حي الزراعة الموالي للأسد.. سكانه يستقون المعلومات من الإعلام الرسمي

المعارضون يقولون إن قصور المتنفذين فيه أصبحت مقر انطلاق للشبيحة

TT

عند مدخل مدينة اللاذقية الساحلية، تنتصب صورة ضخمة للرئيس السوري بشار الأسد، يتجمع حولها عدد كبير من رجال الأمن المولجين مهمة حمايتها، من تخريب متعمد، طالما تلذذ السوريون المنتفضون في ممارسته بحق تماثيل الرئيس بشار الأسد وصور والده الراحل، منذ اندلاع الثورة السورية حتى الآن.

على بعد مئات الأمتار، يقع حي الزراعة، أكثر الأحياء موالاة لنظام الأسد، حيث ينتمي معظم سكانه إلى الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري. هنا، لا يكتفي الناس برفع الصور واللافتات المؤيدة لنظام الحكم، بل يوزعون في الساحة الرئيسة، صور ما يسمونهم «شهداء الأمن والجيش». يقول صهيب الشاب الجامعي الذي يدرس الهندسة في جامعة تشرين، وينزل في جميع المسيرات التي تؤيد الرئيس «بشار الأسد رئيسنا، ورمز وطنيتنا، لن نقبل أن يمسه أحد، سندافع عنه بأرواحنا وبأغلى ما نملك». لا يقيم الشاب المتحمس، أي اعتبار للضحايا الذين يسقطون كل يوم برصاص الأمن السوري والمجموعات المساعدة له «نحن في حالة حرب كونية ضد سوريا، الدول العربية والغرب يدعمون المجموعات الإرهابية المسلحة، بالسلاح والمال والإعلام، آخر عمليات هذه المجموعات كان في حي الميدان داخل دمشق. في ظل كل ذلك كيف تبقى الدولة صامتة، ولا تتحرك لردع الإرهابيين والتخلص منهم». يستقي صهيب جميع معلوماته من وسائل الإعلام الرسمية وبصورة خاصة من تلفزيون الدنيا المقرب من النظام «هناك فيديوهات واضحة تشير إلى جرائم المجموعات الإرهابية، كان أوضحها ذبح الجنود السوريين في جسر الشغور، ورمي جثث آخرين في نهر العاصي في حماه، كيف لا أصدق الإعلام الرسمي؟».

في هذا الحي الذي يقع شرق المدينة، تنتشر قصور فخمة، تعود لأقارب الرئيس السوري وبعض المتنفذين الذين يدورون في فلكهم. يقول أحد الناشطين المعارضين الذي صار يتردد إلى الحي في الفترة الأخيرة دون إعلان هويته: «هذه القصور تحولت إلى مقرات للشبيحة ينطلقون منها، وعبرها يتم توزيع السلاح على الناس». ويضيف: «قصر فواز الأسد (ابن عم الرئيس الرحل حافظ الأسد) ومنزل أيمن جابر (رجل أعمال متنفذ، يدعم النظام السوري) تحولت إلى بؤر للشبيحة، يجتمعون هناك ويتلقون الأوامر لقمع المظاهرات المعارضة».

ويشير الناشط المعارض إلى أنه «في حي الزراعة الموالي، تم الاعتداء على مراقبي بعثة الجامعة العربية وإحراق سيارة لهم، مما عرقل مهمة المراقبين ومنعنا نحن الذي نسكن في وسط البلد، حيث الأحياء المنتفضة من لقاء المراقبين وشرح معاناتنا لهم».

وكان ناشطون معارضون نشروا على «يوتيوب» أشرطة فيديو تظهر مجموعات من الموالين للنظام السوري يتحلقون حول سيارة المراقبين المحترقة ويهتفون للرئيس السوري. بعد اعتدائهم على البعثة، التي كان من المقرر أن تتفقد الأوضاع في مدينة اللاذقية.

ويعتقد الناشط الذي يقطن في حي الصليبة المعارض بأغلبيته للنظام السوري وتخرج من أزقته معظم المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام أن «النظام نجح في شد العصب الطائفي، ليس فقط في حي الزراعة وإنما في كافة الأحياء التي يسكنها علويون، فأوهم أهالي هذه الأحياء بأن وجودهم مهدد في حال سقوطه، هذا ما دفع الناس ليس فقط للوقوف مع النظام بل والدفاع عنه عبر قمع الأحياء الأخرى وممارسة التشبيح عليها». ويضيف «الناس في الأحياء الموالية، لا تصدق الإعلام الرسمي ولا كلام الرئيس السوري، الذي يتحكم بأفعالها، هو الغرائز الطائفية التي استطاع النظام استثارتها».

وعن حدوث احتكاكات طائفية بين الأحياء ذات اللون الطائفي الواحد يقول الناشط «هناك أحياء موالية، الحياة فيها طبيعية، الناس يملأون المقاهي والأسواق ويذهبون إلى بيوتهم بأمان. في المقابل هناك أحياء قررت الانتفاض على الظلم ورفض الغبن الذي فرض عليها عبر أربعين عاما، ينتشر القناصة على أسطحتها، ويمنع سكانها حتى من التكبير للتعبير عن معارضتهم، عدا عن مئات العائلات التي فقدت ضحايا من أبنائها وصبغت منازلها بالحزن، وأخرى لا تعرف مصير من أعتقل من أفرادها». ويضيف: «هذا التناقض سيزيد من الاحتقان الطائفي الذي صنعه النظام وسيجعل التكهن باحتمالاته، سيناريوهات لا تدعو للتفاؤل أبدا».

يذكر أن حي الزراعة يعد من المشاريع السكنية الجديدة، حيث كان الهدف منه توسيع مدينة اللاذقية، ويعود تاريخه إلى السبعينات من القرن العشرين. وهو يعد اليوم من أكثر المناطق تنظيما ونشاطا، ويكتسب أهميته من كونه مدخل اللاذقية الأساسي ومن كونه الحي الأقرب إلى جامعة تشرين التي تعد أهم عصب حيوي في اللاذقية.

ويتكون الحي من شارع رئيسي يسمى أوتوستراد الزراعة، وخمسة شوارع موازية له شرقا وصولا إلى حدود السكن الجامعي لجامعة تشرين، إضافة لمنطقة باب اسبيرو التي تتكون من ثلاثة شوارع تلي الشوارع الخمسة شرقا وصولا أيضا لقسم آخر من جامعة تشرين الحكومية.