كارثة السفينة الإيطالية: توقيف القبطان بتهمة القتل.. وعدد المفقودين 17

إنقاذ 3 بينهم زوجان كوريان كانا يقضيان شهر العسل

السائح الكوري الجنوبي (يسار أعلى) يغادر قاربا تابعا لقوات الإطفاء بعد إنقاذه أمس (أ.ب)
TT

تمكنت فرق الإنقاذ أمس من العثور على ثلاثة ناجين جدد داخل السفينة السياحية المنكوبة أمام السواحل الإيطالية، بينما تراجع عدد المفقودين إلى 17، وضيق المحققون الخناق على قبطان السفينة الذي جرى توقيفه بتهمة القتل غير العمد والتخلي عن السفينة.

وأفادت العناصر الأولى للتحقيق أن السفينة «كوستا كونكورديا» التي كانت تقل أكثر من 4 آلاف شخص معظمهم من السياح الإيطاليين والفرنسيين والألمان اصطدمت مساء الجمعة بصخرة قرب جزيرة جيليو. وقال المدعي العام المكلف التحقيق في الحادث، فرانشيسكو فيروزيو، للصحافيين إن قبطان السفينة «اقترب برعونة من جزيرة جيليو واصطدم بصخرة على الجانب الأيسر من السفينة، ما أدى إلى جنوحها وتسرب كميات كبيرة من المياه إلى داخلها خلال دقيقتين أو ثلاث دقائق». وكان القبطان ذكر أنه اصطدم بصخور لم تدرج على خرائط الملاحة البحرية، لكن خفر السواحل نفوا ذلك. وقال المدعي المكلف التحقيق في الحادث لقناة «سكاي تي في 24» أمس إن قبطان السفينة غادرها مساء الجمعة قبل إجلاء كل الركاب. وأضاف المدعي فيروزيو ردا على سؤال لمعرفة ما إذا كان القبطان قد غادر السفينة قبل إجلاء كل الركاب: «للأسف عليّ تأكيد ذلك». وتعليقا على عدم جهوزية الطاقم للقيام بعمليات الإجلاء قال: «كان هناك خلل في نظام القيادة».

وقد تم أمس إنقاذ ناجٍ جديد، يدعى ماريكو جيامبيتروني، ووجد مصابا بجروح في الساق، لكن الإصابات لا تشكل تهديدا على حياته. وقال جيامبيتروني للصحافيين بعد إنقاذه: «كانت آمالي تتعلق دائما بأن يتم إنقاذي، لقد عشت كابوسا لمدة 36 ساعة». وتمكن رجال الإطفاء من العثور على الناجي بعد سماع أصوات داخل السفينة، وذلك بعد ساعات فقط من إنقاذ زوجين كوريين جنوبيين، يبلغان من العمر 29 عاما، وكانا في رحلة شهر العسل، بعد سماع أصواتهما داخل السفينة أيضا. وقد أمضى الزوجان 24 ساعة عالقين داخل قمرتهما. وعرقلت الأبواب المغلقة والدرج والأثاث المتناثر داخل السفينة التي يبلغ طولها 290 مترا جهود الوصول إلى ناجين من السفينة التي غمرت حتى نصفها في المياه.

وتراجع أمس عدد المفقودين في حادث غرق السفينة إلى 17، فقد ذكر المسؤول المحلي انريكو روسي أن «عمليات تدقيق ومقارنة سمحت بخفض عدد المفقودين. خلال الاجتماع الأخير قيل لي إن 11 راكبا وستة من أفراد الطاقم في عداد المفقودين». وفي وقت سابق قال جوزيبي ليناردي قائد شرطة مدينة غروسيتو إن «ثلاثة أشخاص قتلوا بالتأكيد».

وفي سيول أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية أنه تم حتى الآن العثور على «35 كوريا جنوبيا بينهم اثنان من أفراد الطاقم»، من دون مزيد من التفاصيل. كما أعلنت مانيلا أن 300 فلبيني كانوا يعملون على متن السفينة من أصل طاقم مؤلف من ألف شخص، وأن 21 منهم جرحوا. وتشمل حصيلة ضحايا هذا الحادث 42 جريحا بينهم اثنان في حالة خطيرة، هما امرأة أصيبت بصدمة في الرأس، ورجل تضرر عموده الفقري. لكن 26 شخصا غادروا المستشفى. وقالت مصادر طبية إن معظم المصابين يعانون من كسور أو من انخفاض حرارة الجسم بسبب بقائهم لفترة طويلة في المياه الباردة. وصرح انيو اكويلينو قائد فرق الإطفاء في منطقة غروسيتو إن رجاله «انتشلوا 100 شخص من المياه وأنقذوا نحو 60 كانوا عالقين على السفينة».

وطوال يوم أمس بحث المسعفون والغطاسون عن ناجين في أجزاء السفينة التي غمرتها المياه. وصرح متحدث باسم فرق الإطفاء لوكا كاري لوكالة الصحافة الفرنسية أنه يخشى من أن تنجرف السفينة إلى عرض البحر حيث قد تغرق على عمق 100 متر.

من جهته استبعد مسؤول في وزارة البيئة أي خطر تلوث، مؤكدا: «إنها سفينة جديدة وحديثة». ونقل معظم الناجين الـ4200 من جزيرة جيليو إلى مرفأ سانتو ستيفانو لإعادتهم إلى ديارهم في إيطاليا أو إلى الخارج أو موزعين على فنادق المنطقة. وكانت السفينة التي أبحرت من شيفيتافيكيا الجمعة عند قرابة الساعة السادسة مساء تنقل 4229 شخصا، بينهم أكثر من ثلاثة آلاف سائح، 989 إيطاليا و569 ألمانيا و462 فرنسيا و177 إسبانيا و129 أميركيا. وبحسب بيان صادر عن شركة «كوستا كروشيري» كانت السفينة تقوم برحلة في المتوسط مع محطات في شيفيتافيكيا وباليرمو وكالياري وبالما دي مايوركا وبرشلونة ومرسيليا.

ولدى وقوع الحادث كان الركاب يتناولون العشاء وأخلد بعضهم إلى النوم. وقال روبرتو بومباردييري، وهو حلاق كان يفترض أن يشارك في مسابقة على السفينة: «سمعنا ضجة هائلة وسقط كل شيء على الأرض وانطفأت الأنوار لكن الطاقم كان يقول لنا أن لا نقلق». وفي بادئ الأمر أعلن القبطان عطلا في التيار الكهربائي. ووصف ركاب «مشاهد ذعر وهلع» مع تدافع للصعود على متن زوارق الإنقاذ وسط صراخ وبكاء أطفال ومسنين. وقالت الصحافية مارا بارميجاني التي كانت بين الركاب إن الطاقم لم يكن مستعدا لعملية الإجلاء على الإطلاق وواجه مشكلات عدة. وأعلنت القيادة البحرية في مرفأ ليفورنو الإيطالي، الأهم في توسكانا، فتح تحقيق في أسباب الحادث والطريقة التي تم بها إنقاذ الركاب.

واحتُجز قبطان السفينة فرانشيسكو شيتينو أول من أمس بعدما استجوبه المحققون لتحديد سبب الحادث. وهو يواجه تهم القتل الخطأ بحق عدة أشخاص والتسبب في كارثة. ويتزايد الاشتباه بأن شيتينو أدار دفة السفينة ليقترب من جيليو كتحية لسائحين احتشدوا عند الميناء. وقال شهود إن هذا التصرف تكرر عدة مرات قبل ذلك. ونقلت صحيفة «لا ريبابليكا» عن عمدة جيليو سيرغيو أورتيلي القول إن «الكثير من السفن تمر بجيليو لتحيي سكان الجزيرة بإطلاق صافرة من السفينة. إنه شيء رائع أن ترى سفينة مزخرفة من فوق الشاطئ، لكن هذه المرة تحول الأمر إلى كارثة». وقد تم العثور على «الصندوق الأسود» الخاص بالسفينة، ومن المتوقع أن يوضح ما جرى خلال الدقائق الأخيرة قبل غرق السفينة.