أمر ملكي بإعفاء الشيخ الحصين وتعيين الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ رئيسا عاما لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عبد اللطيف آل الشيخ.. رئيس جهاز الحسبة «الجديد».. الرائد في قضايا المرأة و«الاختلاط»

د. عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ
TT

صدر أمس أمر ملكي بإعفاء الشيخ عبد العزيز بن حمين الحميّن، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من منصبه، وتعيين الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ، رئيسا عاما لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمرتبة وزير.

ويعد الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ الذي صدر قرار بتعيينه أمس في السعودية رئيسا لجهاز الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، بأمر من العاهل السعودي، رائدا في القضايا المتعلقة بالمرأة، خاصة تلك التي تهتم وترتبط بعملها وما يتعلق به من اختلاط وفتاوى وخلافات حول ذلك.

وينظر السعوديون لتعيين الدكتور آل الشيخ رئيسا لجهاز الحسبة، كحل لإنهاء الجدل الشعبي، والمتمحور حول دور رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في كثير من القضايا الجدلية، وفي مقدمتها قضية الساعة الخاصة بعمل المرأة في المحلات النسائية، خاصة ما يصعده من أجوبة المشايخ وعلماء الدين في السعودية حول قضايا عمل المرأة في المستلزمات النسائية، الرافضة لعمل المرأة بكل صورة بسبب الوقوع في شر مخاطر «الاختلاط» والذي تسبب في إجهاض عمل المرأة في الأسواق لأكثر من 10 سنوات ماضية.

ويعرف عن الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ الخبير في الشؤون الإسلامية والذي كان يشغل منصب مساعد أمين ثانٍ عام هيئة كبار العلماء في السعودية، بأنه رائد لفكرة الاختلاط البريء، ومتبني المطالبة بسرعة توظيف الفتيات في الأسواق من الجهات الحكومية ذات العلاقة، وتأكيده في وقت سابق في حوار لـ«الشرق الأوسط» أجري معه في منتصف يونيو (حزيران) 2010م على أن يستعجلوا في تطبيق القرارات الصادرة بهذا الشأن بالسماح للنساء ببيع المستلزمات النسائية، وتشجيعهن على ذلك وتهيئة الظروف المناسبة لهن وحمايتهن من العابثين.

وقاد آل الشيخ التوجه لفكرة حصر مزاولة هذا النشاط على النساء فقط، واعتبرها كحل للقضاء على السلبيات الخطيرة وما يترتب عليها من مفاسد من جراء قيام الرجال ببيع وعرض ملابس خاصة بالنساء تستحي المرأة العفيفة من أن يطلع عليها غيرها.

وكانت طروحات آل الشيخ مثارا للجدل لغوصه في بحور النصوص الشرعية، بنظريات تؤكد نظرية المعارضين من خلال إيراده نصوصا شرعية تفرق بين الاختلاط المباح والاختلاط المحرم، وأن الحكم بالتحريم المطلق لم تأت الشريعة الإسلامية بمنعه على الإطلاق.

ومع قيادة الدكتور آل الشيخ لدفة هيئة الأمر بالمعروف بتوجهات تتماشى وحاجة البلاد وفق الضوابط الشرعية والتمهيد لتوفير أكثر من 300 ألف وظيفة للسعوديات في العمل بمحلات المستلزمات النسائية، خاصة في نشاطات التجميل والملابس الداخلية «اللانجري»، ويحد من نسب البطالة في صفوف الإناث لتتجاوز نسبة البطالة في كثير من الدول الفقيرة.

وكان الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ قال في حواره السابق الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في تأصيل مبدأ الاختلاط المباح أو البريء، كما يحب أن يطلق عليه: «لا يخفى على أحد من المسلمين في بلادنا حال الناس وما يمارس في الواقع من اختلاط في الأسواق والأماكن العامة ودور العبادة كالحرم المكي والحرم المدني وما يحصل في موسم الحج، وما يحصل في مجالس القضاء وغير ذلك من التجمعات البشرية، فهذا الاختلاط الذي فرضته الحاجة والضرورة وهذه الممارسات ليست وليدة اليوم أو هذا الزمان، فقد كانت موجودة منذ أزمنة قديمة، بل كانت موجودة في صدر الإسلام والذي لا يعلم ذلك فعليه الاطلاع على كتب السيرة والمغازي وبعض كتب الفقه والتفسير».

وخلص آل الشيخ إلى قوله في هذه المسألة: «الاختلاط لم تأت الشريعة المطهرة بمنعه وتحريمه على الإطلاق، بل أجازته في حدود تكفل الحرية للإنسان ذكرا وأنثى، الحرية المنضبطة بالضوابط الشرعية المحافظة على الأعراض والمانعة من الوقوع في المحظورات التي تهدم كيان الأسرة والمجتمع وتنافي العفة وكرامة البشر». وأضاف: «فوضعت ضوابط وقيودا واضحة وصريحة لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتجاوزها ومن لم يلتزم بهذه الضوابط فقد وقع في المحظور المنهي عنه وهو الاختلاط المحرم، ومن التزم بها فقد دخل في إطار الاختلاط المباح».

واستطرد: «إذن فالعلماء حين يحرمون الاختلاط إنما يريدون الاختلاط المطلق عن القيود والضوابط أو ما يسمى بالاختلاط المستهتر الذي لا تؤمن معه الفتنة».

ويعرف الدكتور عبد اللطيف وهو الأب لـ4 من الأبناء حرصه على المبادرة في حل المسائل الفقهية التي تتسبب في جدل دائم في المجتمع السعودي مؤخرا مثل زواج القاصرات، والحجاب الشرعي، واجتماع المرأة مع غير المحارم في أماكن العمل، وفق نصوص شرعية، مع ذكر لأمثال للسلف الصالح، والمطالبة دائما بنص نصوص قانونية لتقييدها وعدم التجاوز في إصدار أحكام مطلقة.

ورغم أن تلك الطروحات تتعارض مع آراء متشددة، فإن آراءه لم تتصادم وتتسبب في إثارة جدل شخصي، أسوة مع شخصيات دينية أخرى، ويرجع السبب في ذلك إلى كثرة الحجج المبنية على شواهد شرعية في تأصيل المسألة، وهو ما عمل به الدكتور عبد اللطيف في آرائه. وكان يبين ما هو مباح وما هو محرم وما يجب أن يطبق وما يجب أن يقنن، وهو ما جعل آراءه محل تقدير من كل المجتمع.

شغل آل الشيخ الذي نشأ في العاصمة الرياض عدة مناصب في جهات حكومية كتعيينه مديرا عاما لإدارة التفتيش في الرئاسة العامة لإدارات البحوث بالتكليف، ومساعد أمين ثانٍ عام هيئة كبار العلماء بالمملكة، قبل أن يطلب التقاعد المبكر للتفرغ في دراسة الدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إضافة إلى تأسيسه وإشرافه على عدد من الجمعيات الخيرية.