«كتائب القصاص» تثير مخاوف المصريين بعد أحكام براءة متهمين بقتل الثوار

هددت بالانتقام من رموز في النظام السابق وضباط شرطة

متظاهرون أمام المحكمة الجنائية التي تنظر قضية اتهام الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من معاونيه بقتل المتظاهرين في ثورة يناير (أ.ب)
TT

تتعامل قوات الأمن المصرية بجدية مع تهديدات أطلقها مجهولون يُعتقد أنهم من أهالي ضحايا أحداث ثورة 25 يناير، بتشكيل ما أطلق عليه «كتائب القصاص»، وذلك بعد حكم ببراءة متهمين في قضايا قتل متظاهرين خلال الثورة التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما أعاد إلى الواجهة مرة أخرى دعوات بإقامة محاكمات ثورية لرموز النظام السابق، بديلا عن اللجوء إلى ساحات القضاء التقليدي، وسط مخاوف المصريين مما يسميه البعض «تفكك دولة القانون».

وأخلت عدة محاكم سبيل متهمين بإطلاق النار على متظاهرين من بينهم قيادات في الحزب الحاكم سابقا ورجال أعمال وضباط شرطة. وكان آخر من أخلي سبيلهم رجل أعمال وابنه ورجلي شرطة من مدينة السويس، إلا أن التهديدات التي أطلقتها «كتائب القصاص» جعلت السلطات تعيد التحفظ عليهم.

وقال مسؤول أمني لـ«الشرق الأوسط» إن اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية قرر أمس التحفظ على رجل الأعمال وابنه ورجلي الشرطة في محبسهم، بعد أن قررت محكمة السويس إخلاء سبيلهم. وعلق المسؤول الأمني على الأمر بقوله: «هذا القرار صدر لدواع أمنية»، بعد أن شهدت السويس موجة عارمة من غضب أهالي الضحايا خلال اليومين الماضيين وحاول بعضهم اقتحام منازل المتهمين، احتجاجا على قرار المحكمة بإخلاء سبيلهم بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه (نحو 1500 دولار) ومنعهم من السفر.

وصدرت خلال الأيام الأخيرة تهديدات أطلقها مجهولون توعدوا فيها بملاحقة المتهمين بقتل المتظاهرين في السويس والقاهرة، ثأرا لـ«شهداء الثورة»، وحملت هذه التهديدات توقيع ما أطلق عليه «كتائب القصاص». وردت وزارة الداخلية بقولها إنها ستتصدى بقوة لأي محاولة تستهدف الاعتداء على سجن طرة حيث يحتجز رموز النظام السابق. ولم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التحقق من جدية هذه التهديدات، لكن ظاهرة الأخذ بالثأر منتشرة في عدد من المحافظات المصرية.

ويخشى مصريون من جدية تلك التهديدات، ويقول نشطاء ومدونون إن هذه التهديدات ربما تصب في صالح «الثورة المضادة»، وإنه «يمكن استغلالها في تشديد القبضة الأمنية وتشويه الثوار»، الذين يعدون للاحتفال بذكرى مرور سنة على قيام الثورة بعد أيام.

ووسط شكوك حول مصير الثورة المصرية، تراجعت قيادات سياسية وشخصيات عامة عن ترحيبها بمحاكمة المتهمين من نظام مبارك أمام القضاء الطبيعي، وبدأت تتساءل حول ضرورة محاكمتهم أمام قضاء استثنائي، بعد أن تبين ضعف الموقف القانوني لأهالي الضحايا وفق القانون المصري المعمول به حاليا في تلك النوعية من القضايا.

وأصدرت محكمة مصرية الشهر الماضي حكما ببراءة ضباط متهمين بقتل عدد من ثوار 25 يناير أمام قسم شرطة السيدة زينب جنوب القاهرة. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن «الضباط المتهمين كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس». لكن نشطاء مصريين يقولون إن الثورة ما كانت لتنجح دون تقويض الذراع الأمنية لنظام مبارك الذي اعتمد أساسا على القبضة الأمنية لجهاز الشرطة.

ورغم افتخار المصريين بسلمية الثورة التي استمرت في صورة حشود مليونية وفي ميادين عدة محافظات طيلة 18 يوما، شهد يوم 28 يناير (كانون الثاني)، اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات الشرطة أدت لانسحابها بعد فقدانها القدرة على السيطرة على المظاهرات الحاشدة.

ورغم مثول مبارك ووزير داخليته و6 من مساعدي الوزير في قفص الاتهام في قضية قتل متظاهرين سلميين إبان الثورة، لا يشعر كثير من المواطنين بالاطمئنان بشأن مسار القضية التي أطلق عليها محاكمة القرن. وقال سامح عاشور رئيس هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني في محاكمة مبارك إنه يشعر بالثقة من أن وقائع القضية تكفي لإدانة الرئيس السابق، والذي جاء إلى الحكم من خلفية عسكرية، وأضاف عاشور أنه كان يفضل إقامة محاكمة ثورية من اللحظة الأولى لنجاح الثورة.