الأوروبيون يفرضون عقوبات إضافية على سوريا.. وكاميرون يريد أن تلعب بريطانيا دورا قياديا

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: العقوبات أنجع وسيلة للضغط ما دام مجلس الأمن معطلا

جانب من تشييع جنازة في معرة النعمان بإدلب أمس (أوغاريت)
TT

أكدت مصادر أوروبية أمس الخبر الذي نشرته «الشرق الأوسط»، أول من أمس الثلاثاء، بشأن عزم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات اقتصادية إضافية على سوريا في إطار سياسة تشديد الضغط عليها وتجفيف مواردها المالية لحملها على تغيير سياستها ووقف عمليات القمع المستمرة منذ اندلاع الاحتجاجات في شهر مارس (آذار) الماضي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية أوروبية في بروكسل أن دول الاتحاد الـ27 اتفقت أمس على مستوى الخبراء على فرض سلة عقوبات إضافية على سوريا هي الحادية عشرة، تتناول 22 شخصا و8 مؤسسات تجارية بسبب الدعم الذي تقدمه للنظام السوري. ولم يكشف الاتحاد أمس عن هويات الأشخاص والشركات الجديدة التي تضاف إلى لائحة تضم (حتى الآن) 120 هيئة وشخصية، بينها الرئيس الأسد وعدد من كبار المسؤولين السوريين خصوصا الأمنيين. وبحسب هذه العقوبات المنفصلة عن العقوبات النفطية التي أقرها الأوروبيون والتي فرضوا بموجبها حظرا على شراء النفط السوري، يتم تجميد ودائع المعنيين من أشخاص وشركات في المصارف والمؤسسات المالية الأوروبية، ويمنعون من تأشيرات الدخول إلى البلدان الـ27.

وأفادت المصادر الأوروبية بأن وزراء الخارجية الأوروبيين الذين سيجتمعون في 23 يناير (كانون الثاني) الحالي في بروكسل، سيعمدون إلى الموافقة على العقوبات الجديدة لتصبح نافذة، يعقبها نشر لائحة الأسماء المعنية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إن بلاده يجب أن تلعب دورا قياديا في الجهود الدولية الرامية لتشديد العقوبات على سوريا، واصفا الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «طاغية بائس»، حسب «رويترز». وقال كاميرون إن هناك دلائل متزايدة على أن إيران تدعم الأسد. وأضاف في كلمة أمام البرلمان «بريطانيا بحاجة لأن تقود الجهود الرامية للتأكد من تشديد العقوبات (حظر السفر وتجميد الأرصدة) على سوريا».

وقالت مايا كوسيانتيش، المتحدثة باسم كاثرين أشتون، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قلنا مرارا وتكرارا إنه لا بد من وقف العنف، وسبق أن اتخذنا خطوات للضغط على النظام السوري، وسوف نستمر في هذا الاتجاه ما دام النظام مستمرا في استخدام العنف ضد المدنيين المتظاهرين، وفي الوقت نفسه ننظر في كل الطرق الممكنة من أجل تغيير الأوضاع الحالية في سوريا، وسنفعل كل ما بوسعنا لكي نرى سوريا جزءا من العالم الديمقراطي، وسبق للأوروبيين من خلال السيدة أشتون منسقة السياسة الخارجية أن التقت بممثلي المعارضة ودعتهم إلى توحيد الصفوف».

وكرر الاتحاد الأوروبي التعبير عن قناعته بأن الرئيس السوري بشار الأسد قد فقد شرعيته، وأن عليه التنحي، وشدد المتحدث في المفوضية الأوروبية مايكل مان على دعم الاتحاد الأوروبي لجهود الجامعة العربية من أجل إنهاء العنف في سوريا، خاصة لجهة نشر بعثة مراقبين لحث السلطات السورية على الوفاء بجميع التزاماتها، وقال «نذكر أن خطة الجامعة تتضمن أيضا إطلاق سراح المعتقلين والسماح لوسائل الإعلام بالعمل وسحب المعدات العسكرية الثقيلة من المدن، وهو أمر لم يتم تطبيقه بشكل كامل حتى الآن»، كما تطرق المتحدث إلى ضرورة أن توحد المعارضة السورية صفوفها لتأمين انتقال ناجح نحو الديمقراطية في البلاد. وأضاف مايكل مان أن الاتحاد الأوروبي سيواصل سياسته الرامية إلى «تضييق الخناق على نظام الأسد ما دام القمع مستمرا» في البلاد، «كما أننا سنستمر في الضغط في أروقة الأمم المتحدة من أجل اتخاذ قرار قوي بحق السلطات السورية»، على حد قول الناطق الأوروبي.

وكانت المصادر الفرنسية الرسمية قد قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد الأوروبي «مستمر في سياسة تشديد العقوبات ما دام القمع ظل على حاله في سوريا». وتعتبر باريس أن العقوبات فاعلة على مستويين: فهي من جهة تزيد من عزلة النظام السوري عربيا وإقليميا ودوليا، ومن جهة ثانية تنسف الأعمدة الاقتصادية التي يقوم عليها، فضلا عن أنها تدفع الهيئات الاقتصادية ورجال الأعمال الذين يرتبطون بالنظام إلى «إعادة النظر في مواقفهم» باعتبار أن النظام «لم يعد يخدمهم، لا بل إنه يهدد مواقعهم». وقالت المصادر الفرنسية إن العقوبات الجديدة «لن تكون الأخيرة» بل تندرج في إطار «الضغوط المتصاعدة» التي أخذت تفعل فعلها في الاقتصاد السوري، كما برز ذلك من خلال تراجع قيمة الليرة السورية التي خسرت تقريبا نصف قيمتها منذ شهر مارس الماضي.

ولا يجد الأوروبيون (ومعهم الأميركيون) وسيلة ضغط أنجع على دمشق، في ظل غياب مجلس الأمن الدولي وعجزه عن اتخاذ مواقف صارمة إزاء ما يجري في سوريا بسبب المعارضة الروسية (والصينية). ولا تأمل باريس شيئا من مشروع القرار الروسي الجديد الذي ترى أنه «لا يختلف في الجوهر» عن المشروع السابق الذي طرح في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكانت فرنسا ومعها بريطانيا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، قد اقترحت مجموعة تعديلات على المشروع الروسي. وعقدت لهذه الغرض مجموعة جلسات تشاور في مجلس الأمن. لكن موسكو رفضت قبول التعديلات واتهمت الغربيين بالتحيز وبرفض الحل السياسي في سوريا.