وثيقة لدى الجيش الإسرائيلي: إيران لم تقرر تطوير سلاح نووي

مسؤول أمني إسرائيلي: القيادة الإيرانية تعاني من ضائقة سياسية واقتصادية وآيديولوجية

مارتين دمبسي و إيهود باراك
TT

على عكس الهبة الإعلامية التي تديرها الحكومة الإسرائيلية طيلة السنوات الأخيرة، وتتهم إيران بأنها تطور السلاح النووي، وتدعي أنه حتى نهاية السنة الجارية ستكون بيد إيران قنبلة نووية، وتهدد بضربة عسكرية إسرائيلية، كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن وثيقة أعدت في الجيش الإسرائيلي تقول إن إيران لم تتخذ قرارا بعد بإنتاج السلاح النووي. وإن القيادة الإيرانية ما زالت حائرة في مضمون قرارها.

وحسب صحيفة «هآرتس» العبرية، فإن الوثيقة، التي أعدت لكي تسلم إلى رئيس أركان القوات الأميركية المشتركة، الجنرال مارتين دمبسي، لدى زيارته إلى إسرائيل اليوم، تعرض تقديرات تقول إن إيران تواصل التقدم في مجال تطوير قدراتها النووية، إلا أنها لم تصل بعد إلى مرحلة اتخاذ قرار بشأن ترجمة قدراتها النووية إلى أسلحة نووية بواسطة تركيب رأس قتالي متفجر على صاروخ. وهي ما زالت حائرة في الموضوع، لأسباب عدة تتعلق بالوقفة العالمية ضدها والإجراءات العقابية، وتتعلق بالأوضاع الداخلية في إيران نفسها، والقلق من أن تصل إليها في القريب عواصف الربيع العربي.

وتشير الوثيقة الإسرائيلية إلى أن النظام الإيراني يقع حاليا تحت طائلة التهديد المتصاعد وغير المسبوق على استقراره، حيث، للمرة الأولى، يتزامن الضغط الخارجي المتمثل بالعقوبات الصارمة والتهديدات بقصف المنشآت النووية، مع أزمة داخلية عميقة وضائقة اقتصادية وخشية من نتائج الانتخابات المقبلة في شهر مارس (آذار) القريب. وتقول أجهزة الأمن الإسرائيلية في الوثيقة، إن القيادة الإيرانية «قلقة جدا على استقرار النظام، وليس فقط من المعارضة الإيرانية الليبرالية، وإن هناك مخاوف من نجاح المعارضة في الانتخابات المقبلة. كما أن هذه القيادة تخشى من أن يؤدي تزييف نتائج الانتخابات المقبلة إلى نفس النتيجة التي أدى إليها تزييف انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) 2009، أي أن يؤدي ذلك إلى اندلاع احتجاجات عنيفة ضد السلطات أعنف مما حصل قبل سنتين ونصف السنة، خاصة أن مؤيدي الإصلاح يتلقون دعما من تطورات الربيع العربي التي أسقطت ثلاثة أنظمة في العام الماضي في تونس ومصر وليبيا».

وتشير التقديرات الإسرائيلية أيضا إلى أن النظام الإيراني يواجه أزمة اقتصادية متفاقمة، يشعر بها المواطن الإيراني يوميا، حيث إن العقوبات الشديدة أدت إلى خفض قيمة العملة الإيرانية بنسبة 10 في المائة، وأثارت المخاوف في الأسواق، كما أن إيران تجد صعوبة في تجنيد العملة الصعبة نتيجة لمبيعات النفط، وتخشى من تشديد العقوبات لتشمل البنك المركزي وصناعاتها النفطية، التي ستتم مناقشتها قريبا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وترى الوثيقة الإسرائيلية أن القيادة الإيرانية لم تحسم بعد موقفها بشكل نهائي من هذه الأوضاع، ولكنها تتجه نحو التصعيد المتطرف، وتقول إن التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز هو إشارة لهذا التصعيد، ولكن من غير المستبعد أن تتراجع هذه القيادة، في حال شعورها بأن الغرب جاد في تهديداته بالرد القاسي عليها.

ونقلت «هآرتس» عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن «عام 2011 كان عاما سيئا للنظام الإيراني، حيث إنه يواجه مصاعب كبيرة. فبالإضافة إلى كل ما ذكر في الوثيقة، هناك أزمة آيديولوجية، فالتمرد الذي يبديه الرئيس محمود أحمدي نجاد على رجال الدين وصلاحياتهم العليا، ودخوله في مواجهة شبه علنية مع رجال الدين، وعلى رأسهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، هو تعبير عن واقع إيراني شعبي وليس مجرد خلاف بين رجلين. ويتعمق هذا الشرخ أكثر مع أحداث الربيع العربي، حيث إن نموذج الثورة الإيرانية يواجه تنافسا شديدا من قبل نماذج إسلامية عصرية أقل تطرفا منه، تتطور في تركيا وتونس وربما في مصر».

ويضيف المسؤول الأمني الإسرائيلي لصحيفة «هآرتس»: «إن أحداث الربيع العربي تسبب ضغوطا كبيرة على النظام الإيراني، خصوصا في سوريا، حيث يسود إيران خوف حقيقي من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد». وستعرض هذه التصورات الإسرائيلية أمام الجنرال دمبسي، الذي يصل إلى إسرائيل في زيارة هي الأولى منذ توليه مهام منصبه الجديد في سبتمبر (أيلول) الماضي. كما أن من المقرر أن يجتمع مع كبار المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية، وعلى رأسهم وزير الدفاع، إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش، بيني غانتس، وربما رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وقالت التقارير الإسرائيلية إن جل زيارة دمبسي ستخصص لعرض صورة وضع استراتيجية كما تراها إسرائيل، وأبعادها على احتياجات مبنى القوة في الجيش، التي تطلب من الولايات المتحدة توفيرها. يذكر أن غانتس يشارك حاليا بصفة مراقب، في اجتماعات رؤساء أركان دول حلف الأطلسي، الملتئمة في بروكسل.

إلى ذلك قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أمس إن أي قرار إسرائيلي حول مهاجمة إيران من أجل وقف برنامجها النووي لا يزال «بعيدا جدا». وصرح باراك لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «لم نتخذ قرارا للمضي في هذه الأمور، وليس لدينا قرار أو موعد لاتخاذ مثل هذا القرار. الأمر كله بعيد جدا». وردا على سؤال لتوضيح ما يقصده بـ«بعيد جدا» قال باراك إنه لا يريد أن يطلق «توقعات».