مجلس النواب المغربي يجيز مشروع تعديل نظامه الداخلي

ينص على حضور رئيس الحكومة إلى البرلمان مرة في الشهر وتعزيز «حقوق» المعارضة

TT

أجاز مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) بالإجماع مشروع النظام الداخلي للمجلس الذي أدخلت عليه تعديلات جزئية ليتلاءم مع الدستور الجديد وليفسح المجال للحكومة لتقديم التصريح الحكومي وكذا القانون المالي (الموازنة). وفي غضون ذلك، أعلن كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، أن التعديل الشامل للنظام الداخلي للمجلس سيكون جاهزا في الدورة الربيعية.

وشهدت أول جلسة تشريعية لمجلس النواب، والتي عقدت الليلة قبل الماضية، جدلا بسبب إصرار فريق حزب التجمع الوطني للأحرار المعارض على طلب تأجيل عقد الجلسة بحجة أنه لم يتسن له الاطلاع بشكل دقيق على النسخة النهائية من مشروع النظام الداخلي للمجلس التي تضمنت عدة ثغرات، في رأيه. وأثار الطلب انتقادات من قبل فرق الأغلبية وحتى المعارضة، لأن الفريق تقدم بطلبه قبل وقت وجيز من انعقاد الجلسة التي حضرها جميع نواب البرلمان، ومنهم من أتى من مناطق بعيدة، كما أنهم عبروا عن استغرابهم للطلب بحكم أن التعديلات التي أدخلت على النظام الداخلي تمت بموافقة وإشراك جميع الفرق البرلمانية، الأمر الذي تسبب في رفع الجلسة لبعض الوقت بقصد التشاور، ليتم الاتفاق على استئنافها من جديد.

وعبر الصحافيون بدورهم عن استيائهم من عدم توفير كراسي في المكان المخصص لهم داخل القاعة بسبب أعمال الصيانة والتجهيز التي يشهدها المجلس، مما اضطرهم إلى متابعة الجلسة وقوفا، فأثار عبد الله البقالي، النائب البرلماني عن حزب الاستقلال، انتباه كريم غلاب رئيس مجلس النواب إلى هذا المشكل، إلا أنه لم يعلق.

ومن أبرز التعديلات التي أدخلت على النظام الداخلي الحالي والتي أعدتها لجنة تقنية، رفع عدد اللجان الدائمة في المجلس إلى ثماني لجان عوض ست، وإعادة توزيع اختصاصاتها، وذلك من أجل الرفع من وتيرة الإنتاج التشريعي للمجلس، وهي لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، ولجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، ولجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ولجنة المالية والتنمية الاقتصادية، ولجنة القطاعات الاجتماعية، ولجنة القطاعات الإنتاجية، ولجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة. ووفقا للنظام الداخلي الجديد سيحضر رئيس الحكومة إلى البرلمان مرة كل شهر للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة. وكان نواب البرلمان يشتكون من الغياب المستمر لرئيس الحكومة عن حضور جلسات البرلمان. وبخصوص الفرق والمجموعات النيابية، نص النظام الداخلي المعدل على ألا يقل عدد كل فريق برلماني عن عشرين عضوا من غير النواب المنتسبين، في حين حصر عدد المجموعة النيابية في أربعة أعضاء. كما سيتم تمديد الفترة الزمنية المخصصة لانعقاد الدورات من ثلاثة إلى أربعة أشهر.

وخصص النظام الداخلي الذي سيحال إلى المحكمة الدستورية التي ستبت في شأن مطابقته لأحكام الدستور، بابا لحقوق المعارضة كما تضمن ذلك الدستور، والمتمثلة في المشاركة في التشريع عن طريق التقدم بمقترحات قوانين، وفي مراقبة العمل الحكومي عن طريق ملتمس الرقابة ومساءلة الحكومة، بالإضافة إلى المساهمة في اقتراح الأعضاء المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية، ورئاسة لجنة دائمة أو لجنتين من بينهما لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.

وفي ما يتعلق بمشروع الموازنة، ينص النظام الداخلي الجديد على أن يحيط رئيس مجلس النواب رئيس مجلس المستشارين علما بإيداع الحكومة مشروع قانون المالية، وأن تعقد جلسة عامة مشتركة بين مجلسي البرلمان تعرض فيها الحكومة مشروع قانون المالية، وذلك حسب البرنامج المتفق عليه بين مجلسي البرلمان والحكومة.

أما لجان تقصي الحقائق التي يشكلها البرلمان، فينص النظام الداخلي لها على أنه لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت هذه المتابعات جارية، كما تنتهي مهمة كل لجنة سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها، ويتم تخصيص جلسة عامة لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق.

ويتوجب على 11 مؤسسة وهيئة عامة تقديم تقرير سنوي عن أعمالها أمام مجلس النواب، وهي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والهيئة المكلفة بالمناصفة، ومحاربة جميع أشكال التمييز، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعي.

وفي السياق ذاته، قال أحمد الزايدي، رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، أثناء مناقشته التعديلات المقترحة على النظام الداخلي للمجلس، إن الحكومة تأخرت في المجيء إلى البرلمان لتقديم البرنامج الحكومي، وأضاف «لا يعقل أن يبقى البرلمان في عطلة»، مشيرا إلى أن فريقه سيدعم كل عمل إيجابي تقوم به الحكومة، وأن التصويت لصالح التعديلات الجزئية التي أدخلت على النظام الداخلي لمجلس النواب «ليس سوى عربون على مصداقيتنا والتحلي بروح الموضوعية والحكمة باعتبارنا معارضة تقدم مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية».