أوروبا تخفف عقوباتها على ميانمار مكافأة لها على الإصلاحات

زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي تطلق سباقها التاريخي إلى البرلمان

سو تشي تحيي أنصارها بعد تسجيل ترشحها للانتخابات في دائرة كاومو القريبة من رانغون أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت مصادر دبلوماسية أمس أن الاتحاد الأوروبي يبحث في إمكانية تخفيف عقوباته الشهر المقبل، عن ميانمار (بورما سابقا)، وتقديم مساعدة اقتصادية لها تعبيرا عن ترحيبه بالإصلاحات التي بدأها النظام. وقال المتحدث الأوروبي مايكل مان إن زيارة لمسؤولية الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إلى نايبيداو، مطروحة أيضا، وقد تتم «قريبا» رغم جدول أعمالها «المزدحم جدا»، و«في ضوء التطورات الأخيرة في البلاد، بدأنا إجراء نقاش شامل لسياستنا في ميانمار». وسيطرح هذا الموضوع خلال اجتماع لوزراء الخارجية مقرر له الاثنين المقبل في بروكسل. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أوروبية قولها إن قرارا حول رفع بعض العقوبات قد يؤخذ في فبراير (شباط) المقبل. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا ألان جوبيه وويليام هيغ سيقترحان يوم الاثنين «مراجعة العقوبات» تدريجيا واتخاذ إجراءات «على الأمد القريب جدا». وأضاف أن هيغ وجوبيه اللذين زارا ميانمار مؤخرا «اتفقا على أن يبقى الاتحاد الأوروبي يقظا». وأضافت المصادر أن مشروع إعلان يفتح الباب لهذه الإمكانية تجري مناقشته تمهيدا لاجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الاثنين في بروكسل.

وجاء هذا فيما بدأت زعيمة المعارضة في ميانمار، أونغ سان سو تشي رسميا أمس، للمرة الأولى، السباق إلى البرلمان، قبل شهرين ونصف من الانتخابات التشريعية الفرعية التي سيعتبرها الغرب اختبارا لصدق إصلاحات النظام الجديد. وقدمت رئيسة «الرابطة الوطنية للديمقراطية» ترشيحها أمس إلى هذه الانتخابات التي تجرى في الأول من أبريل (نيسان) المقبل في دائرة كاومو القريبة من رانغون، وهي منطقة اجتاحها في 2008 الإعصار نارغيس الذي أسفر عن 138 ألف قتيل. وأوضح وين هتين، أحد كوادر الحزب الذي خاضت معه سو تشي حائزة جائزة نوبل للسلام، كامل مسيرتها السياسية، أن «أونغ سان سو تشي كانت أول عضو في الرابطة الوطنية للديمقراطية التي تتسجل اليوم، وهي تترشح إلى مجلس النواب». وهذه هي المرة الأولى التي تترشح فيها «سيدة» رانغون إلى انتخابات.

وكانت سو تشي قد سجنت خلال انتخابات 1990 التي حقق فيها حزبها فوزا كبيرا حاصدا 392 مقعدا من أصل 485، مما شكل إذلالا للمجلس العسكري الحاكم الذي رفض الإقرار بهذه النتيجة. وأطلق سراحها من الإقامة الجبرية بعد أسبوع من انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 والتي دعي خلالها مواطنو ميانمار إلى أن ينتخبوا، للمرة الأولى خلال عشرين عاما، مجالس وطنية وإقليمية، يخصص 25 في المائة من مقاعدها للعسكريين في الخدمة.

وكان الحزب الذي أنشأه المجلس العسكري الذي كان يتولى السلطة آنذاك أحرز انتصارا ساحقا، بعد الاشتباه بحصول عمليات تزوير واسعة النطاق، لكن الغرب اعتبر تلك الانتخابات مهزلة. إلا أن المجلس العسكري الحاكم في ميانمار منذ قرابة نصف القرن قام في مارس (آذار) الماضي بنقل السلطات إلى حكومة «مدنية» على الرغم من أنها تضم عسكريين سابقين.

وقام النظام الجديد برئاسة ثين سين في الأشهر الأخيرة بمبادرات إصلاحية عدة لافتة أتاحت خصوصا عودة سو تشي إلى الساحة السياسية بعد أن أمضت القسم الكبير من السنوات العشرين الماضية محرومة من حريتها. كما تمكن حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية من إعادة تسجيل اسمه رسميا بعد أن قام الحزب العسكري بحله في مايو (أيار) 2010 لإعلانه مقاطعة الانتخابات التي أجريت في نوفمبر التالي. وقرر حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية تقديم مرشحين في الانتخابات الفرعية المقبلة التي سيتم فيها اختيار 48 مقعدا لمجلسي البرلمان واللجان الإقليمية وهي مقاعد باتت شاغرة بعد أن تولى النواب الذين كانوا يشغلونها مناصب وزارية.

وقالت سو تشي يوم الأحد الماضي إنه حتى لو لم يكن هذا العدد كافيا لتهديد الأكثرية الساحقة للحزب الحاكم «فإن الأعداد ليست هي المهمة، بل ما يمكن أن تفعله الأعداد». وأضافت: «كنت على اتصال أحيانا بالشعب خلال سنوات وهذا ليس جديدا تماما بالنسبة إلي، لكني أنتظر بفارغ الصبر اتصالا أوثق معهم».

وفيما دعت العواصم الغربية التي أشادت بالإصلاحات مبدية مع ذلك بعض التحفظ، سلطات ميانمار إلى إجراء انتخابات مطابقة للمعايير الديمقراطية الدولية، وعد أبرز وجوه النظام المدني الجديد بتحقيق هذا المطلب. وقال شوي مان رئيس مجلس النواب والمسؤول الثالث السابق في المجلس العسكري السابق في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «أضمن أن تكون الانتخابات حرة وعادلة. إذا فازت (سو تشي) في الانتخابات الفرعية في أبريل (نيسان)، ستتاح لنا فرصة إجراء نقاش أنا أنتظرها».