إسرائيل تتراجع عن «معاقبتها» أبو مازن وتعتذر بعد تدخل واشنطن

أصدرت تصاريح اعتبرت الرئيس الفلسطيني «ممنوعا أمنيا»

صورة لتصريح التنقل الخاص بالرئيس محمود عباس
TT

توجهت وزارة الدفاع الإسرائيلية بالاعتذار إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، بعد أن كانت قد «عاقبته» واعتبرته «ممنوعا أمنيا»، وحددت له شهرين فقط للتنقل وفق تصريح من موظفي الجيش الإسرائيلي. لكنها تراجعت عن هذه العقوبة واعتذرت، بعد أن تدخلت الإدارة الأميركية في الموضوع.

والقصة تتعلق بالتصاريح التي تصدرها إسرائيل للمسؤولين الفلسطينيين. فالمعروف أن الجيش الإسرائيلي، وبحكم سيطرته على المعابر الدولية للضفة الغربية وعلى مداخل المدن الفلسطينية، ما زال يفرض على كل فلسطيني، من أبسط مواطن وحتى الرئيس المنتخب، أن يتحرك في مناطق سيطرة الاحتلال بواسطة تصريح يصدر عن «دائرة الارتباط» في الجيش الإسرائيلي. ومنذ اتفاقيات أوسلو، بدأت إسرائيل تصدر تصاريح «مريحة» لمجموعة من الشخصيات الفلسطينية القيادية ورجال الأعمال وموظفي المؤسسات الدولية من الفلسطينيين، تحت مسمى «شخصيات مهمة جدا» (VIP)، بحيث تحدد مدة التصريح بنصف سنة.

وقد استخدمت إسرائيل هذه التصاريح أداة ضغط سياسية في حالات كثيرة، خصوصا مع القيادات العليا. فإذا أطلق أحدهم تصريحا مستفزا لها، تتدخل المخابرات الإسرائيلية فتماطل في إعطاء التصريح أو تصادر التصريح على حاجز ما أو تؤخر مرور ذلك المسؤول. وقد تعرض الرئيس أبو مازن لمثل هذه العرقلة أكثر من مرة، وكان يرد على ذلك باحتجاج تظاهري، كأن يلغي السفر إلى لقاء سياسي دولي، فيثير ذلك غضبا على إسرائيل، الأمر الذي جعلها تخفف من التصرف على هذا النحو مع الرئيس عباس.

وفي الأسابيع الأخيرة، نشرت أنباء في تل أبيب تقول إن إسرائيل تنوي معاقبة الرئيس الفلسطيني بشكل شخصي على سياسته التي تشوه سمعة إسرائيل في الخارج. وجرى التلميح إلى أن هذا العقاب سيكون في مجال حرية تنقله، وكذلك في مجال دخول القوات الإسرائيلية للمناطق «أ» التابعة أمنيا وإداريا للسلطة الفلسطينية المطلقة. وفي يوم أمس، كشف النائب العربي في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أن السلطات العسكرية الإسرائيلية نفذت تهديدها بالفعل فأصدرت قبل أسبوعين تصاريح للرئيس عباس وغيره من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية لمدة شهرين (من أول يناير/ كانون الثاني، الحالي، وحتى أول مارس/ آذار، المقبل)، بدلا من ستة شهور، وأنها أضافت جملة استفزازية لهذه التصاريح، تقول حرفيا «رغم المنع». والمقصود بهذه الجملة هو أن التصريح يمنح للرئيس عباس وبقية المسؤولين «رغم أن أسماءهم ترد في قائمة الممنوعين من التنقل».

وقد أبلغ الفلسطينيون الإدارة الأميركية بهذه الواقعة، من خلال شكواهم من أن إسرائيل تتعامل حتى مع الرئيس ومع كبار المسؤولين الفلسطينيين، بطرق احتلالية بغيضة، وتعاقبهم على مواقفهم ولا تستوعب بعد ضرورة التعامل بطريقة الند للند. فتدخلت الإدارة الأميركية لدى إسرائيل. فسارعت هذه إلى الادعاء بأن الأمر ناجم عن «خطأ فني». واتصل مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية بمكتب الرئيس عباس، وقدموا اعتذارا عن «هذا الخطأ». ووعدوا بإصدار تصاريح جديدة بصيغة مختلفة.

ولم «يقبض» الفلسطينيون هذا التفسير جديا، وقالوا إنهم يعرفون أن «هذا الخطأ» مقصود، وإنه يرمي إلى التلميح بما قد يحصل إذا ترك الفلسطينيون طاولة المفاوضات. وقال مراسل القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي التجاري المستقل، إن التفسير الفلسطيني في محله، وإن هذا «الخطأ» مبني على غضب إسرائيلي من التهديد الفلسطيني بترك المفاوضات الجارية في عمان، في حال عدم تقديم مقترحات إسرائيلية جدية تتيح الاستمرار في المفاوضات.

وكان الفلسطينيون قد أوضحوا أن مفاوضات عمان هي مفاوضات استكشافية تستهدف معرفة إذا ما كانت إسرائيل مستعدة لتغيير موقفها من عملية السلام وتقديم ضمانات بأن توقف مشاريعها الاستيطانية وتطرح مقترحات في قضيتي الحدود والأمن تتيح استئناف المفاوضات المباشرة من أجل تسوية دائمة، أم لا.

وفي واشنطن، صرح العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، راعي هذه المفاوضات، بأن هناك تقدما بطيئا يشبه خطوات الطفل الرضيع، لكن الأمر يحتاج إلى خطوات وئيدة أكثر. وقال إن على إسرائيل أن تختار ما بين أن تكون دولة ديمقراطية تعيش بسلام مع الدولة الفلسطينية المستقلة، وبين نظام أبرتهايد مبني على استمرار الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري ضد الفلسطينيين.