المغرب: توقعات بنقاش ساخن لبرنامج حكومة بن كيران في البرلمان

باحث: وعود الهيئة التنفيذية صعبة التحقيق

TT

يرتقب أن يواجه البرنامج الحكومي الذي سيعرض اليوم أمام البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين، نقاشا حادا من قبل المعارضة، التي لم تتوقف عن توجيه الانتقادات إلى الحكومة منذ تعيينها في الثالث من يناير (كانون الثاني) الحالي، خصوصا في ما يتعلق بتطبيق بنود الدستور الجديد.

ويتوقع أن يحصل البرنامج الحكومي على ثقة البرلمان بسهولة بحكم توفر حكومة عبد الإله بن كيران على أغلبية مطلقة بمجلس النواب تتمثل في 224 مقعدا من بين 395، أي ما يمثل نسبة 57 في المائة من مجموع المقاعد.

وفضل بن كيران، رئيس الحكومة، عدم الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بمضامين برنامجه الحكومي أمام الصحافيين، واكتفى بالقول خلال لقاء صحافي مقتضب بمقر رئاسة الحكومة عقده عقب اختتام اجتماع مجلس الحكومة الليلة قبل الماضية، إن نسخ البرنامج ستوزع اليوم في البرلمان على الصحافيين. وبرر مسؤول برئاسة الحكومة تكتم بن كيران على مضامين برنامجه الحكومي على الرغم من تسريبه إلى صحيفة محلية، برغبته في منح الأولية للاطلاع عليه لنواب البرلمان الذين يشتكون من أنهم لا يعرفون أخبار الحكومة إلا من خلال الصحف.

وفي هذا السياق، قال أحمد الزايدي، رئيس الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن الحكم سلفا على برنامج الحكومة قبل الاطلاع عليه، بيد أنه أضاف أن «المعارضة الاتحادية مهيأة نفسيا للعمل بدم جديد، وذلك من موقع المعارضة المسؤولة والإيجابية، والمتتبعة واليقظة إزاء ما ينتظرها من مهام». وأضاف: «لن نكون في صف المعارضة من أجل المعارضة، ولكن سنكون إيجابيين إزاء كل قرار وتوجه إيجابي ستتخذه الحكومة ويخدم المصلحة العليا للبلاد، وفي المقابل سنظل اقتراحية موجهة ومتابعة بكل يقظة للعمل الحكومي».

من جهته، توقع الدكتور محمد يحيى، عميد كلية الحقوق في طنجة، أن يعرف برنامج الحكومة الحالية الذي تسعى إلى تطبيقه في السنوات الخمس المقبلة نقاشا حادا وساخنا من قبل المعارضة داخل البرلمان، إلا أنه في النهاية سيحصل على المصادقة، لأن المصلحة العامة للبلاد تقتضي إجازة البرنامج، ومنح الحكومة الجديدة التي اختارها الشعب عن طريق صناديق الاقتراع فرصة لتنفيذ وعودها، بالإضافة إلى أن الوضع العام في البلاد لا يتحمل تأخيرا أكثر في بدء الحكومة تطبيق مشاريعها.

وقال يحيى لـ«الشرق الأوسط» إن عرض البرنامج الحكومي أمام البرلمان تأخر، الأمر الذي كان له تأثير من دون شك على سير المرافق العامة للدولة. وأوضح أن النقاط الأساسية التي ستركز عليها المعارضة أثناء مناقشة البرنامج الحكومي هي صعوبة تنفيذ الوعود التي سيحملها، خصوصا في ما يتعلق بنسبة النمو التي حددت بـ5.5 في المائة، في المرحلة الأولى، ثم الانتقال إلى نسبة 7 في المائة مع انتهاء الولاية التشريعية للحكومة، وذلك بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي ستظهر انعكاساتها بشكل أكبر على الاقتصاد المغربي خلال السنوات المقبلة. وقال يحيى إن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة الحالية كان قد وعد برفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم (375 دولارا) إبان حملته الانتخابية، بيد أنه يرى أنه من الصعب تحقيق ذلك بالنظر إلى أن موازنة الدولة أرهقت بسبب توظيف عشرات العاطلين، إبان الحراك الاجتماعي الذي عرفته البلاد، بالإضافة إلى الصعوبات الكثيرة التي ستعترض الحكومة في المجالات الحيوية مثل الصحة والتعليم والسكن، أي أن حكومة بن كيران ستكون أمام اختبار حقيقي وصعب حتى تتمكن من تحقيق الشعار الذي رفعه رئيسها، ألا وهو «تقريب الدولة من المواطن». وكان بن كيران عبر عن أمله في أن يحظى البرنامج الحكومي بنقاش «جاد ومسؤول» داخل البرلمان، وقال إنه يتسم بـ«الطموح الكبير وسيستجيب لانتظارات المواطنين»، داعيا أعضاء الحكومة إلى العمل على تنزيل مضامينه وتصريفها على شكل برامج قطاعية، منوها بالعمل الذي قامت به اللجنة الوزارية التي كلفت بإعداد مشروع البرنامج الحكومي، معتبرا أن هذا العمل «يرسخ النهج التشاركي والتضامن الحكومي».

ووضعت الحكومة ضمن أولويات برنامجها محاربة الفساد والفقر والبطالة، وسيتشكل البرنامج من خمسة محاور رئيسية، يتمثل المحور الأول في تكريس الهوية المغربية وكل ما يتعلق بها ثقافيا وإعلاميا، ثم المحور السياسي، ويتعلق بتنزيل الدستور وتطبيق الحكامة والجهوية المتقدمة (الحكم اللامركزي)، ثم المحور الاقتصادي، ويخص معدل النمو والتشغيل، ثم المجال الاجتماعي، ويتعلق بالسياسات التي ستتخذها الحكومة في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والسكن والتعليم، أما المحور الأخير فيتعلق بالسياسة الخارجية للبلاد.