عشرات القتلى والجرحى في تفجير انتحاري بالبصرة.. ونفي إقالة رئيس الأركان

عضو لجنة الأمن البرلمانية لـ «الشرق الأوسط» : لا رؤية أمنية لدى الحكومة

رجال أمن عراقيون مع مواطنين في مكان التفجير الانتحاري الذي حدث قرب جامع الخطوة في البصرة أمس (أ.ب)
TT

اختتم موسم الزيارة الأربعينية أمس في العراق التي أحياها في مدينة كربلاء (110 كيلومترات جنوب بغداد) ملايين الزوار الشيعة، على وقع تفجير انتحاري هو الأكبر من نوعه منذ بدء مراسم هذه الزيارة قبل نحو عشرة أيام. وطبقا للمصادر الأمنية في شرطة محافظة البصرة (560 كيلومترا جنوب العراق) فقد ارتفعت إلى 523 قتيلا و137 جريحا حصيلة هذا التفجير الذي وقع بحزام ناسف استهدف زوارا متوجهين إلى جامع الخطوة في حي الأمن الداخلي بالبصرة. وتوقع المصدر الأمني زيادة عدد القتلى بسبب شدة إصابات بعض الجرحى. وبينما يأتي تفجير البصرة على وقع أخطر أزمة سياسية يشهدها العراق منذ الانسحاب الأميركي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن تصدي مواطنين من أبناء الطائفة السنية لتفجير انتحاري استهدف زوارا شيعة في جنوب العراق، خلال تأديتهما واجبهما العسكري ترك آثارا إيجابية عندما بدأت جهات سياسية ودينية تسويقه بوصفه نموذجا للوحدة الوطنية العراقية بعيدا عن سياسات التصعيد التي تتبعها القوى والكتل السياسية من أجل ضمان مصالحها. وفي هذا السياق، دعا ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، الساسة العراقيين إلى الاحتذاء بـ«شهيدي البطحاء» لتجسيد روح المواطنة (في إشارة إلى المنطقة التي وقعت فيها الحادثة).

وقال عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة أول من أمس إن «شهيدي البطحاء (الملازم الأول نزهان الجبوري من محافظة كركوك والجندي علي السبع من محافظة ديالى) جسدا روح المواطنة الصادقة بتضحيتهما، وهما نموذج ينبغي أن يحتذى به من الطبقة السياسية والمسؤولين». وأضاف: «ينبغي على الكتل السياسية تجسيد روح المواطنة كما فعل شهيدا البطحاء حينما رملا زوجتيهما ويتما أطفالهما في سبيل الوطن وجسدا روح الانتماء للوطن». وحذر الكربلائي من «مغبة استمرار الخلافات السياسية في البلاد»، مبينا أن هذه الخلافات «ستكون لها تداعيات وآثار مستقبلية على المجالات المختلفة». وبين أن «الجلسات الشكلية للكتل السياسية لا تكفي لحل الأزمات ولا بد أن تكون النوايا صادقة للوصول إلى حل للأزمات». وتابع الكربلائي: «كما ينبغي دراسة الوضع الإقليمي ومعرفة طبيعة توجهات الدول لما تبتغيه من بلدنا، والتنبه إلى كل ما يحقق مصالح الدول الأخرى وانعكاساته الآنية والمستقبلية، وأن توجه الأنظار إلى الخارج لحل الأزمات الداخلية لا يمكن مطلقا أن يكون حلا لتلك الأزمات، لأن الجهات الخارجية تنظر فقط للعراق بعين مصالحها». وأشار إلى أنه «لا حل إلا بالحوار وتوفر النية الصادقة ومد جسور الثقة والإرادة الجادة، وأن الجميع يتحمل المسؤولية من أجل حل الأزمات في البلاد».

ويأتي تفجير البصرة في وقت أجرى فيه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، نوري المالكي، تغييرات عسكرية طالت عددا من كبار القادة. وبينما راجت أنباء عن شمول رئيس أركان الجيش العراقي، الفريق بابكر زيباري، بالتغييرات، فإن مستشار رئيس الوزراء لشؤون إقليم كردستان، عادل برواري، نفى هذه الأنباء. وقال برواري في تصريح أمس إن «زيباري كان خلال الفترة الأخيرة في عطلة رسمية خارج العراق»، مبينا أنه «سيستأنف مهامه بدءا من اليوم الأحد».

من جهته اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، شوان محمد طه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قضية الأمن في العراق لا تتصل بكفاءة الضباط أو القادة سواء أولئك الذين شملوا بالتغيير أو ممن هم ما زالوا يمارسون عملهم، وإنما تتعلق بغياب الرؤية وتعدد مصادر القرار». وأضاف أن «القادة العسكريين والأمنيين ليسوا هم من صناع القرار الأمني والعسكري الذي تنحصر صناعته بيد عدد محدود في مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وبالتالي فإن الرؤية الأمنية لدى الحكومة العراقية رؤية خاطئة وهي التي تتسبب دائما بحصول مثل هذه الأزمات».

وبشأن صلة التغييرات التي حصلت في مناصب عدد من كبار القادة قال طه إن «عملية النقل أو تغيير المناصب لا تجدي نفعا، بل غالبا ما تكون مجرد عملية تضليل في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية. وإن تحقيق الاستقرار يتطلب محاربة ظاهرة الفساد والبطالة، وهو أمر لا تزال الحكومة عاجزة عن تحقيقه حتى الآن»، على حد قوله.