التحقيق مع نشطاء بالثورة المصرية يربك الدعوات للتظاهر في 25 يناير

انسحاب البرادعي ألقى بظلاله على الاستعدادات للاحتفال بذكراها الأولى

نوارة نجم
TT

قبل أيام من الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، والتي اعتبرها المجلس العسكري عيدا قوميا يعد للاحتفال به، واصلت النيابة المصرية التحقيق مع نشطاء من رموز الثورة التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وذلك بتهم التحريض على العنف في أحداث اشتباكات مع قوات الأمن والاعتداء على مبان عامة أمام مبنى مجلس الوزراء وشارع القصر العيني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وكانت هيئة التحقيق في أحداث مجلس الوزراء قررت استدعاء الدكتور أيمن نور وممدوح حمزة، ونوارة نجم، وطارق الخولي، والشيخ مظهر شاهين والذي يلقب بخطيب الثورة، للتحقيق معهم في تهم بالتحريض والتمويل على إثارة الشغب والاعتداء على مبان عامة، وإيهام الرأي العام بأن الفساد ما زال مستمرا.

وكانت أسماء الناشطين المشار إليهم وردت على لسان عدد من المتهمين الذين تقرر حبسهم احتياطيا عن تهم تتعلق بمقاومة السلطات والتعدي على أفراد القوة المعنية بتأمين مجلسي الوزراء والشعب، وإشعال الحرائق عمدا وإتلاف الممتلكات العامة وتعطيل سير العمل ببعض المؤسسات العامة وقال المتهمون في التحقيقات إن النشطاء الذين تم استدعاؤهم لجهات التحقيق مؤخرا، قاموا بتحريضهم وتمويلهم للتعدي على قوات الأمن والمباني العامة. وقرر قاضي التحقيق أمس صرف نوارة نجم، والخولي، وشاهين من سرايا التحقيقات، دون ضمان، وذلك بعد سماع أقوالهم في البلاغ المقدم ضدهم بتهمة التحريض على الاعتداء على أفراد القوات المسلحة وإيهام الرأي العام بأن الفساد لا يزال مستمرا. وكان قضاة التحقيق قرروا قبل خمسة أيام منع أيمن نور وممدوح حمزة من السفر عقب التحقيق معهم في نفس التهم. وبعيد التحقيق معها، وصفت نوارة ما يحدث من تحقيق مع النشطاء بأنه إرهاب لهم وللثوار، واعتبر شريف الروبي، القيادي في حركة 6 أبريل (الجبهة الديمقراطية)، أن حملة التحقيقات مع النشطاء تعد سلسلة استراتيجية لتصفية النشطاء وتشويه صورة الثوار والثورة. وقال الروبي: «إن الحملة تهدف أيضا لربط الثورة بالتخريب وأنها جاءت ضد مصلحة البلاد»، مستنكرا الدعوات للاحتفال بالثورة التي اعتبرها لم تنجز شيئا من المطالب التي تم رفعها في ميدان التحرير قبل سنة.

وعبر عام من الثورة، توترت العلاقة بين النشطاء وإعلاميين مستقلين ومنظمات المجتمع المدني من جهة، والمجلس العسكري من جهة أخرى، حيث سبق واتهم أعضاء بالمجلس العسكري حركة 6 أبريل بتلقي تمويل أجنبي، تم نفيه في حينه، كما تم استدعاء صحافيين للتحقيق معهم من قبل القضاء العسكري، ثم توترت العلاقة أكثر بتنديد نشطاء وسياسيين بانتهاكات للقوات المسلحة بحق المتظاهرين، وكانت الحلقة الأخيرة في التوتر بين الجانبين حين اقتحمت جهات التحقيق مقرات خمس منظمات للمجتمع المدني الشهر الماضي. ويعتقد حسام بهجت، رئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن المجلس العسكري وأجهزته المعلوماتية تتبنى رواية قائمة على تمويل حكومات خارجية لمؤامرة واسعة لهدم الدولة المصرية يقوم على تنفيذها عدد من الناشطين والعاملين بالإعلام في مصر.

وقال بهجت لـ«الشرق الأوسط»: «لذا تم التركيز مؤخرا على الإعلام المستقل، ومنظمات المجتمع المدني، وأخيرا التيارات السياسية المستقلة»، وأوضح بهجت أن الحملة ضد النشطاء أو غيرهم ممن ينتقدون أداء المجلس العسكري أو انتهاكاته تهدف أساسا لإسكات الناشطين، وإرباكهم في إجراءات قانونية معقدة وفي الأخير تشويههم. وأضاف بهجت أن «الأمر ليس مقتصرا على 25 يناير (كانون الثاني) فقط، بل سيستمر طيلة الشهور الستة المقبلة والتي سيتزايد الجدل فيها حول تسليم السلطة لرئيس منتخب».

وأوضح بهجت أن الأهم بالنسبة للمجلس العسكري هو عدم مناكفة معارضيه لتسليم السلطة دون الانتقاص من المزايا والصلاحيات التي يحرص على الحفاظ عليها.

وبينما قرر المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اعتبار يوم 25 يناير عيدا قوميا للثورة للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لها، اعتبر معظم النشطاء السياسيين أن الثورة لم تحقق أهدافها، وأن ذكراها الأولى ستكون مناسبة لاستكمالها وليس للاحتفال بها خاصة بعد انسحاب الدكتور البرادعي من سباق الرئاسة، بقوله أول من أمس: «كأن الثورة لم تقم وكأن نظاما لم يسقط».

لكن حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، يعتقد أن البرادعي ليس له التأثير الكافي على مجريات المشهد السياسي في مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «البرادعي لم يكن له تأثير قوي على مجريات الثورة في ميدان التحرير، لأن أحدا على الأرض لا يتحرك ارتباطا به، وهو فقط تصادف وجوده في المشهد السياسي حينها». ويعتقد حسني أن انسحاب البرادعي ربما يسبب نوعا من الإحباط للشباب الذي ارتبط بالأحلام التي صنعها لكنه إحباط لن يغير من المشهد الكلي لأحداث 25 يناير.

من جانبه، قال محمد عباس، عضو المكتب التنفيذي لإتلاف شباب الثورة، إن توقيت إعلان انسحاب البرادعي جاء سيئا للغاية، وقال عباس: «انسحابه أثر على الكثير من الثوار بالسلب، أشعر الناس بالإحباط واليأس وعدم الأمل، وهو ما أعتقد أنه سيجعل كثيرين يحجمون عن المشاركة في تظاهرات استكمال الثورة».