سكان سرت المنكوبة يعانون من التهميش ويتهمون السلطات الجديدة بمعاقبتهم

بعد أن كانت مدللة أيام العقيد القذافي

TT

يشكو سكان مدينة سرت التي كانت تعتبر مدللة في عهد معمر القذافي من التهميش والإقصاء رغم ما لحق بها من ضرر مادي وبشري، معتبرين أن حكام ليبيا الجدد يعاقبونهم على استعصاء مدينتهم على الثوار خلال المعارك.

وقال نائب رئيس المجلس العسكري لسرت مصطفى بن عيسى لوكالة الصحافة الفرنسية إن «حالة المدينة وسكانها مأساوية وتبكي حتى الحجر».

وأضاف أن «المدارس منها المدمر بالكامل ومنها المدمر بشكل جزئي، وأكثر من 900 منزل تم تدميرها تماما أثناء الحرب التي شنها القذافي على شعبه».

وسرت «المنسية» كما أصبح سكانها يسمونها منذ رحيل القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينة ساحلية تقع في منتصف الطريق بين طرابلس غربا ومدينة بنغازي شرقا.

وهي مسقط رأس القذافي والموطن الأصلي لأبناء قبيلته القذاذفة، وتضم خليطا من القبائل الأخرى التي انتفض بعضها عليه. وشهدت هذه المدينة لحظاته الأخيرة قبل أن يقتله الثوار.

وأكد بن عيسى بألم وحسرة أن «السكن والمدارس بسرت في أزمة خانقة حاليا. نبحث عن سيارة إسعاف. مدينة مثل سرت عدد سكانها أكثر من 150 ألف نسمة لا يوجد بها سوى سيارتي إسعاف ليستا موجودتين بشكل دائم لاستخدامهما في نقل مرضى بشكل دائم إلى مستشفيات طرابلس».

وتابع: «كنا نتمنى من رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، ورئيس الحكومة الانتقالية، عبد الرحيم الكيب، أن يخاطبوا أهالي سرت حتى عبر شاشات التلفزيون».

وأضاف: «كنا نود أن يواسوا أهالي سرت لكنهم لم يفعلوا. ومع احترامي لعبد الجليل والكيب لم نر منهم أي شيء قدموه لهذه المدينة المنكوبة»، معتبرا أن «هناك تهميشا متعمدا للمدينة».

وأوضح بن عيسى: «إذا كانت سرت محسوبة على الطاغية معمر القذافي فصدقوني إنها كانت مهملة حالها حال باقي مدن ليبيا، لا ترى الاهتمام سوى في الاحتفالات».

وكانت سرت خلال الثورة هدفا لهجمات الثوار بعدما تركزت القوات الموالية للقذافي فيها بينما جعلها ابنه المعتصم منطلقا له لشن هجمات على الجبهتين الشرقية والغربية.

من جهته، أكد عبد الحكيم المشري، رئيس مجلس إدارة مؤسسة إيثار للأعمال الخيرية والتنمية البشرية في سرت، أن المدينة «تعيش في غياهب النسيان والتهميش».

وأضاف أن «روائح الجثث لا تزال تفوح من تحت ركام بعض المباني التي سقطت على قاطنيها بسبب قذائف الحرب حتى هذه اللحظة».

وتابع أن مؤسسته «ناشدت جميع المؤسسات الحكومية ولكن دون جدوى»، مشيرا إلى أن «الجهود الفردية لسكان المدينة وفاعلي الخير الذين يتعرضون للمخاطر (...) هي ما تجعلهم يصمدون في وجه نقص الإمكانات التي تعوقهم عن النهوض مجددا بالمدينة».

وقال المشري إن «مأساة سرت أصبحت مثل محرقة اليهود لا يجوز النقاش فيها ولا التحدث عنها»، موضحا أن استخدام اسمها أصبح محرما بسبب «لوبي معاد وحاقد على المدينة ولا يريد للمصالحة الوطنية أن تتم».

وأضاف أن «هناك مدارس مدمرة كانت تتسع لآلاف الطلبة، ومستشفى سرت يعاني من نقص في الأطباء والعلاج وحتى الأدوية التي يحضرها الصليب الأحمر الدولي تكون على وشك انتهاء الصلاحية هم يغرقوننا بها لأنهم يحضرونها رخيصة الثمن».

وأكد أن «أهل سرت أصبح همهم اليوم المرتبات لإعالة أسرهم وتسيير حياتهم اليومية، منهم من يعيش في العراء ومنهم من يسكن الأكشاك».

وتابع أن وزير الإسكان والمرافق في الحكومة الانتقالية الليبية إبراهيم السقوطري زار المدينة «وأعطى أهلها كثيرا من الوعود والكلام المعسول ويبدو أنه رجل يبيع الكلام فقط».

وقال عضو لجنة متابعة النازحين والإغاثة المكلف بمتابعة شؤون أسرى سرت في المدن الأخرى، مصباح العباني لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الوضع النفسي للسكان الآن في الحضيض».

وأضاف: «حتى الذي كان يعمل قابع في بيته الآن. عندنا العشرات من الجرحى من متضرري الحرب وعائلات كاملة تضررت، نساء وأطفال وشيوخ وشباب (مصابون) بجروح وشظايا بأجسامهم».

وتابع: «لم نعامل أسوة بالمدن الأخرى وكبقية الجرحى الليبيين»، موضحا أنه اجتمع مع عبد الجليل و«أبلغناه باحتياجات المدينة وحتى الآن لا حراك».

وأكد أن «المؤيدين للقذافي من تلك المدينة أصبحوا يتذكرون حديثه إليهم في خطاباته الداخلية التي كان يوجهها عبر الراديو ويحثهم فيها على الحرب على إخوتهم».

وأضاف أن القذافي «كان يقول لهم إن الليبيين إذا دخلوا عليكم سينهبون بيوتكم ويسرقون أرزاقكم ويهملونكم بعد ذلك. أصبح عندهم يقين الآن أن الذي قاله لهم القذافي قد تحقق».

وتابع أن «أطفال سرت لم يتمكنوا من بدء دراستهم لأن مدارسهم مغلقة ومعظمها محطم ومدمر بالكامل ومناخ العيش بالمدينة سيئ للغاية».

وأكد العباني: «حتى المصارف شباب سرت تنادوا وفتحوها جميعا ولكن لم يتم مد المدينة بأي سيولة باستثناء مصرف الوحدة» الذي تم تزويده بمبلغ من المال منذ فترة قصيرة.