اتفاق مبدئي أوروبي لتجميد أصول البنك المركزي الإيراني.. وحظر نفطي

العملة الإيرانية تفقد 40% من قيمتها وإيران تؤكد وجود اتصالات مع الغرب لإطلاق المفاوضات النووية.. وأوروبا تنفي

ايرانيان يحملان اوراقا نقدية للريال الايراني والدولار الاميركي في طهران امس (أ.ف.ب)
TT

قال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي، أمس، إن حكومات الاتحاد اتفقت من حيث المبدأ على تجميد أصول البنك المركزي الإيراني إلى جانب حظر مزمع لواردات النفط الخام من الجمهورية الإسلامية لكنها لم تتفق بعد بشأن كيفية حماية التجارة غير النفطية من العقوبات. وفقدت العملة الإيرانية 40 في المائة من قيمتها، ووصلت أمس إلى أدنى مستوى لها في السوق السوداء، بواقع 18 ألف ريال إيراني مقابل الدولار. وأكدت إيران، أمس، أنها على اتصال بالقوى الكبرى لإجراء محادثات جديدة قريبا، في إسطنبول على الأرجح، لكن الاتحاد الأوروبي نفى ذلك، وقالت بريطانيا إن طهران لم تبد حتى الآن استعدادا لإجراء مفاوضات بشأن أنشطتها النووية دون شروط مسبقة.

وكثف مبعوثو الاتحاد الأوروبي محادثاتهم في الأيام الماضية لإعداد حزمة عقوبات جديدة ضد طهران لاعتمادها في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد يوم الاثنين في بروكسل. وكانوا اتفقوا في السابق من حيث المبدأ أيضا على حظر واردات النفط الإيراني إلى دول الاتحاد لكن لم يقرروا بعد موعد بدء الحظر وكيفية تطبيقه. وقال دبلوماسي في الاتحاد «بخصوص البنك المركزي سارت الأمور في الاتجاه الصحيح في الساعات الأخيرة. هناك حاليا اتفاق واسع من حيث المبدأ.. المناقشات مستمرة بشأن التفاصيل».

وقال دبلوماسيون إن بعض أعضاء الاتحاد يسعون لتجنب تعطل التجارة في السلع المسموح بها بسبب العقوبات على البنك المركزي. إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي للصحافيين أمس خلال زيارة لتركيا، إن الاتصالات جارية مع الجانب الأوروبي بشأن إطلاق الملف النووي، لتحديد المكان والزمان، مؤكدا أن بلاده تريد إجراء هذه المفاوضات. وأضاف «على الأرجح، وإن كنت غير متأكد بعد، ستجري في إسطنبول.. الموعد لم يتحدد بعد لكنه سيكون قريبا». ونفى متحدث باسم كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي التي تمثل القوى العالمية الـ6 وجود أي مناقشات جديدة مع الجمهورية الإسلامية لترتيب اجتماع. وقال في بروكسل «لا توجد أي مفاوضات على إجراء محادثات جديدة». وأضاف «ما زلنا ننتظر رد إيران على الاقتراحات الجوهرية التي قدمتها الممثلة العليا (أشتون) في خطابها في أكتوبر (تشرين الأول)». ونفت بريطانيا ذلك أيضا.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية في لندن «لم يتم الاتفاق على موعد أو على خطط محددة لأن إيران لم تظهر بوضوح حتى الآن استعدادها للرد على رسالة البارونة أشتون والتفاوض بلا شروط مسبقة». واستطرد قائلا «إلى أن تفعل سيزيد المجتمع الدولي الضغط عليها من خلال عقوبات سلمية ومشروعة».

وكانت آخر محادثات بين إيران والقوى الـ6 وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا قد توقفت في إسطنبول قبل نحو عام بعد أن فشل الطرفان في الاتفاق حتى على جدول الأعمال. ومنذ ذلك الحين عزز تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الشكوك في أن إيران سعت لتصميم سلاح نووي وشددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات التي تهدف لدفع إيران لتعليق أنشطتها النووية الحساسة ودخول مفاوضات حقيقية.

وقال دبلوماسي غربي لـ«رويترز» في إشارة إلى تصريحات صالحي «قبيل الاجتماع الأوروبي تسعى إيران لتصدر العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام وتتظاهر بأنها مستعدة للتحاور.. إذا كانت مستعدة حقا للجلوس دون شروط مسبقة فستفعل القوى الـ6 ذلك.. للأسف هي أكثر اهتماما بالدعاية في الوقت الحالي على ما يبدو».

إلى ذلك، قالت روسيا التي انتقدت العقوبات الجديدة الأوروبية والأميركية إن الخيار العسكري الذي تبحثه الولايات المتحدة وإسرائيل كخيار أخير سيكون كارثة تشعل حربا واسعة النطاق بالشرق الأوسط. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو «فيما يتعلق باحتمالات ما إذا كانت هذه الكارثة ستحدث أم لا عليكم أن تسألوا من يتحدثون عن هذا بشكل متكرر». وتابع «ليس لدي شك في أن هذا سيصب الوقود على نار مشتعلة بالفعل.. النار المشتعلة الخفية الخاصة بالمواجهة بين السنة والشيعة والأكثر من هذا أنه سيحدث تفاعلات لا أدري أين ستتوقف». وقالت الصين التي تشاطر روسيا رفضها للتحركات الأوروبية الجديدة لحظر النفط الإيراني، إن العقوبات الأميركية التي وقع الرئيس باراك أوباما قانون فرضها في 31 ديسمبر (كانون الأول) لا سند لها في القانون الدولي. وقال لي سونغ نائب المدير العام لإدارة الحد من التسلح ونزع السلاح بوزارة الخارجية في جلسة أسئلة وأجوبة عبر الإنترنت مع «رويترز»: «فيما يتعلق بقيام بعض الدول بفرض عقوبات على إيران بشكل منفرد هذا لا يستند إلى القانون الدولي ولا يوجد ما يلزم الدول الأخرى بتطبيقها».

وقال سياسيون إيرانيون إن أوباما كتب رسالة إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي ردا على تهديد طهران بإغلاق مضيق هرمز إذا منعتها العقوبات من بيع نفطها. وفي حين لم تعلق واشنطن بعد بشأن تلك الرسالة، قال عدد من أعضاء البرلمان الإيراني الذين بحثوا المسألة، أمس، إنها تضمنت عرض إجراء محادثات. ونقلت وكالة «فارس» شبه الرسمية للأنباء عن النائب علي مطهري قوله «في هذه الرسالة قيل إن إغلاق مضيق هرمز هو الخط الأحمر للولايات المتحدة كما دعا إلى مفاوضات مباشرة». وأضاف «الجزء الأول من الرسالة تضمن نهجا تهديديا والثاني تضمن نهجا يقوم على المفاوضات والصداقة».

إلى ذلك، تراجعت العملة الإيرانية أمس إلى أدنى مستوى لها أمام الدولار، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الطلابية مستندة إلى سعر صرف العملات في السوق السوداء. ووصل سعر الدولار إلى 18 ألف ريال قبيل اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الاثنين المقبل الذي يرجح أن يقرر خلاله فرض عقوبات جديدة على إيران. وفي الأسابيع الماضية حاولت الحكومة الإيرانية الحفاظ على سعر صرف الريال من خلال رفع أسعار الصرف في المصارف ومكاتب الصرف. لكن عددا من مكاتب الصرف رفض شراء أو بيع الدولارات بالسعر المحدد واستمر الصيارفة بالتعامل في السوق السوداء رغم مراقبة الشرطة، بحسب شهود عيان في وسط طهران. وقال موقع إلكتروني يتابع سعر صرف العملة مباشرة، إن «سعر الدولار بلغ (أمس) 18 ألفا و200 ريال». والموقع «مشغل» محجوب في إيران لكن يمكن الالتفاف على منع دخوله. وفقد الريال الإيراني أكثر من 40 في المائة من قيمته مقابل الدولار والعملات الأخرى بسبب العقوبات المالية والمصرفية التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية على إيران.