مواطنون عراقيون ومغتربون يطلقون حملة وطنية لمناهضة الطائفية

المنظمون لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لتشريع قانون يجرم السلوكيات الطائفية وتعديل فقرات الدستور

TT

أطلق ناشطون مواطنون عراقيون ومغتربون، أول من أمس، حملة وطنية عبر شبكة التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، تدعو لتحشيد الجهود لأجل مناهضة الطائفية، وبناء عراق مدني متسامح، وسن قانون لتجريم السلوكيات المؤيدة للطائفية، ومراجعة بعض فقرات الدستور العراقي الخاصة بالطائفة، وتعديل وحذف أي إشارة لا تناسب إقامة مجتمع مدني متسامح.

وتأتي الحملة في وقت تزايدت معه مخاوف العراقيين من عودة الطائفية إلى بلادهم، بعد الانسحاب الأميركي أمام تنامي الصراعات حول السلطة بين الطبقة الحاكمة، ودعوات إنشاء الأقاليم في المناطق السنية خصوصا لشعورهم بالتهميش والإقصاء مقابل هيمنة الطائفية الشيعية على مقاليد الحكم والتدخلات الإيرانية.

وحددت الحملة التي شارك فيها الكثير من النخب الثقافية والأكاديمية، أهدافها بمحاربة الطائفية بكل صورها وإلى وضع مصلحة البلاد في المقام الأول، وحماية مستقبل العراق من الآثار المدمرة للطائفية (كما وصفوها) وإلى الإقرار بأن جميع المواطنين في بلادهم عراقيون على الرغم من اختلاف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم، وإلى معاقبة كل السلوكيات الدارجة حاليا، التي تعزز العنصرية والطائفية، وضمنها المناهج الدراسية.

وقال مؤسس جمعية «بغداد الفتاة» التي انطلقت منها الحملة، الشاعر والإعلامي عبد الخالق كيطان، لـ«الشرق الأوسط»: «من غير الممكن بناء عراق مدني ديمقراطي، من دون أن نشرع في ثورة ضد الطائفية والطائفيين، لافتا إلى أن «الحملة يشارك فيها ويؤازرها عدد كبير من النخب الثقافية والإعلامية والشخصيات المعروفة، ومعظمهم مواطنون عراقيون ومغتربون، وهي باكورة أعمال جمعية بغداد الفتاة التي انطلقت قبل أربعة أشهر من على شبكة التواصل الاجتماعي».

وأضاف كيطان: «إن الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا حيث التوتر والتصعيد الطائفي خلصت لأهمية التصدي لها بحملات مدنية سلمية مستمرة، توجه رسالتها للمجتمع العراقي والحكومات والطبقة السياسية على وجه الخصوص، لأجل حماية مستقبل العراق وحفظ تجربته الديمقراطية الوليدة من وباء الطائفية». وأكد أن «الحملة تركز على العناية بمناهج التعليم في العراق، ابتداء من أولى المراحل الدراسية.. وإعادة النظر في المناهج المدرسية التي تتضمن إشارات طائفية ودعوة الذين يشتغلون في التربية والتعليم، إلى مؤازرة «الحملة الوطنية لمناهضة الطائفية» بالكثير من الوسائل البسيطة والممكنة، إضافة إلى تبني ثقافة فصل الدين عن الدولة.. ووضع احترام المواطن فوق كل اعتبار مهما كانت انتماءاته».

وتابع كيطان القول: «ستواصل الحملة فعالياتها الشعبية والرسمية التي تهدف لمناهضة الفكر الطائفي، عبر الوسائل السلمية المتاحة ودعوة منظمات المجتمع المدني، والنقابات، والشخصيات، ووسائل الإعلام عبر نبذ الطائفية في مؤسساتهم وإلى دعم الحملة بالوسائل الممكنة».

وقالت القاصة والروائية، لطفية الدليمي، المشاركة في الحملة لـ«الشرق الأوسط»: «الطائفية مرض عضال في العراق، ولا بد من استئصاله بكل التوجهات والحركات المدنية، إذ إن الممارسات اليومية تفصح عن واقع مؤلم, لا إنساني وغير أخلاقي»، مؤكدة أن «العمل المدني المنظم, المنطلق من أهداف حقيقية للتغيير بمشاركة نخب واعية، هو بمثابة رد أخلاقي مدني من قبل المعترضين على واقعنا المزري الذي تردى به الحال حد السخرية, والعودة بنا نحو عصور التجهيل المتعمد».

ولفتت الدليمي إلى أن «كل حركة مدنية حتى لو كانت بنظر من اعتاد إخراس الصوت الآخر بالعنف، هي بمثابة إطلاق نداء لاستحثاث الناس للمطالبة بأمنهم وحياتهم.. وأي حركة اعتراض شعبية تنمو بسبب تفاقم أوضاع الناس ستجمع حولها الكثير ممن يحملون نفس الأفكار.. وكل هذا لا بد أن يُحدث تغييرا إيجابيا ندفع باتجاهه».

وعن جدوى حملات كهذه، وإمكانية أن تؤثر على مستوى الخطاب الحكومي والمجتمعي، وكذلك في ممارسة الضغط على المؤسسات التي ترعى الطائفية، قالت الأديبة والإعلامية المغتربة، ذكرى محمد نادر: «الجدوى تكمن في عمل حركة قوى مدنية، لممارسة ضغط فاعل على الحكومة والمؤسسات بالدولة والبرلمان.. فالخراب الذي سببته نزاعاتهم الطائفية, أصبحت معيبة ومخلة بالحاضر والمستقبل». وأضافت: «صرنا نعيش فوق قنبلة موقوتة، ونمشي بين حقل ألغام.. بدءا من رياض الأطفال، مرورا بكل تفاصيل الحياة اليومية, وحتى رأس هرم الدولة».

ووجدت أن ممارسة «الضغط السلمي المدني على الحكومة والبرلمان سيكشف النوايا الحقيقية الخافية خلف الخطاب السياسي المنمق المعد سلفا».