عباس: نتنياهو لم يقدم مشروعا ذا أهمية.. وكليغ: الاستيطان «تخريب متعمد»

يختتم اليوم زيارة للندن التقى خلالها رئيس الوزراء البريطاني وألقى كلمة أمام مجلس العموم

أبو مازن مع كاميرون أمام 10 داونينغ ستريت قبل محادثاتهما أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

يختتم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) مساء اليوم زيارة لبريطانيا استغرقت 48 ساعة، التقى خلالها مع المسؤولين البريطانيين في مقدمتهم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون واختتم اللقاء من دون مؤتمر صحافي كما هي العادة بل بيان مقتضب دون الدخول في تفاصيل المحادثات. لكن مصادر فلسطينية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المحادثات بين الزعيمين التي تمت في 10 داونينغ ستريت، دارت حول سبل الخروج من مأزق المفاوضات المباشرة، دون التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن حسب قول المصدر الفلسطيني الذي طلب عدم ذكر اسمه.

ويتمسك الفلسطينيون الذين يجرون مفاوضات استكشافية على حد قولهم، بوقف الاستيطان كشرط أساسي لاستئناف المفاوضات، أو على الأقل التوصل إلى اتفاق مع الإسرائيليين حول الحدود والأمن قبل 26 يناير (كانون الثاني) الجاري وهو تاريخ انتهاء الـ90 يوما التي حددتها اللجنة الرباعية للتوصل إلى تفاهم في هذا الشأن.

وكان أبو مازن قد التقى في وقت مبكر من أمس مع نائب رئيس الوزراء زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نيك كليغ في مكتبه في وسط لندن. وعقب الاجتماع عقد الزعيمان مؤتمرا صحافيا، أدان فيه كليغ الاستيطان ووصفه «بالتخريب المتعمد». ورحب أبو مازن من جانبه بهذا الموقف البريطاني. واجتمع بعدها مع وزير الخارجية ويليام هيغ في مقر الوزارة في وايت هول.

قال أبو مازن: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يقدم حتى أول من أمس أي مشروع ذي أهمية فيما يتعلق بتحريك العملية السياسية، مؤكدا أن الاستيطان غير شرعي ولا يمكن العودة إلى المفاوضات دون وقفه بالكامل. وأضاف أن استمرار النشاطات الاستيطانية يجعلنا نتساءل: أين ستقام هذه الدولة؟ وتابع أبو مازن القول «ناقشنا مجموعة من الموضوعات وأبرزها اللقاءات الجارية الآن، ولدينا اجتماعان أو أكثر حتى نهاية الشهر، نأمل بأن يقدم الطرف الإسرائيلي ما يضمن استمرار هذه اللقاءات».

ونقل عن كاميرون القول: «نعتقد أن الوقت ينفد - من بعض النواحي - أمام حل الدولتين ما لم نتمكن من أن نتحرك قدما الآن؛ لأنه ما لم نفعل فستزيده الوقائع على الأرض صعوبة على صعوبة، ولهذا تبقى لمشكلة المستوطنات هذه الأهمية الكبيرة».

وبعد لقائه بكليغ التقى أبو مازن مع وزير الخارجية ويليام هيغ وكذلك مع زعيم المعارضة العمالي إيد ميليباند قبل أن يلقي كلمة أمام مجلس العموم البريطاني. وفي يوم وصوله إلى لندن أول من أمس، أقام السفراء العرب في بريطانيا على شرفه مأدبة عشاء. واستقبل أبو مازن بعد عشائه مع السفراء العرب، في مقر إقامته في فندق «ذي غروفنر» المواجه لحديقة للهايد بارك الشهيرة وسط لندن، مع شخصية لم يكشف عن هويتها، حسب ما قاله مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط». وحسب هذا المصدر فإن أبو مازن طلب إبقاء برنامج زيارته من دون مواعيد بعد عشاء السفراء العرب.

و التقى أبو مازن مع كبير اساقفة كانتربري وزعماء الجالية اليهودية قبل مغادرته والوفد المرافق له لندن في طريقه إلى ألمانيا حيث سيلتقي مع المستشارة أنجيلا ميركل، ومن هناك سينتقل إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية سيرجي لافروف.

واستبقت لندن وصول أبو مازن في زيارة رسمية، حسب قول صحيفة «الجويش كرونيكل» الأسبوعية الناطقة باسم غالبية اليهود في بريطانيا، بتصعيد ما وصفته بـ«حرب الكلمات» مع إسرائيل بشأن البناء الاستيطاني. وقالت الصحيفة إن أعضاء الحكومة البريطانية يشعرون بغضب متزايد من الموقف المتعجرف لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إزاء هذه القضية.

واستدعي مجلس زعماء الجالية اليهودية ومجلس النواب اليهود في بريطانيا إلى اجتماع مع كاميرون قبيل وصول أبو مازن إلى مكتبه. وهذا أول اجتماع من نوعه بين كاميرون وزعماء اليهود منذ فوز حزب المحافظين في الانتخابات في مايو (أيار) 2010. وقاد هذا اللقاء إلى الاعتقاد بأن كبار زعماء الجالية اليهودية قد أعدوا مقدما لتنازلات قد تقدم عليها الحكومة للفلسطينيين وربما شكل من أشكال العقوبات الدبلوماسية وربما الاقتصادية ضد إسرائيل.

وفي جلسة استجواب الحكومة أشار كاميرون إلى أنه أثار موضوع المستوطنات خلال مكالمته الهاتفية مع نتنياهو بمناسبة رأس السنة الجديدة.

وفي خطاب له في جامعة بار إيلان في تل أبيب، قال أليستر بيرت وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط، بعد إشادته بالحكمة السياسية التي أبدتها إسرائيل بالعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين في الأردن، أن البناء الاستيطاني يضعف الاعتقاد بأن العودة إلى المفاوضات كانت بنية صادقة، لأن بناء المزيد من الوحدات السكنية في الضفة الغربية لا يعطي الانطباع أن إسرائيل نلتزم التزاما كاملا في إيجاد حل عادل ودائم، بل تخاطر بإرسال الإشارة الخاطئة.

وأضاف بيرت المعروف بتاريخ تعاطفه وتأييده لإسرائيل حسب «الجويش كرونيكل»: «أود أن أقول لكم إن غياب التقدم في عملية السلام مصحوبا بالإعلان الأسبوع تقريبا عن عطاءات للبناء الاستيطاني أو تصاريح لوضع مخططات لمساكن جديدة، سيكون له تأثير حقيقي على الطريقة التي ينظر فيها العالم لإسرائيل». وتقول «جويش كرونيكل» إن هذه اللهجة تعكس تشددا في الموقف البريطاني إزاء المستوطنات، ويؤكد ذلك قول متحدث باسم الخارجية البريطانية «إن قلقنا يتزايد من تواصل البناء الاستيطاني، وسنواصل لدى الإسرائيليين في هذه المسألة».