بن كيران يتعهد بتقوية علاقات المغرب مع الدول العربية و«تطبيع كامل» مع الجزائر

رئيس الحكومة المغربية قدم برنامجا مسهبا أمام البرلمان وواجه احتجاجات بسبب ضعف تمثيل المرأة داخلها

احتجاجات نسائية قبل بدء عبد الاله بن كيران تقديم برنامج حكومته أمام البرلمان أمس (تصوير: منير أمحيمدات)
TT

تعهد عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية، بتعزيز العلاقات بين المغرب والدول العربية والإسلامية، مشددا على أن حكومته ستبقى «وفية لانتمائها الأصلي العربي والإسلامي، مرحبا بالمبادرات الصادرة عن قادة مجلس التعاون الخليجي».

وقال بن كيران «نحن على استعداد كامل لتطوير علاقاتنا الأخوية»، مشيرا إلى أن المغرب سيواصل دعمه القوي للقضية الفلسطينية من أجل إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وقال بن كيران إن البرنامج الحكومي «يأتي في سياق حراك ديمقراطي عربي تمكن فيه المغرب من التفاعل الإرادي والاستباقي مع تحدياته واستحقاقاته، واستطاع أن يشق مسارا متميزا واستثنائيا نجح فيه الشعب المغربي بقيادة الملك محمد السادس في إرساء خيار ثالث قائم على الإصلاح في إطار الاستقرار».

وألقى بن كيران خطابه المسهب أمام مجلسي البرلمان، وواجه احتجاجات من طرف نواب المعارضة الذين احتجوا على عدم تلقيهم نسخة من البرنامج قبل إلقائه، كما رفعت نائبات معارضات لافتات احتجاج قبل أن يشرع في إلقاء خطابه في حركة احتجاجية على اقتصار تمثيل النساء في الحكومة على سيدة واحدة، لكن بن كيران قال إن حكومته ستأخذ بعين الاعتبار «مبدأ المناصفة في الوصول إلى تمثيلية منصفة للمرأة في مناصب المسؤولية».

إلى ذلك، تعهد بن كيران بالعمل على تطبيع كامل للعلاقات مع الجزائر، بما في ذلك فتح الحدود البرية بين البلدين، والتي ظلت مغلقة منذ عام 1994. وخصص بن كيران فقرة كاملة للعلاقات المغربية - الجزائرية. وكان من بين ما قال في هذا الصدد «ستعمل الحكومة على صعيد الجوار المباشر على تعزيز الدينامية الإيجابية التي شهدتها العلاقات المغربية - الجزائرية قصد تحقيق التطبيع الكامل للعلاقات مع دولة الجزائر الشقيقة، بما في ذلك فتح الحدود البرية أخذا بعين الاعتبار عمق الأواصر الدينية والتاريخية التي تجمع البلدين وخدمة للمصالح المشتركة ومواجهة التحديات المشتركة وتحقيق الاندماج المغربي»، مؤكدا في الوقت نفسه أن حكومته «ستواصل العمل على تفعيل الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا عبر إقامة النظام المغاربي الجديد نظرا لتعزيز التفاهم وحسن الجوار واحترام الثوابت الوطنية لكل دولة».

وقال بن كيران «إن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية والمصالح العليا والقضايا المغربية، وفي مقدمتها النزاع المزمن حول الصحراء، يعتبر أولوية الأولويات للبرنامج الحكومي». وأضاف أن الحكومة ستسخر كل جهودها من أجل الوصول إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه لنزاع الصحراء، وزاد قائلا إن حكومته «ستعمل على دعم المفاوضات المنبثقة عن المبادرة المغربية للحكم الذاتي»، وعبر عن اعتقاده بأنها «تتسم بروح الابتكار والتوافق والتي وصفها مجلس الأمن، في قراراته المتتالية بالمصداقية والجدية».

وعلى الصعيد الأوروبي والأميركي، قال بن كيران في هذا السياق «نظرا لما للاتحاد الأوروبي من أهمية استراتيجية فإن الحكومة ستعمل على متابعة تطبيق الوضع المتقدم الذي يميز علاقة المغرب مع الاتحاد الأوروبي، وذلك في أفق إنشاء فضاء اقتصادي مشترك على أساس المصالح المتبادلة، وستعمل الحكومة على تطوير العلاقات مع شركائها من دول الاتحاد، وكذلك ستعمل على تعزيز العلاقات مع دول أميركا وأميركا اللاتينية والدول الآسيوية على أساس شراكات مثمرة والتعاون استراتيجي».

وتطرق بن كيران بالتفصيل لبرنامج حكومته في مختلف القطاعات، وقال إن الحكومة تسعى عبر برنامجها، إلى تحقيق نسبة نمو بمعدل 5.5 في المائة قبل عام 2016، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الحكومة تسعى إلى تحقيق نسبة نمو الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي بمعدل 6 في المائة، وعلى ضبط التضخم في حدود 2 في المائة، وتخفيض البطالة إلى 8 في المائة في أفق 2016، وكذا الرفع من معدلات الادخار والاستثمار، مع ضبط عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات. وشدد على أن البرنامج الحكومي يهدف في المجال الاقتصادي إلى تحقيق نمو قوي ومستدام ومنتج لفرص العمل ومتضامن يقوم على دعم الطلب الداخلي بتحسين القدرة الشرائية وتدعيم الاستثمار، وعلى تقوية الطلب الخارجي بالرفع من تنافسية المقاولات المغربية وقدرتها على اختراق الأسواق.

وقال عن برنامج حكومته إنه يعتمد على تحسين الحكامة ومحاربة المضاربة والاحتكار والريع، وتطوير الإدارة وتحسين مناخ الأعمال، ودعم الاستثمار، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة. وأشار إلى أن حكومته ستعمل على تطبيق إصلاحات نوعية تهم سوق الرساميل، والقطاع البنكي، وقطاع التأمينات، وتسهم في تعزيز تنافسية وإشعاع القطب المالي للدار البيضاء.

ووعد بن كيران بمضاعفة عدد السياح قبل 2016 وتشجيع السياحة الداخلية، وملاءمة التكوين ومتطلبات سوق العمل من خلال إنشاء مركز تكوين متميز بكل منطقة سياحية، وتطبيق قانون جديد متعلق بالمرشدين السياحيين ووكالات الأسفار.

وكان بن كيران أعلن في مستهل تقديمه للبرنامج الحكومي أنه يستند إلى البرامج الانتخابية لأحزاب التحالف الحكومي، ويسعى إلى تجسيد الالتزام بتنزيل الدستور ومتطلباته التشريعية والمؤسساتية، والاستجابة لطموحات الشعب المغربي بفئاته وشرائحه داخل وخارج المغرب. وقال إن الحكومة ستواصل دعمها للمجهودات المبذولة من طرف قوات الأمن في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تترصد البلاد، عبر توفير الوسائل الناجعة لاستباق أي تهديد قد يمس أمن واستقرار البلاد.

وأكد أن حكومته تسعى إلى الاستمرار في دعم الخطاب الديني المعتدل وتعزيز مؤسسة العلماء ودعم دورها تكوينا وإدماجا وإشراكا باعتبارها المؤسسة العاملة في مجال الدعوة والإرشاد والإصلاح في المجتمع، وكذا الاستمرار في دعم دور المساجد والأوقاف ومؤسسات التعليم، ومضاعفة الاهتمام بوضعية العاملين في الحقل الديني بما يناسب مكانتهم في المجتمع ويمكنهم من أداء مهامهم الدينية والتربوية، مشيرا إلى أن العاهل المغربي هو الراعي لشؤونهم والكافل لقضاياهم والضامن لحقوقهم وملاذهم في ما يهمهم ماديا ومعنويا.

وأعلن عزم الحكومة تقوية اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية في إطار يحفظ الوحدة ويضمن التنوع، وذلك بالعمل على تطوير وتنمية استعمال اللغة العربية، وإصدار قانون خاص بها، وإرساء أكاديمية محمد السادس للغة العربية وتمكينها من شروط الاشتغال اللازمة. وأضاف أنه في موازاة ذلك ستعمل الحكومة على تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية عبر وضع قانون تنظيمي يحدد طريقة إدراج الأمازيغية وإدماجها في التعليم.