وثيقة أوروبية جديدة تدعو لمواجهة الاستطان الإسرائيلي في القدس

فياض: نتطلع للمزيد وإعلان الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67

ابو مازن مع الرئيس الالماني كريستيان وولف في برلين امس (رويترز)
TT

اتهمت وثيقة أوروبية جديدة، وهي الثانية في غضون أسبوع، إسرائيل، بالعمل على ضم القدس الشرقية المحتلة وتكريس الهوية اليهودية فيها على حساب سكانها العرب، وهو ما يستلزم، بحسب الوثيقة، التصدي لهذه الإجراءات ووقف صفقات اقتصادية تدعم الاستيطان، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز دورها في المدينة.

وحذرت الوثيقة التي أعدها كبير الدبلوماسيين الأوروبيين في القدس، وأرسلت نسخ منها إلى وزارات الخارجية الأوروبية في العواصم المختلفة وإلى اللجنة السياسية الأمنية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، من أن استمرار الإجراءات الإسرائيلية في تهويد القدس سيغلق نافذة الفرص المتوفرة لتحقيق حل الدولتين. وأضافت: «تصاعد التوسع الاستيطاني في القدس الشرقية، ضمن سياسات أخرى (يهدد الوجود الفلسطيني) في المدينة، ويجعل إمكانية تحولها إلى عاصمة مشتركة لدولتين (غير ممكنة)».

وتطرقت الوثيقة إلى إجراءات إسرائيلية أخرى غير تكثيف الاستيطان، تتمثل في تغيير معالم القدس، خاصة في البلدة القديمة، ومحاولة طمس الهوية التاريخية لهذه المدينة وصبغها بالهوية اليهودية، وتشجيع المقدسيين، خاصة المسيحيين منهم على الهجرة إلى الخارج، ورفض تسجيل الآلاف من القاصرين الفلسطينيين، بسبب أن أحد أولياء أمرهم من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة، وهو ما ينعكس على حقوقهم التعليمية والصحية والاجتماعية، ومراقبة مضامين الكتب المدرسية العربية في القدس المحتلة، والتضييق على الطلاب العرب، بالإضافة إلى محاصرة دور منظمة التحرير، عبر إغلاق مؤسسات أو مقرات تابعة لها، وملاحقة كل النشاطات هناك.

وجاء في الوثيقة أن 14% من موارد المدينة فقط تنفق على خدمات للفلسطينيين، الذين يشكلون 37 في المائة من سكانها. وتحدثت عن رخص البناء بالتأكيد على أن 200 رخصة بناء فقط تعطى للفلسطينيين سنويا مقارنة مع احتياجاتهم البالغة التي تصل إلى 1500 رخصة، في وقت تتوالى فيه موجة هدم المنازل الفلسطينية؛ إذ يعيش الآن 90 ألفا من الفلسطينيين في المدينة تحت تهديد بهدم منازلهم.

وأشارت الوثيقة كذلك إلى منع إسرائيل المستشفيات الفلسطينية في القدس من شراء أدوية تنتج في الضفة الغربية، الأمر الذي يخلق مشكلات لوجستية ويزيد من التكاليف، وكذلك منع توسيع هذه المستشفيات وترميمها.

ووصفت الوثيقة مواصلة الحفريات الأثرية في أماكن حساسة قريبة من البلدة القديمة، بأنها تهديد مباشر للتنوع الديني من جهة، ودعم مباشر آخر للتطرف الديني بأبعاده الإقليمية المحلية والعالمية، من جهة ثانية.

ووجهت الوثيقة مناشدة عاجلة للاتحاد الأوروبي من أجل أن يتبنى «تنفيذا فعالا وملموسا» لسياساته. ورسمت صورة قاتمة عن الكيفية التي تنفذ بها إسرائيل ضمها أحادي الجانب للقدس الشرقية بعد احتلالها عام 1967.

ودعت الوثيقة إلى دعم دور منظمة التحرير، في القدس (الشرقية) واتخاذ مجموعة من الخطوات في المدينة، مثل زيارتها بشكل دوري، وجمع المعلومات عن قادة المستوطنين والعناصر اليمينية المتطرفة بهدف فرض مقاطعة عليهم ومنعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي. وطلبت من مسؤولي الاتحاد الأوروبي الذين يزورون القدس عدم الموافقة على انضمام ممثلين من السلطات الإسرائيلية خلال الزيارة. وأضافت: «كما يتوجب على شركات السياحة في أوروبا عدم التعامل مع شركات إسرائيلية تعمل في القدس المحتلة».

وقال كبير الدبلوماسيين الأوروبيين في القدس ورام الله، إن على المفوضية الأوروبية دراسة تمرير قانون لحظر التمويلات التي تجمع في الاتحاد الأوروبي، والمستخدمة في تمويل المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي المحتلة.

ولا يوجد حتى الآن إجماع كامل أو قانون ملزم لمقاطعة المستوطنات، غير أن عددا من أعضاء مجلس القناصل الأوروبيين العامين، وهم ممثلون برتبة سفراء لدى الفلسطينيين، يدعون إلى دراسة إمكانية إصدار تشريع يستند إلى أن المستوطنات تتناقض مع القانون الدولي.

وإذا ما صدر مثل هذا التشريع، فإنه سيرغم الشركات في أوروبا على قطع صلاتها مع مصالح الأعمال التي لها ضلع في بناء المستوطنات ونشاطها التجاري؛ إذ لا تزال المسألة حتى هذه اللحظة اختيارية.

وهذا ثاني تقرير يصدر في غضون أسبوع من قبل الاتحاد الأوروبي، ويهاجم السياسيات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطيني، بعد تقرير سابق هاجم سياسية إسرائيل في مناطق «ج» في الضفة الغربية دعا إلى دعم الوجود الفلسطيني في هذه المناطق التي تشكل ثلثي مساحة الضفة وتحول الإجراءات الإسرائيلية فيها دون تحقيق حل الدولتين.

وفي وقت سابق، صدر تقرير هاجم الاستيطان الإسرائيلي برمته، وآخر، تطرق إلى معاملة العرب في إسرائيل، مما قاد إلى توتر غير مسبوق بين تل أبيب والأوروبيين.

وثمن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، أمس، تقارير الاتحاد الأوروبي، وقال إنها جاءت لتؤكد ما كنا قد صممنا على نقله للعالم، بل وتكريسه في الوعي المحلي والدولي على حد سواء إزاء متطلبات شعبنا واحتياجاته في مناطق «ج» وفي القدس.

وأضاف في حديثه الإذاعي الأسبوعي: «هذا الموقف الذي نرحب به ونحييه إنما يشكل خطوة متقدمة لتسليط الضوء على ممارسات الاحتلال ضد أبناء شعبنا، ونأمل أن يمهد هذا الموقف الطريق لاتخاذ خطوات عملية ذات مغزى تضع حدا للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أرضنا ومواردنا»، وتابع: «نحن نتطلع إلى المزيد من الخطوات؛ بما في ذلك إعلان الدول الأوروبية الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي التي احتلت منذ عام 1967، وبما يشمل المناطق المسماة (ج)، وبالتأكيد القدس الشرقية».