باكستان: أمر بمثول رئيس الحكومة أمام المحكمة العليا الخميس

متهم بتحقير القضاء.. وتستر على قضايا فساد * يواجه عقوبة السجن 6 أشهر وحرمانه من المناصب العامة

صورة بثتها دائرة الإعلام الباكستاني أمس لرئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني (يسار) وبجانبه رئيس الدولة آصف علي زرداري خلال توجههما إلى مقر الحكومة (أ.ف.ب)
TT

أرسلت المحكمة الباكستانية العليا أمس إخطارا لرئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، وجهت له من خلاله تهمة ازدراء المحكمة، وذلك لعدم امتثاله لقرارات المحكمة، وطلبت منه المثول شخصيا أمام المحكمة يوم الخميس المقبل لمواجهته بهذه التهمة.

وذكر الأعضاء السبعة لهيئة المحكمة العليا برئاسة القاضي ناصر الملك، في هذا الإخطار القصير أن حكومة رئيس الوزراء جيلاني قد امتنعت عن توجيه خطاب إلى السلطات السويسرية تطالبها فيه بإعادة فتح قضايا غسل الأموال المقامة ضد الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، وأن هذا الأمر قد جعل رئيس الوزراء، جيلاني، عرضة لمحاكمته بتهمة ازدراء المحكمة.

جاء أمر المحكمة العليا بعد «فشل» حكومة جيلاني في إعادة فتح التحقيق في الآلاف من قضايا الفساد، المتهم فيها سياسيون ومسؤولون حكوميون، من بينهم الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، الذي يتعرض لضغوط كبيرة لدفعه إلى التخلي عن السلطة.

وطلبت المحكمة من جيلاني المثول أمامها شخصيا الخميس المقبل، إلا أنها لم توجه أي اتهامات جنائية أو تهمة «الازدراء» رسميا إلى رئيس الحكومة الباكستانية، ولكنها اكتفت بإصدار مذكرة بطلب الاستماع إليه، وهو إجراء أدنى من الناحية القانونية.

ويقول خبراء قانونيون إن رئيس الوزراء، جيلاني، ربما يواجه احتمال السجن لمدة ستة أشهر، كما قد يتم استبعاده من تولي مناصب عامة بموجب القانون، إذا ما أدانته المحكمة بتهمة ازدرائها.

وقد أخبر وزير العدل الباكستاني، مولى بوكس شانديو، وسائل الإعلام خارج البرلمان بأن الحكومة ستأخذ على محمل الجد تهمة ازدراء المحكمة الموجه لرئيس الوزراء، كما قال مسؤولون في وزارة العدل لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة بدأت في استشارة الخبراء الدستوريين والقانونيين حول ما إذا كان ينبغي على رئيس الوزراء، جيلاني، المثول أمام المحكمة أو لا.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2009 ألغت المحكمة العليا مرسوما بالحصانة يعود إلى عام 2007 ويحمي بشكل خاص الرئيس المقبل آنذاك آصف علي زرداري الذي تراجعت شعبيته إلى حد كبير، من ملاحقات بتهم فساد خصوصا في قضية تحويل أموال عامة إلى حسابات مصرفية في سويسرا، إلا أن الحكومة لم تطبق قط هذا القرار.

وكان رئيس الوزراء، جيلاني، قد قاوم بشدة الضغوط التي مارستها عليه المحكمة العليا، خلال العامين الماضيين، لإعادة فتح قضايا الفساد المالي المقامة ضد الرئيس زرداري.

ومن الجدير بالذكر أن الرئيس السابق، برويز مشرف، قد أسقط جميع تهم الفساد المالي ضد الرئيس، آصف علي زرداري، بموجب قانون مثير للجدل يعرف باسم «مرسوم المصالحة الوطنية».

وقد أعلنت المحكمة العليا عدم دستورية مرسوم المصالحة الوطنية وأمرت بحذفه من كتب القانون، مما استلزم بالتالي مطالبتها حكومة حزب الشعب الباكستاني بإعادة فتح القضايا المقامة ضد الرئيس، آصف علي زرداري.

وقد قاومت حكومة حزب الشعب الباكستاني منذ ذلك الحين ضغوط المحكمة والأحزاب السياسية المعارضة، وهو ما أدى إلى امتناعها عن توجيه خطاب إلى السلطات السويسرية أو مطالبتها بإعادة فتح قضايا الفساد ضد الرئيس الباكستاني، مدعية أنه يتمتع بالحصانة من المقاضاة الجنائية بموجب الدستور.

وقد حذرت المحكمة العليا، مع ذلك، الحكومة من أن كلا من الرئيس ورئيس الوزراء، يواجهان خطر تنحيتهم إذا ما رفضوا تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة العليا بإعادة فتح قضايا الفساد المقامة ضد الرئيس الباكستاني.

وقد نسب القاضي، سعيد آصف خوسا، في الإخطار القصير الذي أصدرته المحكمة العليا في الأسبوع الماضي، إلى رئيس الوزراء الباكستاني، تهمة عدم الأمانة لفشله في الوفاء باليمين التي أقسمها بحماية الدستور.

وقد أوضحت هيئة المحكمة طبيعة الدور الذي ينبغي على رئيس الوزراء القيام به، حيث قالت إن المادة 190 تلزم رئيس الوزراء بضرورة الامتثال لقرار المحكمة العليا في الشكل والموضوع.

وقد جاء في نص إخطار المحكمة: «يبدو أن الرئيس ووزير العدل قد أخلا هما أيضا بقسميهما، مما قد يجعلهما عرضة بكل تأكيد لمشاركة رئيس الوزراء مصيره».

ويمثل أمر المحكمة تصعيدا في معركة البقاء التي تخوضها الحكومة التي تتعرض خلالها لهجوم مزدوج من جانب الجيش بسبب مذكرة تنسب لها تطلب فيها مساعدة أميركية لتفادي وقوع انقلاب عسكري في البلاد، ومن جانب المحكمة العليا بسبب تنفيذ عدد من الأوامر القضائية الصادرة خلال العامين الماضيين.

ورفض رئيس وزراء باكستان أول من أمس طلب قائد الجيش أن يوضح الانتقادات التي وجهها إلى الجيش وجهاز المخابرات الأسبوع الماضي أو يسحبها، وهو ما زاد من التوتر في النزاع بين الحكومة والجيش.

وقال جيلاني للصحافيين في مدينة فيهاري بوسط البلاد: «رئيس الوزراء مسؤول أمام البرلمان. لن أرد على شخص، فأنا مسؤول أمام البرلمان».

ويعيش في باكستان 180 مليون نسمة وتواجه البلاد تمردا متصاعدا لحركة طالبان، وبها واحدة من أسرع الترسانات النووية نموا في العالم.

وعلى الرغم من أن أمر المحكمة صادر بحق جيلاني، فإن معظم المراقبين يقولون إن الهدف الحقيقي للمحكمة هو الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري.

وخلال التسعينات رفع ضد زرداري العديد من قضايا الفساد، بل إنه اتهم أيضا في جريمة قتل، ويقول من جانبه إنها كلها قضايا كاذبة ذات دوافع سياسية.