أبرز عيوب الثورة أنها لم تكن لديها قيادة تتولى شؤون الحكم

وائل غنيم وجه شباب الثورة قبيل الذكرى الأولى

TT

احتفت الصحف الغربية بصدور كتاب «الثورة» لوائل غنيم الناشط السياسي، الذي أصدره باللغة الإنجليزية بعد مرور عام على الثورة حاملا شعارا تصدر غلاف الكتاب «سلطة أفراد الشعب أقوى من أفراد السلطة»، كاشفا فيه عن قصص المساهمين في الثورة المصرية، رافضا تتويج نفسه كأحد أبطالها، قائلا «لست بطلا»، وإن الناس أخطأوا عندما لقبوه بـ«هيرو» الثورة، وأشار غنيم إلى أنه قام بإنشاء صفحة «كلنا خالد سعيد» احتجاجا على الأوضاع المصرية، وألقي بالسجن 11 يوما، ولكنه لم يكن لديه أي فكرة عن إمكانية قيام ثورة، مؤكدا: «فقط كنا نريد بلدا أفضل» وجاء الحوار معه على النحو التالي:

* قمت كمدير تنفيذي في فرع شركة «غوغل» في دبي بإنشاء صفحة على موقع الـ«فيس بوك» على شبكة الإنترنت ساعدت في تأجيج الثورة المصرية، كما تحكي مذكراتك التي نشرتها تحت عنوان «الثورة 2.0»، كيف قضيت 11 يوما مسجونا أثناء حدوث بعض الاحتجاجات في ميدان التحرير، والتي تعد من أكثر الاحتجاجات دراماتيكية، وهو ما أتصور أنه قد تسبب لك في خيبة أمل كبيرة؟

- إن المسألة ليست مسألة الاستمتاع بعملية الاحتجاج، بقدر ما هي التطلع إلى النتيجة المرجوة من ورائها، وهذا هو السبب، في الواقع، في نزول معظم الشعب إلى الشوارع. وقد شعرت عندما رأيت المصريين وقد تمكنوا من الوقوف والاتحاد معا، بعدما تم إطلاق سراحي يوم 7 فبراير (شباط)، إنني قد سجنت لمدة 11 عاما، وليس 11 يوما فقط، ولكنني لم أشعر بأنني قد فاتني أي شيء.

* هل كان من الحكمة أن تشجع على قيام ثورة في مصر، على الرغم من أنه لم يكن هناك بديل واضح لمبارك؟

- أنا مدرك تماما للكثير من الآراء التي تقول بأن هذا كان من أحد العيوب الكبيرة للثورة، حيث إنها لم تكن لديها قيادة تتولي شؤون الحكم بعد تنحي مبارك، ولكن التاريخ وحده هو الذي سيكون حكما في هذا الأمر، وبغض النظر عن ذلك، فإن الثورة نجحت في تمكين الكثير من المصريين في الوقت الحالي.

* على الرغم من أننا كأميركيين نشيد بالديمقراطية، فإننا نشعر أيضا بالقلق من رؤيتنا لكيفية استفادة بعض الأحزاب، مثل جماعة الإخوان المسلمين، من الفراغ الذي نشأ بعد الثورة؟

- لقد ظل النظام يقمعنا، نحن المصريين، لأكثر من 30 عاما، من خلال ما كان يقوله للمجتمع الدولي، من أنه إذا كان هناك ديمقراطية حقيقية، فإن الإخوان المسلمين سيأتون للسلطة، وأنا لا أعارض أي شخص يتم انتخابه بطريقة ديمقراطية، حيث إن ما يهم هو تحسين الأوضاع الاقتصادية، من أجل تحسين الظروف المعيشية لأكثر من 40 في المائة من المصريين الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، كما أن القضايا الاقتصادية كانت من أهم أسباب الثورة.

* لكن، بالنظر إلى الكساد الكبير الذي أصاب قطاع السياحة، فهل تحسنت الأوضاع الاقتصادية في مصر حقا؟

- عندما تنحى مبارك، كانت هناك توقعات كبيرة نشأت عن وجهة نظر بسيطة جدا، وهى أنه هو وحاشيته كانوا هم المشكلة الأساسية، وأنه بمجرد إزاحتهم من الطريق، فإن المشكلة ستحل، ولكن الأمور لم تتطور بهذا الشكل بكل تأكيد، حيث ذهبت النشوة الآن. ونظرا لأن الطريقة التي كانت تحكم بها البلاد كانت تجعل 0.1 في المائة من الشعب يتخذون القرارات نيابة عن بقية الشعب، فإن هناك نقصا بالتالي في فهم حجم المشاكل الاقتصادية التي نواجهها.

* خطابك حول الحق في تقرير المصير يشبه كثيرا ما كان جورج بوش يقوله حول العراق، ولكن حرب العراق لم تحظ بشعبية تذكر في مصر، فهل ينتابك شعور مختلف الآن إزاء العراق بعد أن أصبح حرا؟

- كلا على الإطلاق، فقد قتل في حرب العراق الكثير من الناس الأبرياء، وهي ليست شيئا ينبغي لأي دولة متحضرة أن تفخر به، حيث إن الناس الذين يعيشون في بلد معين هم الذين ينبغي أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، لأنهم هم الذين يدفعون في النهاية ثمن الخيارات التي يتخذونها، مهما تكن تلك الخيارات.

* وماذا عن سوريا؟ فقوات الرئيس الأسد قد قتلت أكثر من 4000 شخص لمحاولتهم القيام بما قمت به أنت في مصر.

- أنا أؤيد الثورة السورية، ولكن ينبغي أن يكون هناك دور في ما يحدث للمجتمع الدولي، وليس فقط للولايات المتحدة، حيث ينبغي أن يحاولوا تجنب وقوع أي عمل عدواني من شأنه أن يعرض المزيد من الناس للخطر.

* لم يكن بوش يحظى بشعبية كبيرة في مصر، فهل يرى الشعب المصري أوباما بشكل مختلف؟

- لقد تفاءل الكثير من الناس عندما جاء أوباما إلى مصر ووجه خطابا إلى الأمة الإسلامية، ولكن هذا الخطاب لم يعقبه حدوث تغيير كبير في السياسة الخارجية الأميركية بعد ذلك، حيث إنه من الصعب تغيير نظرة الناس إلى أمر معين بمجرد الكلام فقط.

* تبلغ نسبة انتشار ختان الإناث، وفقا للأمم المتحدة، بين النساء المصريات المتزوجات من عمر 15 إلى 49 عاما، 91 في المائة، فما رأيك في هذا؟

- لا أعتقد أن هذه النسبة صحيحة، وأنا حقا لست على دراية بما فيه الكفاية لأتحدث في هذا الموضوع، وأعتقد أن هناك جدلا دينيا دائرا حول هذه المسألة، ولكنني لم أقرأ عنها ما يكفي ليجعلني أصدر حكما بشأنها.

* لقد كنت قبل الثورة تعمل طوال النهار في «غوغل»، وتقضي الليل في العمل على صفحة الـ«فيس بوك» الخاصة بك، على الرغم من أن لديك زوجة أميركية واثنين من الأطفال الصغار، فكيف سمحت لك زوجتك بالابتعاد عنهم كل هذا الوقت؟

- كانت هناك بالطبع بعض المشاكل وبعض لحظات الصفاء بيننا، ولكنها كانت متفهمة للغاية بشكل عام، حيث إنها تفهمني جيدا وتعرف متى تكون الأمور بالغة الخطورة.

* لقد كتبت أن السبب وراء سعيك للتزوج من أميركية كان هو عدم كونك سعيد الحظ مع النساء المصريات، ولكن بالنظر إلى أنك قد أصبحت بمثابة تشي جيفارا المصري، فإنني أتصور أنك أصبحت الآن محبوب النساء؟

- كلا في الحقيقة، فعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الغربية تحب أن تصورني على أنني وجه الثورة المصرية، إلا أنني لا أشعر بأنني كذلك، وإذا كان هناك بعض الناس الذين يقدرون ما قمت به، إلا أن الثورة كانت حرفيا من دون قائد. ولكنني سعيد في زواجي على كل حال.

* خدمة «نيويورك تايمز»