أليستر بيرت: الأسد أظهر إنكارا مقلقا للحقيقة وتنصلا من المسؤولية

وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني لـ «الشرق الأوسط»: الربيع العربي كان تحركا تلقائيا وليس واضحا الى اين يتجه

أليستر بيرت
TT

قال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني أليستر بيرت حول خطاب الأسد الأخير إنه أظهر إنكارا مقلقا لحقيقة ما يحدث، وعدم قدرة على قبول المسؤولية حول ما يدور من العنف الذي كان سببه تعامل قوات الأمن السورية مع المحتجين.

وأضاف بيرت لـ«الشرق الأوسط»: «عندما نرى شجاعة الناس الذين خرجوا للشوارع بسلمية نؤيد حق الاحتجاج السلمي، وقد دعونا قوات الأمن السوري بالتوقف عن قتل المحتجين والاستجابة لما يطلبه الناس». كما بين بيرت أنه يرى ضرورة أن يتواصل الحوار الوطني لتعويض النظام الذي فقد شرعيته ومصداقيته، وأدان الوزير العنف المتواصل وأكد قائلا: «ندين بعمق قتل الأبرياء وندعو النظام للاستجابة لمطالب شعبه ونرفض كليا ما يردده من أن هناك قوات خارجية هي التي تدعم المحتجين، فلا أدلة على هذا الكلام وما نراه فقط أناسا شجعانا يتمنون أن يروا تغييرا في بلدهم ونتمنى أن نرى التغيير في سوريا».

وحول مستقبل سوريا، قال بيرت: لا أحد يعلم شيئا عما يمكن أن يحدث في سوريا مستقبلا، وأضاف: «نتحدث مع أطياف مختلفة في المعارضة ونعتقد أنه من المهم على المعارضة أن تقدم رؤية موحدة للشعب السوري عما يقومون به»، وشرح أن محادثات بريطانيا مع المعارضة السورية هي حول كيفية تحقيق المسار الديمقراطي ورؤيتهم للعمل الاقتصادي، لتقديمها للشعب السوري ليعلموا ما ستقدم لهم هذه الحكومة الجديدة، وقال: إنه رغم أن الناس خائفون من التغيير لكنهم يواصلون خروجهم، ويريدون أن يفهموا كيف ستتم حماية الأقليات، وشدد بيرت «ونكرر أن هناك دائرة من العنف تسبب فيها النظام ويمكن إيقاف العنف بسحب قواته فوريا من الشوارع والسماح للمراقبين بعملهم».

وحول الربيع العربي قال بيرت إنه من الضروري توضيح أن ما حدث في العالم العربي السنة الماضية كانت أحداثا داخلية، والربيع العربي لم يتم لأن جماعات إرهابية طالبت به، أو دولا غربية فرضته فقد كان «تحركا تلقائيا من الشعوب أنفسها وسيتطلب مرحلة ووقتا ليحقق ما جاء من أجله وسيشهد أمورا جيدة ويتعرض لأخرى سيئة».

وأضاف حول الربيع العربي أنه وكما يردد وزير الخارجية هيغ دائما «أكبر حدث في القرن 21 وأهم من الأزمة المالية 2008. ونريد أن نرى أين ستتجه الأمور»، وأضاف: «كان من الرائع أن نرى الشعوب تتوجه بنفس المطالب وفي دول مختلفة كثيرا الواحدة تلو الأخرى، ونتمنى أننا لم نخطئ في المملكة المتحدة لاعتقادنا بأن كل هذه الدول متشابهة لأنهم يتقاسمون إرثا تاريخيا واحدا، لكن ثبت أنهم مختلفون عن بعضهم وتجاوبوا بطرق مختلفة» وأكد الوزير أن من أهم ما لاحظوه من موقعهم هو «شجاعة الأشخاص الذين جمعتهم نقطة أو نقطتا تشابه تخص الضغوطات الاقتصادية التي يتعرضون لها».

وبين بيرت في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» داخل مقر وزارة الخارجية البريطانية أنه في هذه الدول يبحث الشباب عن مستقبل أفضل اقتصاديا وسياسيا وبالتأكيد لم يكن التأثير فقط بسبب وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل بين الناس وإنما أيضا تأثير التلفزيونات، خاصة التلفزيونات في الدول العربية «منذ 10 أو 12 سنة من خلال انتقاداتهم وتساؤلاتهم حول الأنظمة». وأضاف: «نحن نؤمن بأن ما طلبه الناس من حكوماتهم هي حق التصويت، الشفافية أكثر، وحق التجمع، حق الإعلام، وكل هذه الأمور هي التي ستحقق الاستقرار للدول على أمد طويل. وهذا يعني التغيير وليس هذا أمرا سيئا».

وتحدث بيرت عن أنه ليس من الواضح إلى حد الآن إلى أين ستتجه الأمور، ولن يكون تطور الأمور سهلا في كل الدول، فهي تختلف عن بعضها، وأوضح أن الأمر كان مختلفا في تونس التي أخذت الريادة وتميزت في تنظيم انتخاباتها التي تمت في فترة قصيرة. والأمر أصعب في مصر حيث الانتخابات امتدت لمدة أطول. وعن موقف بريطانيا من صعود الحركات الإسلامية في دول الربيع العربي قال بيرت إنه لا يرى أن التسمية أو العنوان هو المهم وأضاف «هناك عدد متنوع من الآراء المهم هو تحقيق المبادئ التي تضمن تحقيق الديمقراطية ونحن نحكم على الحكومات والأحزاب ليس حسب توجهاتهم أو تسمياتهم بل حسب ما يقومون به، ونتمنى أن الناس الذين وقفوا من أجل الحرية والشفافية والمساواة في الحقوق بينهم وبين المرأة والرجل».

وأوضح «علاقاتنا مع الدول ستكون حسب ما تعمل به هذه الحكومات، وننتظر أن نرى نتائج، والتونسيون اليوم في الريادة من حيث الانتخابات وأسسوا حكومتهم وننتظر كيف سيقومون بمسؤولياتهم، وهي حاليا في ائتلاف والذي كما يبدو يعطي الفرصة لجميع الأطراف لتقديم رؤاهم عن كيف يرون ويريدون دولتهم أن تسير وهذا يبدو بداية طيبة. وننتظر أن نرى ما سيحدث في مصر».

وعن الدعم البريطاني لدول الثورات أجاب بيرت «نعم لنا برنامج دعم اسمه الشراكة العربية يقدم ما يعادل 110 ملايين جنيه إسترليني، والمساعدات موجهة للدعم الاقتصادي والسياسي من أجل دعم بناء القدرات، والعمل من أجل تحقيق الديمقراطية، وهو سيكون من أجل كل الدول التي تشهد تحولات في الوقت الحالي: ليبيا، مصر، تونس وهو برنامج يمتد لأربع سنوات». وأضاف: «طبعا الدعم الاقتصادي يكون أيضا عبر عدة قنوات مثلا من خلال دعم الاتحاد الأوروبي، ونحن واعون أن هذه الدول لها مشاكل في ميزانياتها في الوقت الحالي والناس يحتاجون لدفعة من أجل النهوض وطبعا هذه المساعدات تقدم حسب ما يحدده الناس في الداخل من حاجيات وأولويات وسيمتد دعمنا لوقت طويل ونحن وقفنا مع الشعوب التي عبرت عن رغبتها في التغيير وسنقف إلى جانب الحكومات التي ستخدم هذه المبادئ وتحقق التغيير».

وحول زيارة رئيس الوزراء البريطاني للمملكة العربية السعودية قال أليستر بيرت إن بلاده لها علاقات قوية جدا مع العربية السعودية وقال: إن كاميرون زار الخليج عدة مرات خلال السنة الماضية في إطار العلاقات المتبادلة لتقوية الحوار، ودعم التبادل التجاري والأمن القومي للمملكتين.

وحول الشأن الإيراني قال الوزير إنه ما لم تبد إيران انفتاحا بخصوص برنامجها النووي أمام وكالة الطاقة الذرية الدولية والعالم فمن الضروري أن «نواصل اتباع سياسة العقوبات الاقتصادية وبكل حزم»، وأضاف: «العقوبات إلى حد الآن تشمل شخصيات لها علاقة بالنظام بمنع السفر وتجميد الأرصدة» وبين أن العالم قلق بسبب البرنامج النووي وأنهم يريدون أدلة على أن هذا التخصيب يتم بالفعل لأغراض سلمية، لكن مع عدم القدرة على الاستجابة لمطالب وكالة الطاقة، لنا الأسباب الكافية لاتباع مسار العقوبات، وأكد أن الضغط سيتواصل وأوضح «نؤمن بأن العقوبات بدأت تؤثر على النظام وسنواصل نفس السياسة، وفي نفس الوقت سنمنح النظام الإيراني فرصة للتفاوض، وهذا عرض مهم جدا»، وأضاف: «ونطالب الإيرانيين بالاستجابة للرسالة التي توجهت بها لهم كاثرين أشتون والتي تحمل هذا الطلب».

وحول ما يدور عن التعزيزات العسكرية التي تقوم بها بريطانيا قال الوزير إن المملكة المتحدة تعتبر دائما منطقة الخليج ذات أهمية وقال: إن «تأمين الملاحة عبر الخليج كان دائما أمرا نتعاون فيه مع مجموعة من الدول لضمانه، واليوم لا يختلف الأمر عما كان عليه بالأمس». وأضاف: «لنا علاقات جيدة مع دول الخليج ومع دول أخرى تشاطرنا مخاوفنا حول إيران وسلوكياتها التي فيها تهديد. وسياستنا لا تغيير فيها على الإطلاق في هذه المرحلة، لتحقيق مسار آمن في الخليج وحق الملاحة الحرة».