مصر: أسئلة نصف العام الدراسي تثير غضب أولياء الأمور

تضمنت غزلا في «الإخوان» و«العسكري».. ووصفت الثوار بالمخربين

TT

أعرب ما تحته خط: «وفي المقابل شاهدنا الثوار، بل المفسدين يدمرون تاريخ البلد، حيث أحرقوا مجمع البحث العلمي» أو «اكتب موضوعا تشكر فيه المجلس العسكري على حمايته للثورة» أو «اكتب برقية لتهنئة حزب الحرية والعدالة بمناسبة فوزه في الانتخابات».. صدمت هذه الأفكار التي تضمنها امتحان نصف العام الدراسي في مادة اللغة العربية، الكثير من التلاميذ في المدارس المصرية، وامتدت الصدمة إلى أولياء الأمور والشارع السياسي. فكما يقول أحد أولياء الأمور «إن التلاميذ الصغار لم يعودوا صغارا، وسئموا من الطاعة العمياء، كما أنهم ليسوا مجبرين للإجابة عن أسئلة مغرضة، لا تعبر عن الواقع بشكل حقيقي».

صفوت زكريا، طالب في الصف الثالث الإعدادي، يقول: «أنا شاركت في المظاهرات في ميدان التحرير وهتفت (يسقط مبارك)، وكنت سعيدا جدا، لكن اللي وضعوا الامتحانات بيكرهوا الثورة، دول (فلول)». ويقول يوسف أحمد، أحد طلاب الصف الثالث الابتدائي، «الثورة كويسة ومبارك سرق مصر، وأنا لو حد طلب مني أكتب حاجة وحشة عن الثورة هسيب الامتحان وأمشي أو هكتب لهم الشعب يريد إسقاط النظام على الورقة».

كلمات أحمد الذي لم يتجاوز عمره 10سنوات، قد تعبر عن تلك المقاومة الورقية لهؤلاء التلاميذ الذين خرجوا أفواجا من مدارسهم يتدفقون إلى ميدان التحرير إبان الثورة باعثين فيه هواء نقيا، وسطروا بأيديهم حكايات الثورة على كراريسهم، إلا أنهم يوم الامتحان وقعوا بين مطرقة النتيجة وسندان رفض الإجابة والانصياع لخطأ يشوه الحقيقة.

وشهدت امتحانات نصف العام الدراسي الذي لا يزال الكثير منها مستمرا، الكثير من الوقائع التي أشارت إلى الثوار بلفظ المخربين، ومجدت المجلس العسكري الحاكم وحزب الإخوان، ففي امتحان الشهادة الابتدائية في مصر في إحدى مدارس محافظة الشرقية تفاجأ الطلاب بموضوع تعبيري يطلب منهم كتابة موضوع لتوجيه الشكر للمجلس العسكري لإدارته الشجاعة للفترة الانتقالية، ولم تتوقف الأمور عند ذلك بل امتد لطلب كتابة برقية تهنئة لحزب الحرية والعدالة بمناسبة فوزهم بأغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات مجلس الشعب المصري.

ولم تتوقف الأمور عند مجرد واقعة لمطالبة أطفال، لم يبلغ أكبرهم عمرا خمس عشرة عاما، بالتهليل لهذا أو تمجيد هذا أو حتى تهنئة ذراع الإخوان السياسية على صفحات الإجابة، بل إن الأمر كما يقول الخبير التربوي الدكتور سامي نصار، عميد معهد الدراسات والبحوث التربوية، يتعدى كل هذه الأمور إلى محاولة رسم الصورة وترسيخ تصورات معينة يتشكل منها وجدان هؤلاء الأطفال، وهو ما ظهر جليا في امتحان الصف الأول الثانوي بإحدى مدارس الإسكندرية، حيث دعا واضعو السؤال الطلاب إلى الكتابة عن احتياج المصريين للعمل أكثر من التظاهر، وما يهدف به هذا الأمر من محاولة تصوير التظاهر بأنه مضاد للعمل، واتهمت قطعة النحو في امتحان اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي بمحافظة الشرقية، الثوار بأنهم «مفسدون أحرقوا المجمع العلمي، دمروا تاريخ البلاد وقلوبهم فرحة».

ولم تقتصر هذه الوقائع على القاهرة الكبرى أو محافظات الشمال، ولكنها امتدت لمحافظات صعيد مصر، ففي مدرسة الجواهين بجرجا بسوهاج طلب واضعو الامتحان من طلاب الصف الأول الإعدادي أن يكتبوا عن معنى «الحرية والعدالة» (اسم حزب الإخوان)، باعتبارهما ميزان الهناء والسرور في الحياة، وهو ما يرفضه الدكتور نصار، مؤكدا أن هذه الممارسات هي نتائج خضوع النظام التعليمي المصري لمدة 60 عاما لسيطرة الحزب الحاكم وسيطرة فكر واحد، بدلا من تعلم قيم العدل والحرية والمواطنة.