مقتل 57 شخصا في تجدد الاشتباكات في ولاية جونقلي بجنوب السودان.. وجوبا تنفي وجود تمرد وسط قواتها

رئيس تحرير «ألوان» لـ «الشرق الأوسط»: إغلاق الصحيفة ستكون له تداعيات

TT

لقي 57 شخصا حتفهم، معظمهم من النساء والأطفال في موجة جديدة من الاشتباكات القبلية التي تشهدها ولاية جونقلي في الآونة الأخيرة بين قبيلتي لو نوير والمورلي. وقالت حكومة الولاية إن رجالا مسلحين من قبيلة المورلي في زي عسكري هاجموا قرى تتبع لقبيلة لو نوير للثأر منها بعد الهجوم الذي كانت شنته الأخيرة مع بداية هذا العام، في الوقت الذي نفى فيه جيش جنوب السودان وجود تمرد في صفوفه، وقال إن الذين قاموا بالهجوم المسلح هم بقايا ميليشيات كانت تتبع للقوات المسلحة الشمالية لم يتم استيعابهم في الجيش الجنوبي.

وقال الدكتور برنابا مريال بنجامين وزير الإعلام في جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة من قبيلة المورلي قاموا بالهجوم على بعض القرى التابعة لقبيلة لو نوير وقتلوا 57 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن الدولة تقوم بنزع السلاح من كافة القبائل. وأضاف أن القوات المسلحة لجنوب السودان تقوم بواجباتها في بسط الأمن بإعادة انتشارها مع القوات النظامية الأخرى من الشرطة والأمن، نافيا بشدة وجود مناطق خارج سيطرة الدولة الجديدة. وقال «الأحداث تشهدها بعض القرى بين قبيلتي المورلي واللو نوير في ولاية جونقلي في تبادل لأخذ الثأر بينهما في خطف النساء والأطفال والأبقار».

وأضاف أن ولايات دولة جنوب السودان التسع الأخرى من ضمن عشر ولايات مستقرة ولا تشهد عنفا. وقال إن الحكومة تعمل الآن ضمن خطتها عقد مصالحات بين القبائل لا سيما قبيلتي المورلي ولو نوير إلى جانب تقديم الخدمات برصف الطرق لتسهيل نشر الشرطة بالسرعة وهذه كانت من ضمن قرارات الحكومة عندما اندلع الاقتتال في المنطقة. وتابع: «مسألة نزع السلاح من المدنيين ستأخذ وقتا، ولكننا ماضون فيها».

من جانبه، نفى فيليب أقوير المتحدث باسم جيش جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» وجود تمرد في صفوف الجيش من قبل عناصر قبيلة المورلي. وقال إن قيادة القوات المسلحة في جوبا لم يصلها أن هناك تمردا في صفوف قواتها، مشيرا إلى أن بعضا من ميليشيات كانت تتبع للقوات المسلحة السودانية وصلت دولة جنوب السودان لم يتم استيعابهم في الجيش الشعبي.

وقال مناوا بيتر وزير البنية التحتية في حكومة ولاية جونقلي بدولة جنوب السودان «الشرق الأوسط» إن أعدادا محدودة من أنباء قبيلة المورلي قاموا بهجوم مسلح على بلدة تيام بأيام في جونقلي. وأضاف أن هجوما آخر كان قد وقع على بلدتي وال قاك ودينق جوك الأسبوع الماضي بعد أيام قليلة من إعلان مجلس الوزراء في جوبا أن ولاية جونقلي منطقة كوارث إنسانية، معتبرا أن الهجوم انتقامي من قبلية المورلي على قبيلة لونوير التي سبق أن هاجمت مدينة بيبور التي تسكنها المورلي في بداية هذا العام، مشيرا إلى أن البلدة التي تم الهجوم عليها خالية من الوجود الحكومي من شرطة وقوات مسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى، مبديا تخوفه من أن تعود الاشتباكات من جديد في الثارات الانتقامية من طرف على الآخر بعد كل هجوم. وأضاف أن الحكومة المركزية ستبدأ في خلق منطقة عازلة برصف طريق يربط بيبور مع مدينة بور إلى جانب إعادة نشر القوات المسلحة وتوطين الزراعة لقبيلة المورلي.

وقال حسين خوجلي رئيس تحرير صحيفة «ألوان» السودانية لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن قوات الأمن السودانية أغلقت الصحيفة دون إبداء الأسباب التي أدت إلى الإغلاق الأمني للصحيفة، لا شفاهة ولا كتابة، كل الذي حدث أن الفريق محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني أصدر قرارا بإيقاف صدور الصحيفة إلى أجل غير مسمى، وتجميد أصولها، ومصادرة ممتلكاتها، وأن قوات الأمن تحتل مبنى الصحيفة الآن». وأضاف خوجلي أنه سبق أن صادر جهاز الأمن عددين من أعداد الصحيفة خلال الأيام القليلة الماضية، بعد طباعتها وإعداده للتوزيع، لإحداث أكبر قدر من الخسارة المادية، مشيرا إلى أنه على الرغم من عدم ذكر أسباب المضايقات الأمنية بالمصادرة والإغلاق، فالراجح أن السبب في ذلك أن الصحيفة ومن خلال ممارسة صحافية عادية للحريات المتاحة أجرت حوارا مع الدكتورة لبابة الفضل التي أكدت عدم انتمائها لأي جهة سياسية في الوقت الراهن، على الرغم من أنها ناشطة سياسية إسلامية معروفة، وأوردت في ذلك الحوار تفاصيل عن تجربتها السياسية، وهي مطلقة لأحد قيادات جهاز الأمن، وابنها من الكوادر الوسيطة في الجهاز، ربما يكون ذلك من الأسباب التي دعت الجهاز إلى إغلاق الصحيفة. ولقد درجت «ألوان» في إجراء مثل هذه الحوارات مع قيادات وناشطين سياسيين من أحزاب المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي والأمة القومي والاتحادي والشيوعي والبعث وغيرها في إطار الممارسات الصحافية العادية للحريات المتاحة.

وقال رئيس تحرير «ألوان»: «إن إيقاف الصحيفة أحدث حراكا وسط القوى المعارضة والصحف وشباب الصحافيين، ويمكن أن تكون له تداعيات على الممارسة الصحافية والسياسية في المرحلة المقبلة».

وأن هذا الإيقاف ومن قبله إيقاف صحيفة «رأي الشعب» أخيرا، يشير إلى أن «هناك استراتيجية إعلامية من قوى أمنية وحزبية (المؤتمر الوطني) لإعادة تشكيل الخارطة الإعلامية لمواجهة الوسائل الإعلامية المصنفة بأنها لها جرأة استثنائية في أدائها الإعلامي والصحافي، من خلال المضايقات الأمنية، والتعامل معها أمنيا، مصادرة وإيقافا في المرحلة المقبلة».

وقال حسين خوجلي «إن هذا الإيقاف سيشرد نحو 150 من الصحافيين والفنيين والعاملين في الصحيفة، ولكن الدرس الذي تعلمناه من هذا الإيقاف أن زمان الكلمة الرمادية في السودان قد انتهى، وستتولد صحافة جديدة تنتمي بالكامل للجماهير».

وعن تأثير هذا القرار الأمني على فضائية «أم درمان»، قال: «سنراهن على العاقلين في جهاز الأمن حتى لا تتوقف هذه الأجهزة الإعلامية، وستعود - إن شاء الله تعالى - أكثر قوة وإشراقا ورسالة، كما حدث من قبل».

يذكر أن صحيفة «ألوان» هي واحدة من أقدم الصحف في السودان، وتعتبر الصحيفة مقربة من الحركة الإسلامية في السودان.

ويقول صحافيون سودانيون إنهم يواجهون معدلات متزايدة من المضايقات من الأجهزة الأمنية إذا انتقدوا الحكومة في مقالاتهم أو قاموا بتغطية قضايا حساسة. ويضيفون أن القضايا الحساسة تشمل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان منذ انفصال الجنوب عنه في يوليو (تموز) الماضي.

وكانت قوات الأمن السودانية أغلقت في وقت سابق من هذا الشهر صحيفة «رأي الشعب» التي يصدرها حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي يقوده الدكتور حسن الترابي. وقال رؤساء تحرير صحف إن قوات الأمن صادرت أعدادا بالكامل من صحف مستقلة على مدى الشهور القليلة الماضية.