السفيرة الأميركية بالقاهرة تلتقي مرشد «الإخوان».. وتوقعات بزيارة قريبة لـ«النور»

السفارة اعتبرت اللقاء مؤشرا إيجابيا.. وبديع لم يلزم نفسه بشيء

د. محمد بديع المرشد العام لـ«الإخوان» خلال لقائه بالسفيرة الأميركية آن باترسون في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

تحفظت جماعة الإخوان المسلمين في مصر على ذكر تفاصيل اللقاء الذي جمع الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة بالسفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون ودونالد بلوم مدير المكتب الاقتصادي والسياسي بالسفارة، في مقر الجماعة الرئيسي بضاحية المقطم (جنوب شرقي القاهرة)، واكتفت الجماعة بتعميم صحافي للأمين العام للجماعة الدكتور محمود حسين، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «اللقاء جرى في جو ودي وسنكتفي بما تم ذكره في التصريح الصحافي ولن نضيف عليه شيئا».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن بديع تجنب خلال اللقاء «عدم حسم أي ملف من الملفات التي حاولت السفيرة الأميركية إثارتها، كما تمسك بديع طوال اللقاء بالتأكيد على أن البرلمان والحكومة هما المعنيان بحسم هذه الملفات، خاصة ما يتعلق بالمساعدات الخارجية لمصر والترتيبات الأمنية في المنطقة ولم يلزم نفسه بشيء».

وأشارت المصادر إلى أن السفارة الأميركية اعتبرت أن قبول جماعة الإخوان الدعوة والروح التي تعاملت بها قيادات الإخوان مؤشرا طيبا ورسالة على استعدادهم للانفتاح.

وتستعد باترسون لمواصلة مشاوراتها ولقاءاتها مع القوى السياسية الأخرى التي أحرزت مقاعد في البرلمان المنتخب أخيرا، وهو ما فتح باب التكهنات عن قرب لقاء بحزب النور السلفي الذي جاء تاليا لحزب الحرية والعدالة.

وعقب نجاح ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عزمها على فتح قنوات اتصال بجماعة الإخوان المسلمين التي تعامل معها النظام السابق كجماعة محظورة، وتلاحقت زيارات المسؤولين الأميركيين لقيادات حزب الإخوان، مع توقعات بحصول «الإخوان» على الأغلبية البرلمانية.

لقاء باترسون بمرشد الإخوان هو الأول من نوعه لمسؤول أميركي رفيع بقيادات الجماعة، التي حرصت خلال الأسبوع الماضي على تأكيد مشاركتها في صناعة القرار السياسي لحزبها (الحرية والعدالة) الذي حصل على 46% من مقاعد البرلمان، ونجح في توسيع تحالفه لضمان تحقيق الأغلبية البرلمانية بما خول له تسمية رئيس البرلمان قبل 10 أيام من أول اجتماع لمجلس الشعب.

وقال الدكتور محمود حسين الذي شارك المرشد في استقبال باترسون إن السفيرة الأميركية هنأت بديع بفوز حزب الحرية والعدالة في الانتخابات التشريعية وأكدت على أن الولايات المتحدة تتطلع للتعاون مع من اختاره الشعب من برلمان وحكومة ديمقراطية.

وأشار بديع خلال اللقاء إلى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة كانت تحكم على الشعوب من خلال الحكام الديكتاتوريين وتدعمهم ما جعل شعبية الولايات المتحدة تتراجع، مؤكدا أن العصر الحالي هو عصر الشعوب، ونريد أن نرى أفعالا لا أقوالا لاسترداد الولايات المتحدة لمصداقيتها لدى الشعوب العربية والإسلامية، وبخاصة فيما يخص فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى.

وقال حسين في التعميم الصحافي: إن السفيرة الأميركية اعترفت بارتكاب الإدارات الأميركية بعض الأخطاء (في إشارة ضمنية إلى دعمها لنظام مبارك)، ولكنها دعت للتغلب عليها والاستفادة منها لعدم تكرارها في المستقبل. وأشارت السفيرة بحسب التصريح الصادر عن الجماعة إلى أن الديمقراطية دائما ما تأتي بشركاء مستقرين.

وأوضحت السفيرة أن الوضع الاقتصادي في مصر صعب وأن مصر بحاجة إلى قروض من البنك الدولي وأن ذلك سيسهم في تحسن الحالة الاقتصادية وفي تشجيع بلدان أخرى على تقديم قروض ومنح لها.

وفيما يخص القروض والمعونات، أكد بديع على أن محبي مصر على مستوى العالم كثيرون ويريدون معاونتها للقيام بنهضتها بعد ثورتها الرائعة ولا بد من أن تناقش هذه القضية في مجلس الشعب المنتخب انتخابا حرا ونزيها في اللجان المختصة بذلك. وأضاف: إننا نثق في برلماننا وجيشنا كما يثقون هم في برلمانهم وجيشهم. وإننا نرفض وجود أي قوة فوق الدستور أو فوق الشعب، وضرورة أن تكون المعونة عبر طرقها الشرعية وبمعرفة الحكومة المصرية، ودون أي شروط.

وقال مرشد الجماعة: إن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وهذا أكبر ضمان للحريات العامة والخاصة، لأنها تكفل حرية العقيدة والحريات الشخصية لكافة المواطنين على حد سواء.

من جهته جدد الدكتور عصام العريان النائب الأول لرئيس حزب الحرية والعدالة التأكيد على دعم الحزب لحكومة الجنزوري خلال المرحلة الانتقالية التي حددها العريان بتسليم السلطة في مطلع يوليو (تموز) لرئيس مدني منتخب. وقال العريان لـ«الشرق الأوسط»: «نتعاون مع حكومة الجنزوري بتشكيلها الحالي إلا إذا اقتضت الضرورة في حال لم تظهر الحكومة تعاونها مع البرلمان»، مشيرا إلى توافق التحالف الذي يقوده حزب الإخوان على التعاون مع حكومة الجنزوري.

وأوضح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن لقاء باترسون «ليس أول لقاء رفيع المستوى» مع الإخوان المسلمين في مصر، إذ جرت لقاءات عدة خلال الأشهر الماضية. وقال المسؤول الأميركي لـ«الشرق الأوسط» إن لقاء أمس «يأتي في إطار حصول الإخوان المسلمين على الأغلبية في مصر، وبحثت السفيرة مع القياديين المبادئ التي نبحث عنها في تطور الديمقراطية المصرية»، في إشارة إلى أهمية حماية الحقوق المدنية خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن زيارة باترسون إلى مقر الإخوان «يأتي ضمن سياق بناء العلاقات الشخصية وبلورة الأفكار مع القيادات التي ستساهم في الحكومة الجديدة، إنه أمر طبيعي نقوم به مع دول أخرى».

وفي ما يخص القضايا التي تمت مناقشتها في لقاء أمس، قال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إنه تم تناول قضايا عدة، منها جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط. وأوضح أن باترسون «شرحت بأن بعض الجهود في السابق نجحت وأخرى فشلت، ونحن الآن نركز على طرق للنجاح وجلب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات»، مشيرا إلى المفاوضات التي يرعاها الأردن حاليا. وأضاف: «شددت السفيرة مجددا على أهمية معاهدة كامب ديفيد للسلام (بين مصر وإسرائيل)، وإن كل من مصر وإسرائيل استفادا من هذه المعاهدة، وهي جوهرية لمصلحة الطرفين».