لغم بحري على الأقل، على حد قول خبراء أميركيين. وكثير منها بدائية، في حجم صفيحة مهملات، ويسهل انزلاقها في الماء. «ربما يكون تهديد إيران باستخدام الألغام بمثابة عائق فعلي أمام قوات العدو المحتملة»، هذا ما خلص إليه تقرير غير مصنف أصدره مكتب الاستخبارات البحرية، الذراع الاستخباراتية للبحرية الأميركية، في عام 2009. وأضاف: «مضيق هرمز نقطة اختناق ضيقة يمكن زرع ألغام بها في فترة قصيرة نسبيا» – مع حدوث تعطيلات في خلال ساعات وانسداد أكثر خطورة في المكان بمرور أيام.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة سترد من خلال كاسحات ألغام، فقد قال محللون إن القوات البحرية الأميركية ربما تواجه هجمات متزامنة. بإمكان الإيرانيين إطلاق صواريخ مضادة للسفن من سواحلهم أو جزرهم أو من أرصفة النفط وفي الوقت نفسه إحاطة أية سفينة أميركية بزوارق بخارية سريعة مسلحة بصواريخ.

وقال كورنيل: «الأمر المهم هو الوصول إلى الألغام». وأضاف: «لكن سيتعين عليهم التعامل مع صواريخ كروز المضادة للسفن وستكون لديك سفن صغيرة محتشدة وسوف يحدث كل هذا في الوقت نفسه».

بإمكان الولايات المتحدة التصدي لقاذفات الصواريخ المضادة للسفن عن طريق شن هجمات بطائرات قتالية أو صواريخ، غير أن محللين أشاروا إلى أن ذلك ربما يتطلب وقتا نظرا لأن القاذفات على الشاطئ تكون متحركة وعادة ما تكون مموهة. ويوفر تضييق المضيق، الذي يقل عرضه عن 35 ميلا عند أضيق نقاطه، مساحة محدودة للمناورات الحربية. وقال ضابط بحري رفيع: «سيكون الأمر أشبه بقتال بالسكاكين في كشك هواتف».

وتعتبر الممرات الملاحية للمضيق أكثر ضيقا، إذ يبلغ عرض الممرات المتجهة نحو الداخل والممرات المتجهة نحو الخارج ميلين، مع وجود مساحة تفصل بينهما عرضها ميلان.

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن الرسائل الأخيرة والحساسة التي تعبر عن مخاوف بشأن مضيق هرمز تم نقلها عبر قناة أخرى خلاف الحكومة السويسرية، التي عادة ما استخدمتها الولايات المتحدة كطرف محايد لنقل الرسائل الدبلوماسية إلى طهران.

وللولايات المتحدة وإيران تاريخ من النزاعات في المضيق، آخرها في يناير (كانون الثاني) عام 2008، عندما عاقبت إدارة بوش إيران على «إجراء استفزازي» اتخذته بعد أن شنت خمس زوارق سريعة إيرانية مسلحة هجوما على ثلاث سفن حربية أميركية في مياه دولية، ثم قامت بمناورة شرسة، إذ تم بث تهديدات عبر الإذاعة تفيد بأنه سيتم تفجير سفن أميركية. وانتهت المواجهة من دون إطلاق نيران أو إصابات.

وفي عام 2002، خلصت لعبة حرب مصنفة نظمتها وزارة الدفاع برأسمال قيمته 250 مليون دولار إلى أن الزوارق السريعة الخطيرة المحيطة بأسطول بحري يمكنها أن تلحق ضررا هائلا بالسفن الحربية الأقوى. وفي تلك اللعبة، خسر أسطول «بلو تيم»، الذي يمثل الولايات المتحدة، 16 سفينة حربية رئيسية - حاملة طائرات وسفن حربية وسفن برمائية - عندما غرقت في أعماق الخليج العربي في هجوم شمل أساليب الاحتشاد التي تنتهجها الزوارق السريعة الخاصة بالعدو.

«شكلت الأعداد الضخمة حملا زائدا يتجاوز نطاق قدرتها، على المستويين الذهني والإلكتروني، على التعامل مع الهجوم»، هذا ما قاله الليفتنانت جنرال بول فان ريبر، ضابط متقاعد بالقوات البحرية والذي خدم في لعبة الحرب كقائد لفريق «ريد تيم» الذي يمثل قوات مسلحة لا تحمل اسما في الخليج العربي، في عام 2008، عندما تم تقييم نتائج لعبة الحرب مجددا في ضوء الإجراءات التي اتخذتها البحرية الإيرانية في ذلك الوقت». وأضاف: «انتهى الأمر برمته خلال 5 دقائق، وربما 10 دقائق».

* خدمة «نيويورك تايمز»