جدل وتحفظات وتحذيرات بالضفة من خطة «تقشفية وضريبية» للحكومة

فياض: تحقق العدالة وتخفف العجز

TT

حذر سياسيون ونواب واقتصاديون وموظفون ونقابات موظفين وعمال وقطاعات اقتصادية وشبابية واسعة في الأراضي الفلسطينية، من تداعيات سن قوانين ضريبية جديدة، ضمن خطط «تقشفية» قالت الحكومة الفلسطينية إنها بصدد تنفيذها في وقت قريب لخفض العجز المالي في السلطة الفلسطينية.

وجاءت الاقتراحات الجديدة التي أعلن عنها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض هذا الأسبوع، متزامنة مع ارتفاع في البطالة والأسعار بشكل كبير، وهو ما دعا معه ناشطون على «فيس بوك» و«تويتر» إلى النزول إلى الشارع وإلى مظاهرات ضد الغلاء والضرائب معا، قد تبدأ مطلع الشهر المقبل، كما هدد معه رجالات في القطاع الخاص بالتوجه إلى القضاء.

ورغم أن فياض دافع عن خطته المالية الجديدة، قائلا إنها جاءت بالتشاور مع قطاعات مختلفة، وأن الهدف الرئيسي منها هو تخفيض العجز المالي بما لا يمس بشبكات الأمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود وبما يحقق عدالة اجتماعية، فإن ذلك لم يكن مقنعا لقطاعات واسعة من الفلسطينيين.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة بير زيت في رام الله والخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم إن الإجراءات التي تتحدث عنها الحكومة، تضيف تشوهات أخرى للقوانين الضريبية المشوهة أصلا، محذرا من تداعيات سن قوانين بالطريقة التي تتحدث عنها الحكومة، معتبرا أنها «لا تنسجم مع العدالة الاجتماعية مطلقا، وإنما تزيد الأعباء الضريبة على الاقتصاد الفلسطيني برمته». وأضاف: «إنها باختصار إجراءات لا تنصف الفقراء ولا الأغنياء وتزيد التشوهات».

وأوضح عبد الكريم لـ«الشرق الأوسط» أن «القوانين الضريبية أصلا مشوهة، وهي تتعامل مع موظف عادي مثل شركات كبرى، لا تميز بين موظف وشركة تجارية وزراعية وخدماتية أو تحت الاحتلال أو في منطقة فيها بطالة أو جفاف، والآن يضيفون تشوها جديدا بإضافة القطاع الزراعي للضريبة».

ويأخذ عبد الكريم على التعديلات المقترحة أنها لا تحمل أي فلسفة جديدة في الحكم. ويرى أن الخيارات التي لجأت إليها الحكومة، لمواجهة الأزمة المالية، يجب أن تكون الحل الأخير وليس الأول. وقال: «هناك حلول أقل تكلفة وأقل أعباء، ولها تأثيرات أفضل على الخزينة». وتابع القول: «كل ما يمكن أن تجنيه الحكومة من خلال زيادة الضرائب لن يحل المشكلة ولا يستحق كل هذه التشنجات التوترات».

ومن وجهة نظر عبد الكريم، فإن التعديلات الضريبية والقوانين الجديدة، ستؤثر سلبا على الفرص الاقتصادية في البلاد وتطوير القطاع الخاص وفرص العمل كذلك. ورفض تحميل المواطن ما قال إنه نتائج السياسات الخاطئة للحكومة واجتهاداتها التي خلقت الأزمة المالية.

وتساءل عبد الكريم: «لماذا لا تبدأ الحكومة بالتقشف؟ ابدأوا بأنفسكم، بدل فرض ضريبة إضافية، ولماذا لا يكافحون التهرب الضريبي؟ ولماذا لا يذهبون إلى مصالحة تجلب للخزينة ضرائب إضافية وعالية من غزة أيضا؟». وأضاف: «ثم من قال من الأساس إن هناك اتفاقا مجتمعيا على أننا لا نريد مساعدات دولية، المطلوب هو توظيف المساعدات وليس تخفيفها؟ دول عمرها 200 عام وتتلقى مساعدات، ومن قال إن التخلص منها يوقف الابتزاز؟ كل المفاتيح الاقتصادية ما زالت بيد إسرائيل، بما فيها أكثر من 1000 مليون دولار شهريا مستحقات ضريبية».

ولأول مرة يواجه فياض انتقادات واسعة بهذا الحجم بخصوص سياساته المالية، بعدما كان يحظى بدعم متزايد خلال أول عامين تسلم فيهما رئاسة الوزراء، وكان يوصف «بالمنقذ» للنظام المالي الفلسطيني.

ووقفت النقابات التي تمثل الموظفين والعمال، وبرلمانيون وأكاديميون ورجال اقتصاد وخبراء في وجه خطة فياض، التي تتضمن أيضا فرض التقاعد المبكر على عشرات آلاف موظفي القطاع العام ورفع نسبة مساهمة ضريبة الدخل في الناتج القومي، وزيادة التحصيل الضريبي، وضبط المصاريف، وإلغاء بعض الإدارات الحكومية. ويطمح فياض إلى اتخاذ إجراءات تضمن دخلا يقدر بحدود 350 مليون دولار كما قال.

وحذرت نقابة الموظفين من أن الحكومة تخطط لإحالة 26 ألف و500 موظف إلى التقاعد المبكر، قائلة إن تبعات ذلك لا تخطر ببال أحد. ودعا نواب وممثلون عن عدد من الفصائل والمؤسسات، الحكومة إلى إعادة النظر في سياستها المالية. وأكد النائب بسام الصالحي زعيم حزب الشعب الفلسطيني «الحاجة لإعادة صياغة السياسة المالية للسلطة، في ظل غياب السيطرة على المصادر الأساسية للبلد». فهذا حسب قوله «ليس التوقيت الملائم لهذه المسألة».

ورفض النائب مهيب عواد، أن يتحمل أهالي الضفة العبء الضريبي، الأمر الذي لا يحدث في غزة. أما النائب خالدة جرار عن الجبهة الشعبية، فوصفت الأمر بغير القانوني، بينما حذر النائب قيس عبد الكريم عن الجبهة الديمقراطية، من توريط البلد بشكل لا يمكن تداركه.

وانضم خبراء ونشطاء لانتقاد خطة فياض، وعقب الخبير الاقتصادي نبهان عثمان، على الخطة قائلا إنها تعكس عجزا في الرؤية التنموية والاقتصادية للسلطة. أما المستشار القانوني في مؤسسة «الحق» عصام عابدين، فوصف الأمر بمثابة ترجمة للسياسات الخاطئة منذ نشوء السلطة.