جولة رئيس الوزراءالصيني الخليجية تعكس تغيرا تجاه إيران

محللون: بكين ستحدد سياستها في ضوء تقديرها لقدرة النظام الإيراني على البقاء من عدمه

TT

بدا رئيس مجلس الوزراء الصيني، وين جياباو جولة خليجية تشمل السعودية وقطر والإمارات المتحدة لستة أيام. وتعد زيارة المملكة العربية السعودية هي الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء صيني منذ عقدين، ولم يقُم أي مسؤول صيني بزيارة الدولتين الأخريين من قبل. مع ذلك يرى بعض الخبراء سببا مختلفا وراء القيام بهذه الجولة، حيث تأتي في وقت يلوح فيه ضعف تحالف الصين الاستراتيجي مع إيران.ومن المؤكد أنه ستتم مناقشة العلاقات الصينية - الإيرانية، التي تعد مثار قلق.. لقد ظلت إيران لعقود تزود الصين بالنفط وتمثل لها موطئ قدم في الشرق الأوسط الذي تهمين عليه الولايات المتحدة. في المقابل، كانت تحصل إيران على علاقات تجارية مثمرة وتأييد قوي في الأمم المتحدة وفي الدوائر الدبلوماسية الأخرى، لكن الأزمة الإيرانية الأخيرة وضعت هذه العلاقة تحت ضغوط أكبر، على حد قول محللين. ويعد أكبر ضغط هو طلب الولايات المتحدة من الصين خفض مشترياتها من النفط الإيراني، بحسب الاتفاق الذي وقع عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث من الممكن أن يترتب على رفضها طرد الكثير من المؤسسات المالية الصينية من النظام المالي الأميركي. رغم أنه كان أمام البيت الأبيض خيارات عدة للضغط على إيران، تعد هذه العقوبات أكثرها قسوة وصرامة في الضغط على إيران للتوقف عن الاستمرار في برنامجها النووي.

يضع عزم الاتحاد الأوروبي والأطراف الأخرى على منع شراء النفط من إيران، الصينيين في موقف مخز بين القوى الغربية إذا ما اختارت الحفاظ على علاقتها بإيران. وتزيد أحداث العام الماضي، وأهمها انهيار أنظمة عربية بدت مستقرة مثل نظام القذافي في ليبيا، التي تعد من الدول المصدرة للنفط، الشكوك في التزام الصين. من غير المرجح أن يغفل القادة الصينيون، الذين فكروا جيدا في انهيار الاتحاد السوفياتي بحثا عن حل يمكنهم من التمسك بالسلطة، دروس الربيع العربي. ربما تكون الحكومة الصينية أكثر حرصا في اختيار الطرف الذي ستؤيده وتضع في اعتبارها الوضع المحرج الذي كانت فيه عند اكتشاف أن أكبر شركة أسلحة مملوكة للدولة عرضت بيع أسلحة للقذافي من أجل إخماد الثورة. وقال فرانسوا غودمينت، أحد كبار الخبراء في المركز الأوروبي للعلاقات الدولية في باريس: «لقد تراجع نفوذهم السياسي كثيرا العام الماضي. وتتمتع كل من ليبيا واليمن وسوريا بعلاقات جيدة أو ممتازة مع الصين. في ظل هذا الوضع، من الممكن أن يقرر الصينيون اتخاذ الحيطة». واتفق جوزيف ناي، الأستاذ بجامعة هارفارد الذي تقلد مناصب في الأمن والاستخبارات خلال فترة رئاسة كارتر وكلينتون، مع هذا الرأي.

وأضاف: «كلما بدت إيران ضعيفة أو في طريقها إلى الضعف، قل احتمال تأييدهم لها». وخفضت الصين بالفعل كمية النفط التي تشتريها من إيران، وهي خطوة يمكن أن تهدف إلى محاولة التفاوض على شروط تمويل أفضل أو ربما تلبية الطلب الأميركي. وهناك حجج مضادة قوية، مثل أن إيران تعد ثالث أكبر مصدر للنفط بالنسبة للصين، حيث تزودها بأكثر من 5 في المائة من إجمالي حاجتها من النفط، وبالتالي من الطبيعي أن تجزع بكين من احتمال فقدان هذا المورد المهم من النفط، خاصة في وقت تتضح فيه مؤشرات تباطؤ النمو الاقتصادي. كذلك تعد الصين أكبر مشتر للنفط من إيران، وأكبر شريك تجاري لها، وتعارض الجالية الإيرانية هناك أي تغيير في هذه السياسة، على حد قول خبراء. ومن الطبيعي أن تتردد بكين في تغيير استراتيجية خارجية خلال العام الحالي في ظل تجمد المبادرات الخاصة بنقل السلطة من رئيس الوزراء وين جياباو ورئيس الصين هو جينتاو.

وقال جون غارفر، الخبير في الشؤون الإيرانية - الصينية في معهد سام نان للعلاقات الدولية التابع لمعهد جورجيا للتكنولوجيا: «ينبغي على الصين الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية على المدى الطويل. وهذه التنمية ضرورية من أجل بقاء النظام وتحقيق الاستقرار في المجتمع الصيني».

مع ذلك في النهاية تقوم السياسة الخارجية للصين أو أي دولة أخرى على تحديد مصالح الدولة، ويعتمد هذا بدوره على تقدير بكين لقدرة النظام الإيراني الحالي على البقاء من عدمه، بحسب ما أوضح محللون. وقال غودمينت: «أعتقد أن الصينيين يخشون التورط في موقف لا يمكنهم الفكاك منه، فحجم استثمارات الصين في إيران كبير، لذا يمكن معالجة الأمر من خلال التباطؤ في اتخاذ خطوة، لكن في الوقت ذاته لن يكون في صالحها أن تكون آخر من يتحرك».

* خدمة «نيويورك تايمز»