تونس: الغنوشي يهب لتبرئة ساحة حكومة الجبالي

قال إن الشعارات المعادية لليهود لا تنم عن روح الإسلام ولا عن تعاليمه

TT

قلل راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة من حدة الخلاف الدائر بين السلطات الجديدة في تونس ويهود فرنسا ومن ورائه بقية اليهود في العالم بعد هتافات منادية بالقضاء عليهم، رافقت زيارة إسماعيل هنية رئيس حركة حماس إلى تونس خلال الأسبوع الماضي. وقال في بيان صدر حاملا لتوقيعه إن «الشعارات السابقة لا تنم عن روح الإسلام ولا عن تعاليمه» وأردف أن «من قاموا بترديد تلك الشعارات تيار هامشي أراد المزايدة على حركة النهضة».

واستنكر الغنوشي الحملة التي تقودها لوبيات أوروبية ضد تونس ملتجئة في ذلك إلى عبارات «فوبيا الإسلام» و«معاداة السامية». واعتبر الغنوشي في بيانه أن اليهود في تونس تونسيون لهم كامل الحقوق والواجبات مثل بقية التونسيين.

وباتت تصريحات المنتسبين لحركة النهضة تؤرق حكومة حمادي الجبالي وتضيق الخناق عليها، فالمجاهرة بمعاداة اليهود ورفع شعارات تنادي بالقضاء على اليهود على غرار «قتل اليهود فرض عين» خلفت جدلا واسعا حول مدى سيطرة الحركة على قواعدها، وقد سارع راشد الغنوشي إلى إعادة الأمور إلى نصابها مدافعا عن الثورة التونسية مستنكرا الهاتفات التي رافقت زيارة إسماعيل هنية إلى تونس بدعوة من حركة النهضة خلال الأسبوع الماضي. وكان سيلفان شالوم نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية قد دعا في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي يهود تونس إلى الهجرة إلى إسرائيل والاستقرار هناك. وكانت أطراف يهودية قد استغلت رفع تلك الشعارات في تونس لشن هجوم كاسح على تونس وعلى الثورة التونسية في فرنسا وخاصة على القطاع السياحي.

وتعرف الثورة التونسية منذ اندلاعها هجوما من قبل إسرائيل، وقد انتشرت الثورات في بقية البلدان العربية وأفرزت صعود الإسلاميين إلى السلطة في معظم تلك الدول وهو ما جعل الإسرائيليين يسعون إلى إجهاض البعض منها. وعملت إسرائيل على تحريض اليهود التونسيين المقدر عددهم بنحو 1500 يهودي معظمهم في تونس العاصمة وفي جزيرة جربة على الهجرة إليها، لكن بيريز الطرابلسي قال في تصريحات «لا يوجد صهاينة في تونس، ولا نريد إدخالنا في مشكلة الشرق الأوسط لأن تونس هي بلدنا». وعبر ممثلون عن الطائفة اليهودية في تونس عن تخوفهم من الشعارات التي رفعت ودعوا التونسيين إلى التفرقة بين اليهود والصهاينة وهو نفس التصريح الذي أدلى به إسماعيل هنية على أثر تلك الهجمة التي شنتها لوبيات أوروبية على تونس.

وقد طمأن الدستور التونسي المؤقت اليهود حين أقر احترام الحريات لجميع التونسيين بقطع النظر عن دياناتهم. وأدلى راشد الغنوشي بحوار إلى صحيفة «لو مترو» الموزعة مجانا في فرنسا، أكد من خلاله على أن «التطرف والإرهاب يمثلان الخطر الحقيقي على الإسلام والمسلمين» وأضاف أن تمثيل الإسلام على أساس أنه دين تعصب هو الذي يمثل خطرا على الإسلام ذاته.

وتخوض حركة النهضة حربا صامتة مع مجموعات سلفية غالبا ما تنتقد مواقف حركة النهضة من عديد القضايا وخاصة النقاب إلا أنها لا تود مواجهة تلك المجموعات القادرة على زعزعة استقرار منشود بالنسبة لها. كما تشير بعض التحاليل السياسية إلى أن حركة النهضة تسعى للاستفادة من مواقف التيارات المتشددة حيث تتم المقارنة بينها وبين تلك الحركات وهو ما قد يخلف قبولا لدى الشارع بحركة النهضة من خلال مواقفها المعتدلة. كما تشير مصادر صحافية إلى وجود فجوة بين قيادات حركة النهضة وأنصارها المندفعين بقوة للتعبير عن آرائهم في المجتمع التي غالبا ما لا تتوافق مع سياسة القيادة الجديدة. ويطرح عندئذ موضوع ضعف سيطرة الحركة على أنصارها من عدمه.

حول هذا الموضوع، قال عبد الحميد الجلاصي المسؤول عن التنظيم والهيكلة في حركة النهضة، الحركة قادرة على ضبط أنصارها وهي لا تقدر على التعامل بأساليب الإقصاء أو الالتجاء إلى العنف وهي تعتمد على الطرق السياسية والمحاورة في حل الخلافات الممكنة. وطمأن الجلاصي التونسيين بأن الحركة ستمنع كل مظاهر الانزلاق إلى الفوضى أو الأعمال غير المسؤولة دون أن يبين طريقة المنع تلك كيف ستكون في ظل مطالب متعددة بضمان الحريات الفردية والجماعية.