واشنطن: التعرف على اثنين من الأميركيين الأربعة في شريط «انتهاك حرمة جثث طالبان»

لا مظاهرات في كابل بعد صلاة الجمعة

TT

أثار تسجيل مصور يظهر على ما يبدو جنودا أميركيين يتبولون على جثث مقاتلين من طالبان غضبا في أفغانستان ووعدت الولايات المتحدة بالتحقيق فيه، لكن متحدثا باسم الحركة الأفغانية قال إنه لن يؤثر على جهود الوساطة لإجراء محادثات سلام. ويظهر التسجيل المصور الذي نشر على موقع «يوتيوب» ومواقع أخرى على الإنترنت أربعة رجال بملابس القتال المموهة يبولون على جثث ثلاثة قتلى من طالبان. ويقول أحدهم مازحا أتمنى لك يوما لطيفا يا صديقي. وقال الآخر مزحة بذيئة.

وأدان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أول من أمس الفيديو الذي تبلغ مدته 39 ثانية، ويظهر فيه أربعة من جنود مشاة البحرية الأميركية (المارينز) وهم يتبولون على جثث في مكان غير معروف في أفغانستان. ووصف كرزاي في بيان تصرف الرجال الأربعة بأنه غير إنساني وطالب بالتحقيق في الأمر.

وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا «شاهدت اللقطات المصورة ووجدت أن السلوك الذي ظهر بها مستهجن بشكل قاطع.. أولئك الذين يثبت أنهم ضالعون في مثل هذا السلوك سيحاسبون إلى أقصى درجة». وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن بانيتا اتصل هاتفيا بالرئيس الأفغاني لشجب هذه الأفعال المصورة في الفيديو التي وصفها بأنها «مؤسفة» وتستوجب تحقيقا فوريا. وقال الجنرال مارتن ديمسي رئيس هيئة الأركان الأميركية إن الأفعال التي أظهرها الفيديو غير مشروعة.

وقال مسؤول في سلاح مشاة البحرية الأميركية لـ«رويترز»، طالبا ألا ينشر اسمه، إنه أمكن تحديد هوية اثنين من مشاة البحرية الأربعة الذين شوهدوا في تسجيل مصور وهم يبولون على جثث قتلى من أعضاء حركة طالبان. وأضاف المسؤول «إن سلاح مشاة البحرية يعتقد أن التسجيل المصور صحيح».

لكن البنتاغون لم يصل إلى حد التأكيد الرسمي على أن الفيديو حقيقي. وقال بانيتا إنه لم يتم بعد التوصل إلى «نتيجة مؤكدة للأمر».

ويأتي نشر الفيديو في وقت حرج تسعى فيه واشنطن إلى تعزيز المصالحة في أفغانستان مع قيام القوات الأميركية بالانسحاب تدريجيا من البلاد. ومن المرجح أن يثير الفيديو مشاعر قوية مناهضة للولايات المتحدة في أفغانستان بعد عشر سنوات من الحرب التي شهدت انتهاكات أخرى. ويمكن أن يعقد هذا جهود المصالحة مع الانسحاب التدريجي للقوات الأجنبية.

وقال رسالة رحماني، وهو عضو كبير في المجلس الأعلى للسلام التابع للحكومة الأفغانية لـ«رويترز»: «مثل هذه الأفعال تترك أثرا سيئا للغاية على جهود السلام».

وبعد أن لاح في الأفق أمل في نجاح الجهود الأميركية طوال أشهر لإجراء محادثات سلام أفغانية أطلقت الإدارة الأميركية جولة جديدة من الجهود الدبلوماسية المكوكية بهدف إبرام اتفاق مع متمردي طالبان يسمح بفتح مكتب سياسي يمثلهم في دولة قطر في الخليج.

ويبدأ السفير مارك جروسمان الممثل الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما في أفغانستان وباكستان في مطلع الأسبوع نشاطا دبلوماسيا يشمل إجراء محادثات مع الرئيس الأفغاني كرزاي في كابل ويزور قطر لإجراء مباحثات مع الحكومتين الأفغانية والقطرية وأيضا كبار المسؤولين في دول منها تركيا والمملكة العربية السعودية.

ورغم المخاوف من أن يؤثر الفيديو على إجراءات بناء الثقة بين أطراف الصراع في أفغانستان قال متحدث باسم طالبان إن الصور صادمة، لكن الفيديو لن يؤثر على المحادثات أو على تبادل محتمل للسجناء. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة أول من أمس «نعرف أن بلادنا محتلة. هذه ليست عملية سياسية لذا لن يضر التسجيل المصور بمحادثاتنا وتبادل السجناء لأن المسألة في مرحلتها الأولية».

وساد الهدوء أمس (الجمعة) في أفغانستان، حيث كان يتوقع حدوث مظاهرات عنيفة ضد الأميركيين بعد صلاة الجمعة بعد يومين على نشر الفيديو، ويبدو أن الاستياء العام الذي أثارته تلك الصور أول من أمس في صفوف ائتلاف الحلف الأطلسي الذي يقاتل المتمردين وفي الحكومة الأفغانية لم ينتقل إلى الشارع بعد علما بأنه غالبا ما يرد بعنف على أي سلوك للجنود الأجانب يعتبره مهينا. لكن في حالات أخرى في السنوات الأخيرة، ولا سيما عند تدنيس القرآن أو مقتل مدنيين أفغان بدا أن المظاهرات قد تستغرق أياما لتحصل. ففي كابل لم يتطرق أمام الجامع الرئيسي في العاصمة في خطبة الجمعة وتفرق المصلون بهدوء بعدئذ، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وفي حالات سابقة أثارت خطب الأئمة على الفور مظاهرات مناهضة للأميركيين أو للغرب عند الخروج من المساجد. غير أن التلفزيونات الأفغانية بثت الفيديو بكثافة منذ الأربعاء. لكن عددا من المصلين الذين تم الحديث معهم بعد صلاة الجمعة أبدوا امتعاضهم وأعربوا أحيانا عن رغبة بالانتقام. وقال العامل وحد الله الذي يبلغ العشرين من العمر «إنه عمل حيواني ومدان في جميع الأديان». وتابع «في البدء يقتلون الأفغان في بلادهم ثم يبولون على جثثهم، هذا غير مقبول، ينبغي تعريضهم للمصير نفسه». وصرح المتحدث باسم مشاة البحرية (المارينز) الكولونيل جوزيف بلينزلر «نعتقد أننا تعرفنا إلى الوحدة المعنية. لكن لا يسعنا الكشف عنها حاليا لأن الحادثة ما زالت قيد التحقيق». وقال مسؤول عسكري رفيع لوكالة الصحافة الفرنسية إن البنتاغون تعرف على الأرجح إلى الجنود الأربعة المعنيين. وشريط الفيديو هذا الذي بث على شبكة الإنترنت وتم تصويره على الأرجح خلال عملية في أفغانستان بدا فيه عسكريون أربعة يتضاحكون وهم يبولون على ثلاث جثث تغطيها الدماء وهم على علم بأن شخصا آخر يقوم بتصويرهم. وقال المحلل والكاتب الصحافي الأفغاني ماتي خاروتي «أعتقد أن البعض في الحكومة عملوا بجهد كبير للتغطية على القضية». وتابع «لكن هذا لا يعني ألا شيء سيحدث، فوصول المعلومات إلى الناس يستغرق أحيانا بعض الوقت، لذلك أعتقد أنه يرجح أن نشهد ردود فعل غاضبة في الأيام المقبلة». من جهته، قال قاري يوسف أحمد من حركة طالبان في مقابلة مع «بي بي سي» إن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الأميركيون بهذه «الأعمال الوحشية» وإن هجمات طالبان على الأميركيين ستستمر.