تراجع البرادعي عن نيته في الترشح للرئاسة يثير جدلا بين السياسيين

قال في بيان للمصريين: «كأن ثورة لم تقم وكأن نظاما لم يسقط»

الدكتور محمد البرادعي عقب تراجعه عن الترشح للرئاسة في مكتبه بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

أعلن الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تراجعه عن نيته في خوض انتخابات الرئاسة، المقرر أن تبدأ إجراءاتها في أبريل (نيسان) المقبل، مبررا ذلك، في بيان له أمس، بأن السلطات التي تدير البلاد، التي وصفها بـ«ربان السفينة»، أدت لانقسامات بين فئات المجتمع بسبب التخبط والعشوائية، بينما علق عدد من السياسيين على قرار البرادعي بأنه ربما جاء بسبب شعوره بـ«الاغتراب السياسي» في الفترة الأخيرة.

وقال البرادعي: إن سفينة الثورة خاضت طريقا صعبا، وإن الربان تولى قيادتها دون اختيار من ركابها ودون خبرة له بالقيادة، في إشارة للمجلس العسكري الحاكم. وأوضح، في بيانه: «أدخلنا هذا الربان في متاهات وحوارات عقيمة، في حين انفرد بصنع القرارات وبأسلوب ينم عن تخبط وعشوائية في الرؤية، مما فاقم الانقسامات بين فئات المجتمع، في الوقت الذي نحن فيه أحوج ما نكون للتكاتف والوفاق».

لكن البرادعي قال إنه لن ينصرف عن الساحة وإنه سيستمر في خدمة الوطن من خارج مواقع السلطة. وتابع البرادعي، في بيانه، أن ربان السفينة مضى في الطريق القديم و«كأن ثورة لم تقم، وكأن نظاما لم يسقط».

ولعب البرادعي دورا في تحريك المياه السياسية منذ تقاعده من عمله الدولي وعودته إلى مصر في مطلع عام 2010 وقيامه بتعزيز موقف المعارضين لحكم الرئيس السابق.

وقالت الدكتورة هالة مصطفى، رئيسة تحرير مجلة «الديمقراطية»: إن قرار البرادعي ربما جاء بسبب شعوره بالاغتراب السياسي، خاصة مع تصدر القيادات الإسلامية ورموز من النظام السابق للمشهد السياسي، بالإضافة لاستمرار الهجوم الإعلامي عليه. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «ربما جاء قراره بسبب استشعاره وجود تنسيق بين السلطة في مصر وقيادات الأحزاب الإسلامية، وهو ما يقلل من فرصه»، مشيرة إلى أن قرار البرادعي سيسحب من مصداقية العملية السياسية والأساس القانوني والسياسي الذي ستقوم عليه بمصر.

وقال عبد الحليم قنديل، المنسق السابق لحركة «كفاية»: إن البرادعي أعلن انسحابه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية بسبب إدراكه أن فرصه أصبحت ضعيفة، وبالتالي، كسياسي محنك، فضل الانسحاب بدلا من تلقي هزيمة مهينة.

وأعرب الدكتور مصطفى علوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن قرار البرادعي بالانسحاب يعتبر قرارا سياسيا بالأساس.

وقال أحمد طه النقر، المتحدث الرسمي باسم الجمعية الوطنية للتغيير، إنه استخلص من بيان البرادعي أنه ليس راضيا عن سير المرحلة الانتقالية، وأنه متحفظ على كل أو معظم الإجراءات التي اتخذها المجلس العسكري. وتابع النقر، وفقا لوكالة الأنباء المصرية الرسمية، أنه «يبدو أن البرادعي شعر أن هناك حملة منظمة ضده وأن هناك ظروفا ليست مواتية لخوض انتخابات نزيهة، وأعتقد أن قرار البرادعي نهائي ولا تراجع عنه».

وقال البرادعي: «إن المجلس العسكري قاد سفينة البلاد من دون خبرة في القيادة وهو ما أدى إلى عدم تحقيق أي من أهداف الثورة».

كما انتقد البرادعي «اتباع المجلس السياسات الأمنية القمعية التي تتسم بالعنف والتحرش والقتل، وإحالة الثوار لمحاكمات عسكرية بدلا من حمايتهم ومعاقبة من قتل زملاءهم، في حماية حالة الطوارئ الفاقدة للمشروعية وغياب غير مفهوم للأمن وإدارة سيئة للاقتصاد، بالإضافة إلى عدم اتخاذ خطوات حازمة لتطهير مؤسسات الدولة، خاصة القضاء والإعلام، من فساد النظام السابق، أو حتى عزل رموزه ومنعهم من الاستمرار في إفساد الحياة السياسية».

وأكد أن «العشوائية وسوء إدارة العملية الانتقالية يدفعان البلاد بعيدا عن أهداف الثورة، مما يشعرنا جميعا أن النظام السابق لم يسقط، على الرغم من اقتراب الثورة من إتمام عامها الأول».

وأعرب عن ثقته في وصول الثورة إلى بر الأمان على الرغم من كل تلك المشكلات «لأن الشعب المصري كسر حاجز الخوف واستعاد إيمانه بقدرته على التغيير وأنه هو السيد والحاكم، كما أن المشاركة بكثافة في العملية الانتخابية، على الرغم من عيوبها الواضحة، تعزز الثقة في قدرة الشعب على ممارسة الديمقراطية وحكم نفسه بنفسه».

وطالب قوى الثورة بالعمل مع الشعب من أجل تحقيق مطالبه وحصوله على حقوقه كاملة مع التمسك بسلمية الثورة؛ فالاحتجاج السلمي هو الذي يعطي الثورة قوتها ونقاءها.

وأكد أن هدفه هو مساعدة الشعب المصري على إعادة بناء مصر التي «ننتمي إليها ونفخر بها وليس تحقيق مصلحة شخصية»، مشيرا إلى تحمله الكثير من «الإساءة والكذب والتدني الخلقي قبل قيام الثورة وبعدها، من جانب نظام ترتعد فرائصه من قول الحق».

وشدد على أنه أكد، منذ البداية، أن ضميره لن يسمح له بالترشح للرئاسة أو أي منصب رسمي آخر، إلا في إطار نظام ديمقراطي حقيقي «يأخذ من الديمقراطية جوهرها وليس فقط شكلها».

من جانبه، أعرب عمرو موسى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، عن أسفه لانسحاب الدكتور محمد البرادعي من الترشح لرئاسة الجمهورية، مثمنا دوره ومشاركته في التطورات التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة.

وعبَّر موسى عن ثقته في أن البرادعي سيواصل جهوده إلى جانب جهود كل المصريين الساعين إلى إعادة بناء البلاد.