اليهود الشرقيون والإثيوبيون يتحركون ضد مظاهر العنصرية في المجتمع الإسرائيلي

رددوا في مظاهرات صاخبة: يعاملوننا كما عومل اليهود في زمن النازية

TT

بعد سنين طويلة من دفنه تحت البساط، عاد لينفجر غضب اليهود الشرقيين في إسرائيل ضد العنصرية الممارسة ضدهم، وذلك في وقت تستعر فيه حملة احتجاج في أوساط اليهود الفلاشا (القادمين من إثيوبيا)، بسبب تفاقم العنصرية ضدهم. وكان غضب اليهود الشرقيين قد انفجر في أعقاب طرد مسؤول كبير في شركة استثمارات لأنه هاجم التمييز العنصري الذي يتعرض له في إسرائيل. والمسؤول هو شلومو معوز، وهو يهودي من أصل عراقي. وجاءت تصريحاته هذه في محاضرة ألقاها في كلية تعليمية في الجنوب، يوم الأربعاء الماضي.. فقال إن «التعامل مع اليهود الشرقيين تحسن كثيرا بالمقارنة مع السنوات الأولى للدولة، ولكنه لم يصل بعد إلى حد المساواة.. وإن التمييز ضد اليهود الشرقيين ما زال قائما. والنخبة الأشكنازية (اليهود من أصل غربي) ما زالت مسيطرة على المجتمع الإسرائيلي ومفاتيحه القيادية».

وأطلق معوز على اليهود الأشكناز لقب «البيض»، في تلميح إلى نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا. وقال إنهم (البيض) يمارسون عنصريتهم اليوم بوقاحة مذهلة. وبعد ثلاث ساعات من المحاضرة، عقد المجلس الإداري في شركة «إكسلانس»، التي يعمل فيها مديرا لدائرة استثمار ورجل اقتصاد أول، وقرر فصله من العمل فورا. وأثار هذا القرار موجة تصريحات معادية من مختلف أرجاء الخريطة الحزبية في إسرائيل، وخصوصا بين اليهود الشرقيين. وقال تشارلي بيطون، عضو الكنيست الأسبق وأحد مؤسسي حركة «الفهود السود»، التي قادت نضال اليهود الشرقيين ضد التمييز في سبعينات القرن الماضي، إنه يستغرب لماذا يصاب الإسرائيليون بالصدمة كلما قام أحد بوضعهم أمام المرآة ليروا فيها وجههم القبيح. وأضاف: «إن العنصرية متجذرة داخل المجتمع الإسرائيلي وتحتاج إلى علاج جذري ولكن الجميع يتهرب من هذا العلاج». ودعا قيادة الدولة إلى البحث عن حلول للمشكلة بدلا من معاقبة من يصرخ ضد هذه الظاهرة. وقال إن فصل معوز من العمل هو تصرف وحشي ولكنه ليس أول تصرف من نوعه. وأصدر حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بيانا يدين فصل معوز من وظيفته ويعلن أنه قام قبل عشرات السنين لكي يطلق صرخة اليهود الشرقيين ضد التمييز العنصري وما زال يصرخ لأن أحدا لا ينوي إيجاد تسوية جذرية للمعضلة. وكان نحو ثلاثة آلاف يهودي إثيوبي قد اقتحموا يوم الثلاثاء الماضي مقر الكنيست، احتجاجا على العنصرية ضدهم، عقب الكشف عن تجمعات لليهود البيض في بلدة «كريات ملآخي» في الجنوب تتفق فيما بينها على الامتناع عن بيع أو تأجير بيوت لليهود الإثيوبيين. وخرجوا في عدة مظاهرات يقارنون فيها ما بين التعامل معهم في إسرائيل وبين تعامل النازيين الألمان ضد اليهود البيض في ألمانيا وبقية دول أوروبا، ورفعوا شعارات يقولون فيها: «دمنا الأحمر يصلح فقط للحروب»، و«وجوهنا سود ولكن قلوبنا بيضاء، وأنتم وجوهكم بيض ولكن قلوبكم سوداء»، و«نتنياهو.. متى ستستنكر العنصرية؟».

وفي خطاب أمام المتظاهرين قال أحدهم، رحاميم إدنا يعقوب: «أن تكون إثيوبيا في إسرائيل يعني أن تكون منبوذا ومستضعفا وموضع شك. هناك من نسي الكارثة اليهودية في زمن ألمانيا النازية ويمارس نفس المنطق النازي في التعامل معنا». وطالب نتنياهو، بإجراء حساب نفس عميق بسبب أوضاع الإثيوبيين في إسرائيل. واقتحم متظاهرون آخرون مبنى الكنيست، فصرخت وزيرة الاستيعاب، صوفا لاندفار، وهي روسية الأصل: «يجب على الإثيوبيين أن يقولوا شكرا لدولة إسرائيل على أنها جلبتهم إلى هنا»، فأثار قولها موجة احتجاج أكبر. واضطر المسؤولون السياسيون إلى استنكار تصريحها، فهرع إليهم الرئيس شيمعون بيريس، في أحد الأحياء التي يقطنون بها في القدس، بزيارة غير مخططة وقال لهم: «على دولة إسرائيل أن تشكركم على أنكم جئتم وليس العكس».