كازاخستان تنتخب برلمانا يدخله لأول مرة حزب ثان

البلاد تتحرك نحو الإصلاح ببطء أملا في الإبقاء على استقرارها الاستثنائي في المنطقة

سيدة تدلي بصوتها في مركز اقتراع ببلدة كورداي جنوب العاصمة القديمة للبلاد ألماتي أمس (إ.ب.أ)
TT

شهدت كازاخستان، أمس، انتخابات تشريعية مبكرة يتوقع أن تسفر عن دخول حزب ثان إلى مجلس النواب وتخفف من حالة الاستياء المتزايدة بعد أعمال شغب أسفرت عن سقوط قتلى وهزت الاستقرار الاستثنائي الذي تتمتع به في آسيا الوسطى. وتأتي بعد مرور أسابيع على الانتفاضة الشعبية التي قمعتها السلطات بعنف في الجمهورية السوفياتية السابقة الغنية بالنفط، وبعد نحو شهرين على حل مجلس النواب الذي لم يكن يتمثل فيه سوى حزب «نور الوطن» الذي يتزعمه الرئيس نور سلطان نزار باييف.

وكان من المقرر إجراء الانتخابات في أغسطس (آب) 2012 لكن الرئيس نزار باييف قدم موعدها حين حل البرلمان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحدد موعدا جديدا. ولا شك أن حزب «نور الوطن» الذي حصل على 98 من جملة 107 مقاعد في البرلمان السابق سيفوز بهذه الانتخابات، لكن للمرة الأولى سيضمن الحزب الذي يحتل المركز الثاني مقاعد في المجلس تلقائيا، سواء اجتاز الحد الأدنى من نسبة الأصوات اللازمة لدخول البرلمان وهو سبعة في المائة أو لم يجتزه.

وتنافست سبعة أحزاب في هذه الانتخابات التي دعي إليها نحو 9 ملايين ناخب من بين 16 مليونا هم عدد السكان. واقترع رئيس البلاد صباح أمس في العاصمة أستانا التي بناها في 1998 بفضل عائدات النفط، وأكد أن مواطنيه سيقومون «بالخيار الجيد». وقال نزار باييف: «إنني واثق من أن الكازاخستانيين سيقومون بالخيار الجيد لمستقبلهم وتطور بلدهم ومن أجل الهدوء في وطننا». كما أكد نزار باييف (71 عاما)، والذي يحكم البلاد منذ العهد السوفياتي، أن «كل شيء تم من أجل أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة».

وعبر ناخبون عن آمال مشابهة. وقال المخرج السينمائي أصيل خان سالوبيك: «هذه المرة نعتقد ونتعشم أن تكون هناك أحزاب كثيرة الآن. حينذاك سيحدث ما تمناه الشعب». وأضاف: «بالطبع لا بد من وجود منافسة. المنافسة تحفز الحكومة على العمل بفعالية أكبر».

وقبل الاقتراع الذي نظم قبل أكثر من ستة أشهر من موعده المحدد سابقا، دانت المعارضة مناورات النظام لإضعافها، وتحدث معارضون ومحللون عن جهود بذلتها السلطات لإقصاء أكبر عدد من المنافسين لمرشحيها. ولم تعترف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في أي اقتراع بأن انتخابات حرة جرت في كازاخستان منذ استقلال هذه الجمهورية السوفياتية السابقة عام 1991، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) الماضي التي فاز بها نزار باييف. وانتقد أكبر أحزاب المعارضة هذا التصويت المتسرع، معتبرا أن أمر تنظيمه صدر لمنع معارضي النظام من القيام بحملتهم.

وكانت السلطات استبعدت يوم الثلاثاء الماضي ترشيح أحد قادة هذا الحزب بولاد أبيلوف بينما منعت حركة معارضة أخرى من الترشح للاقتراع بعد إدانتها قمع إضراب القطاع النفطي في جاناوزن (غرب) الذي أسفر عن سقوط 16 قتيلا منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتعد الأحزاب الخمسة المتنافسة الأخرى موالية للسلطة. ومع ذلك، فإن المجلس الجديد (مجلس النواب) سيضم حزبين على الأقل بموجب إصلاح تم إقراره بعد انتخابات عام 2007 وينص على حصول التشكيل السياسي الذي يحتل المرتبة الثانية على مقاعد برلمانية حتى في حال لم يصل إلى عتبة 7 في المائة من الأصوات المطلوبة ليكون ممثلا.

وكان حزب «نور الوطن» بزعامة الرئيس نزار باييف الذي يقود البلاد منذ الحقبة السوفياتية، وحده ممثلا في البرلمان المنتهية ولايته. ومع ذلك يتوقع أن يحقق حزب الرئيس أغلبية ساحقة كما حدث في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس بـ95 في المائة من الأصوات على الأقل. وقبل الانتخابات، دعا الرئيس نور سلطان نزار باييف يوم الجمعة الماضي مواطنيه إلى دعم «الاستقرار والتطوير» في مواجهة الأحزاب «الشعبوية التي لا تفهم شيئا وتنقل صورة سيئة عن الواقع».

وتأتي هذه الانتخابات في وضع صعب للسلطات التي تشيد باستمرار بالاستقرار الاستثنائي للبلاد. لكن يوم إحياء الذكرى العشرين لاستقلال كازاخستان في 16 ديسمبر، أدى إضراب للعمال في قطاع النفط إلى أعمال شغب في جاناوزن، قمعتها الشرطة بعنف. وفي مؤشر على قلق النظام، ما زالت حالة الطوارئ مطبقة في جاناوزن التي أقيمت سبع نقاط مراقبة على مداخلها ونشر فيها نحو ألفي شرطي. كما شهدت كازاخستان عام 2011 سلسلة هجمات تبنتها مجموعات دينية متشددة أدت إلى مقتل عدد من الشرطيين.