الملك عبد الله الثاني: عباس ونتنياهو يريدان مخرجا

العاهل الأردني في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط»: العنف والمظاهرات سيستمران في سوريا ما لم يحدث أمر غير متوقع بمشاركة أوسع من المجتمع الدولي

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
TT

أبدى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تفاؤلا حذرا بحدوث تقدم في مباحثات السلام بين الفلسطينيين والأردنيين التي يرعاها الأردن منذ أسبوعين، معربا عن اعتقاده أن الجانبين يريدان كسر حالة الشلل التي تمر بها العملية، لكن العاهل الأردني المقرر أن يكون قد اجتمع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس في واشنطن، قال إن الجانبين أمامهما تحديات كبيرة عليهما تجاوزها قبل أن يدخلا في مقترحات صلبة لبناء دولة فلسطينية مستقبلية. يذكر أن العاهل الأردني كان قد أبدى تشاؤما في مقابلة في الربيع الماضي بشأن فرص السلام بسبب تزايد البيئة المحافظة في السياسة الإسرائيلية التي ترفض تسويات حول قضايا الحدود والأمن مع الفلسطينيين. وقال إنه لا يتوقع أن يدخل الأميركيون بثقلهم كاملا في العملية ما لم تكن هناك صيغة مقترحة لها نتيجة متوقعة.

وفي مقابلة أجرتها معه في العاصمة الأميركية واشنطن صحيفة «واشنطن بوست» قبل لقائه الرئيس الأميركي، وتنشرها «الشرق الأوسط»، تحدث الملك عبد الله الثاني عن سوريا والربيع العربي والإصلاحات الداخلية في الأردن. وفي ما يلي مقتطفات من المقابلة.

* حول المحادثات منخفضة المستوى بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين, أشار الملك عبد الله إلى أن الفرصة قائمة، لأن الإسرائيليين والفلسطينيين على ثقة بقدرة الأردن كوسيط في التخفيف من عبء اتخاذ أي من الجانبين للمبادرة الأولى.. ونحن بحاجة إلى حمل الجانبين على العودة إلى المحادثات. وأعتقد أن كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس يريدان مخرجا، كسبيل للوصول إلى المفاوضات. نحن نعلم جميعا المواقف التي تمترسوا فيها. بيد أنني أعتقد أن النوايا تتوافر لدى الطرفين. غير أن هناك الكثير من الأفراد الذين ينظرون إلى هذه المفاوضات بنوع من السلبية وردي علي ذلك هو أن محاولة الحديث بعضهم إلى بعض على الأقل أفضل من لا شيء. وإذا فهمت المنطقة، فستدرك مدى أهمية ذلك.

* الدور الأميركي في عملية السلام:

بسبب الانتخابات الأميركية - ومواجهة أميركا تحدياتها الخاصة - لا يمكننا الإفراط في التوقعات بأن يضطلع الأميركيون بدور أكبر في الوقت الراهن ما لم يكن لدينا اتفاق تكون نتائجه متوقعة إلى حد ما. ولذا، فإن المسؤولية ملقاة على عاتقنا جميعا في التقريب بين الأطراف معا حتى يتمكن الأميركيون من المشاركة وإنهاء الاتفاق. وأنا لست هنا لأعبر عن مطالب الرئيس في هذه المرحلة.. فورقة الرئيس لا يمكن طرحها سوى مرة واحدة، ونحن لم نصل إلى مكان قريب يمكننا من استخدام هذه الورقة. والأمر عائد إلينا في القيام بهذا العمل الشاق، لا الرئيس.

* المستوطنات الإسرائيلية كعقبة:

نسمع مناقشات عظيمة عن السلام من الإسرائيليين، لكن ما نشهده على الأرض شيء مختلف تماما. فالمفاوضات تحاول التغلب على هذه المشكلات، ومرة أخرى سيتطلب ذلك عملا شاقا من المجتمع الدولي على كلا الجانبين، وبخاصة من الإسرائيليين بشأن المستوطنات، كي نتمكن من الوصول إلى أرضية مشتركة كافية.. ما نحاول تحقيقه على المدى القريب هو محاولة عودة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة الحوار للنقاش بشأن الأمن والحدود. وأعتقد أنه ما إن ننهي قضية الحدود، فسنتمكن حينئذ من حل قضية المستوطنات، ويمكننا بعدها الانتقال مباشرة إلى المحادثات الأمنية.

* حول مخاطر تأخير السلام:

الانتظار هو أسوأ الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها الإسرائيليون. لكنهم لم ينتبهوا لذلك إلا مع الانتخابات المصرية.. والآن، أعتقد أن هناك تحولا كبيرا في الطريقة التي ينظر بها الإسرائيليون إلى القضية من ضرورة التفكير بجدية في المسألة الإسرائيلية - الفلسطينية. وإذا ما تجاوزنا هذا الخط، فسوف نعبر الخط في القريب العاجل أو في وقت متأخر لن يكون حل الدولتين متاحا فيه، وهو الحل الذي يكون فيها الحل الوحيد حل الدولة الواحدة. وحينئذ هل سنتحدث بشأن التفرقة العنصرية أم الديمقراطية؟ وكلما حاول الإسرائيليون تدمير هذا الخط، تزايدت فرص خسارتهم ما يعتقدون أنه المستقبل المثالي لإسرائيل.

* الصراع في سوريا وتأثيراته الإقليمية:

ستواصلون رؤية العنف والمظاهرات والصراع في سوريا خلال الفترة المقبلة. ولا أعتقد أن هناك تغييرا سيحدث لما شهدناه خلال الشهور الماضية ما لم يحدث أمر غير متوقع بمشاركة أوسع من المجتمع الدولي. وهنا تكمن مخاوفي. ففي البداية، يلتزم الأردن بالإجماع العربي، لكن في الوقت ذاته نحن نتبنى سياسة عدم التدخل. وعندما يلجأ الأفراد إلى الخيار المسلح أعتقد أن هذا سيكون خيارا خطرا.

* حول الإصلاح السياسي في الأردن:

أعتقد أننا لحسن الحظ في الأردن انتقلنا من الربيع العربي إلى الصيف العربي، وهو ما يعني أننا نشمر عن سواعد الجد لنقوم بالإصلاح الشاق. وأعتقد أن الشتاء العربي الذي بدأنا نراه من حولنا كان له تأثيره على المجتمع الأردني، في تحفيزنا على الانتقال إلى الصيف العربي لا إلى الشتاء العربي.

وأعتقد أن الناس يدركون هذه العملية.. فبالمقارنة بالكثير من الدول الأخرى، تعتبر هذه مسألة تقنية في مقابل القضية العاطفية. الآن، هناك بالفعل عناصر في الأردن، مهما فعلت، لن تكون سعيدة. وإذا ما كان الجميع سعيدا، إذا فهناك ثمة خطأ في العملية الديمقراطية.

حول الإسهامات الأردنية في أفغانستان:

رؤية الأفغان للقوات العربية - والأهم من ذلك المسلمين - يعملون على المستوى الذي نعمل به، انطلاقا من الإسلام المعتدل، كان له تأثير هائل. فهناك عدد كبير من الأئمة العاملين شركاء التحالف لتقديم الإسلام المعتدل في أفغانستان. هذا ما يثير جنون طالبان. فنحن نذهب إلى القرى لنصحح لهم المفاهيم المغلوطة، الأمر الذي يدفع المعارضة إلى الجنون التام.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»