أوباما يدعو نتنياهو للتوجه الإيجابي إزاء المفاوضات مع الفلسطينيين

جولتا محادثات أخريان في عمان يومي 21 و25 من الشهر الحالي

منظر عام لجدار الفصل الذي يحيط ببلدة قلنديا شمال مدينة القدس المحتلة (رويترز)
TT

في الوقت الذي اتهمت فيه أوروبا حكومة إسرائيل بتنفيذ «ترانسفير» قسري في المنطقة «ج» من الضفة الغربية، بهدف إحباط مشروع إقامة الدولة الفلسطينية، بموجب حل الدولتين، وردت فيه أوساط إسرائيلية باتهام أوروبا بالتحيز للفلسطينيين، سارع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لإجراء مكالمة هاتفية، الليلة قبل الماضية، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يحثه فيها على التوجه الإيجابي للمفاوضات الجارية في الأردن مع الفلسطينيين. وأجرت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، في الوقت نفسه محادثة شبيهة مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن). وقالت مصادر إسرائيلية إن نتنياهو شكا أمام أوباما، من «التحيز الأوروبي لصالح الفلسطينيين». ويتذمر من «أخطار التسلح النووي الإيراني». وينشد تدخله لتعزيز أمن إسرائيل في مواجهة «ما نجم عن التطورات المفاجئة في العالم العربي».

وجاءت هذه المكالمة على خلفية الكشف عن أن نتنياهو رفض تقديم مقترحات حول قضيتي الحدود والأمن خلال جلسة المفاوضات الاستكشافية الثانية في عمان، الاثنين الماضي، وقال رئيس وفده المفاوض، يتسحاق مولخو، إن الموعد النهائي لتقديم المقترحات هو ليس 26 من الشهر الحالي، كما حددته الرباعية الدولية بل «بعد شهرين من أول جولة مفاوضات». وهذا يعني أن الموعد المقرر هو في مطلع مارس (آذار) المقبل. الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون محاولة للمماطلة لا أكثر.

وذكرت المصادر الإسرائيلية أن الأردن حدد موعدا لجلستي حوار أخريين بين الطرفين، في 21 و25 يناير (كانون الثاني) الحالي، على أمل إنجاز شيء قبل الموعد، علما بأن العاهل الأردني، الملك عبد الله، سيتوجه إلى واشنطن يوم الثلاثاء المقبل لالتقاء أوباما والتباحث في إمكانية رفع مستوى التدخل الأميركي في عملية السلام من جديد. وأكدت هذه المصادر أن أوباما وكلينتون أكدا للطرفين أن واشنطن تريد بذل جهد أكبر لإنجاح عملية السلام، ولكنها في الوقت نفسه «لن تقوم مقام الأطراف نفسها في صنع السلام».

من جهتها، أيدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الموقف الفلسطيني في الخلاف، وكتبت افتتاحية قالت فيها إن «هذه ليست المرة التي يماطل فيها نتنياهو ولن تكون الأخيرة، عند البحث في القضايا التي تشكل لب الصراع». وذكرت بأن نتنياهو أفشل المفاوضات التي أدارها وأشرف عليها جورج ميتشل، مبعوث الرئيس أوباما إلى الشرق الأوسط، في مايو (أيار) 2010 أيضا بالطريقة نفسها، حيث امتنع عن إعطاء رد على المقترحات الأمنية التي عرضها الفلسطينيون (بعد أن تباحثوا فيها مع الأميركيين). وأفشل نتنياهو المفاوضات عندما رفض طلب الرباعية الموافقة على أن تكون مرجعيتها حدود 4 يونيو (حزيران) 1967. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو لا يطلب مهلة إضافية من أجل التقدم بمقترحات جديدة حول حجم انسحابه من الضفة الغربية، أو حول الترتيبات الأمنية. فهو لا يؤمن بالتسوية، ولن يغير رأيه خلال ستة أسابيع المقبلة. ويماطل في المفاوضات ويستغل الوقت لتوسيع البناء الاستيطاني في الضفة والقدس بطريقة غير مسؤولة، يتجاهل فيها المتغيرات الإقليمية ويزيد من عزلة إسرائيل ويلحق أضرارا بمصالحها القومية.

وكان وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، قد قام بجولة في بلدات الجنوب هاجم خلالها «خطأ» حكومة أرييل شارون في الانسحاب من قطاع غزة وتدمير 21 مستوطنة يهودية كانت مزروعة هناك. ودعا إلى «عدم تكرار الخطأ» في الضفة. وفي الوقت نفسه، وقبيل مكالمة نتنياهو مع أوباما بلحظات، قامت قوة من الجنود المبتدئين في الجيش الإسرائيلي قوامها 90 نفرا، بزيارة استفزازية داخل الحي الإسلامي في القدس الشرقية المحتلة، وهم يلوحون بالبالونات الملونة والأعلام الإسرائيلية ويغنون أغاني الجيش وأنشودة اليمين: «لا أحد نعتمد عليه سوى الله». ونظمت عصابة «عتيرت كوهنيم»، المعروفة بقيادة مشاريع تهويد القدس، شرحا عن «أهمية القدس لليهود وفقط لليهود». وتنكرت قيادة الجيش لهذا الاستفزاز، وطالبت القوى السياسية في إسرائيل أن تبقي الجيش خارج النقاشات والخلافات الحزبية. ولكن العصابة المذكورة نشرت بيانا، أمس، أوضحت فيه أن الجولة نظمت بالتنسيق مع الجيش، وأن عدة ضباط، أحدهم برتبة رائد، رافقوا الجنود في جولتهم، وأنهم دعوا إلى وليمة في مقر الجمعية داخل أسوار القدس، وأن هذه الجولة باتت تقليدا تقيمه «عتيرت كوهنيم» في كل سنة تعبيرا عن توجهها الصهيوني بعناق واحتضان سلاح المظليين في الجيش الإسرائيلي.

إلى ذلك قالت مصادر إسرائيلية إن الوثيقة الأوروبية الخاصة بالمنطقة «ج» في الضفة الغربية، وفق تصنيفات اتفاقيات أوسلو، تتهم إسرائيل بتنفيذ «ترانسفير» قسري في المنطقة «ج»، بهدف إحباط مشروع إقامة دولة فلسطينية بموجب حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي. وقال دبلوماسي أوروبي لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن ما يميز الوثيقة هو أن الدول الأوروبية؛ من آيرلندا إلى هولندا، تتوافق عليها. ولدى تناولها الوضع الجغرافي والقانوني في المنطقة «ج»، أشارت الوثيقة إلى سياسة تخطيط إسرائيلية تشجع من جهة بناء المستوطنات وتمنع من الجهة الأخرى البناء الفلسطيني وتقوم بهدم البيوت التي تم بناؤها بادعاء أنها بنيت من دون تراخيص، فضلا عن منع تطوير البنى التحتية وفرض القيود على حركة الفلسطينيين ومنع استغلال الموارد الطبيعية والمياه.