أزمة الوقود تزيد غضب المصريين قبل أيام من الذكرى الأولى للثورة

شملت كل أنواع الوقود وأسطوانات الغاز

أزمة الوقود في الشارع المصري تثير حنق المصريين قبل الذكرى الاولى للثورة (رويترز)
TT

بينما تضرب مصر موجة برد قارصة، اضطر الشاب محمد أسامة، مهندس ميكانيكا، إلى الذهاب في ساعة متأخرة من الليل إلى إحدى الضواحي البعيدة خارج القاهرة، ليعيد ملء سيارته بالوقود من إحدى المحطات، لكنه فوجئ بأن عشرات غيره يقفون بسياراتهم في طوابير طويلة، وهو المشهد الذي يتكرر طوال النهار أمام أغلب محطات الوقود في مصر حاليا، مما ينذر بتصاعد الغضب الشعبي قبيل الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، خاصة بعد أزمة أسطوانات الغاز التي تضاعف سعرها، وتسببت في مشاجرات عنيفة أسفرت عن سقوط قتلى في أماكن مختلفة.

وبعد ساعة من الانتظار، تمكن أسامة من شراء كمية من الوقود تكفي بالكاد لثلاثة أيام، ولم يسلم أسامة من ربكة الزحام حول محطة الوقود، مما جعله يقول لـ«الشرق الأوسط»: «عندما ينفد وقود السيارة، سأستقل تاكسي، من الصعب خوض مغامرة الحصول على البنزين مرتين أسبوعيا».

وخلال السنوات القليلة الماضية، عانى المصريون نقصا حادا في وقود السيارات «فئة 80» (وهو وقود يستخدم عادة للسيارات القديمة والمتهالكة)، لكن الأزمة لم تطل أبدا وقود «فئة 90» الذي تستخدمه السيارات المتوسطة والحديثة أو بنزين 92 الذي تستخدمه السيارات الفارهة كما يحدث الآن.

الآن، لم تعد أزمة نقص الوقود تقتصر على البنزين فقط، بل تمتد للسولار أيضا، وهو الوقود المستخدم لحافلات النقل، وسط شائعات تتردد عن أن الحكومة بصدد رفع سعر الوقود قريبا. وتنتج مصر محليا الجزء الأكبر من المشتقات البترولية مثل البنزين والسولار المطلوبة للسوق المحلية، لكنها تستورد كل احتياجات سوقها المحلية من أسطوانات الغاز، ويقول مراقبون إن أزمة أسطوانات الغاز ربما تتعلق بتراجع الاحتياطي النقدي المصري من الدولار الأميركي. وهو ما ينفيه الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «المسألة كلها مرتبطة بنظريات السوق في العرض والطلب، هناك فجوة كبيرة بين سعر العرض، وسعر الطلب، ومع حالة الانفلات الأمني ووجود البلطجية، يحدث استغلال كبير لحاجة الناس للوقود، وبالتالي تحدث الأزمة». وبينما قالت مصادر في شركات بترول حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن إنتاجها من البنزين والسولار لم ينخفض مؤخرا، قالت مصادر أخرى في مستودعات حكومية إن المستودعات شبة خاوية حاليا. وضبطت السلطات المصرية 139 قضية في مجال الاتجار غير المشروع في أسطوانات الغاز، بإجمالي 4555 أسطوانة غاز مهربة، و32 قضية في مجال تداول سلع البنزين والسولار بمضبوطات بلغت 45 ألفا و645 لتر بنزين وسولار مهربين، وهو ما يعلق عليه أستاذ الاقتصاد بالقول: «مساواة سعر العرض والطلب هو حل صعب وسيثر الغضب، لذا فالحل الأمثل الآن هو العمل بنظام الكوبونات لضمان وصول الدعم لمستحقيه».

ومن جهته، حمَّل الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين والتجارة الداخلية، وزارتي البترول والمالية مسؤولية الأزمة، قائلا «وزارة البترول هي المسؤولة عن توفير البنزين والسولار وأنابيب البوتاجاز، أما وزارة المالية فهي التي توفر الدعم المالي لاستيراد هذه السلع من الخارج»، موضحا أن العجز المالي في الموازنة قد يكون سببا فعالا في تأخر وصول شحنات الغاز المستورد من الخارج، خاصة أن مصر تستورد نحو 60 في المائة من الغاز.

وتدعم الحكومة المصرية الوقود بنحو 95 مليار جنيه (نحو 15.8 مليار دولار أميركي) وفقا للسنة المالية الحالية، ويعتقد مراقبون أن أي محاولة لتخفيض الدعم ستكون خطوة استفزازية وستزيد الغضب الشعبي والزخم العام للدعاوي للتظاهر لاستكمال الثورة، خاصة مع انتشار شائعات عن نية الحكومة المصرية رفع أسعار المحروقات بشكل عام.

من جانبه، نفى محمد نظمي، وكيل وزارة البترول، ما يتردد من وجود نوايا لرفع أسعار المواد البترولية، مؤكدا أن عمليات ضخ الوقود في السوق المحلية تسير بشكل طبيعي، وقال نظمي، في تصريحات للتلفزيون المصري، إن الشائعات التي ترددت مؤخرا تسببت في حدوث تكالب من المواطنين على محطات البنزين.