قانون الجمعيات الأهلية يعيد المواجهة بين منظمات المجتمع المدني والدولة إلى نقطة الصفر

وصفته بالمستبد وعودة لسياسة مبارك.. وتبحث الإعلان عن بديل

TT

في وقت لم ينته فيه الجدل حول التحقيقات التي يجريها القضاء المصري في القضايا المتعلقة بتلقي منظمات حقوقية وأهلية تمويلا أجنبيا بالمخالفة للقانون المصري، تفجرت مواجهة جديدة بين المنظمات والحكومة في مصر على خلفية إعلان الحكومة إعادة طرح مشروع قانون للجمعيات الأهلية سبق أن تم رفضه منذ نحو عامين خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك عقب أزمة واسعة أثارها مشروع القانون وأدت إلى عدم طرحه للمناقشة وتخلي الحكومة عنه.

وعقد عدد من قيادات منظمات المجتمع المدني اجتماعا تشاوريا أمس ناقشوا خلاله سبل الرد على مشروع القانون الجديد، وأعلنت 40 منظمة حقوقية عقد مؤتمر صحافي الأحد المقبل بمقر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، لتدشين حملة لمجابهة مشروع القانون، والإعلان عن خطوات تصعيدية لمواجهته.

وقالت المنظمات في بيان لها أمس إنها ستعمل على توضيح السلبيات والمعوقات التي تضمنها مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، موضحا أن المنظمات شكلت عقب اجتماع أمس لجنة استشارية وقانونية لبحث سلبيات مشروع القانون الحكومي، وإعادة طرح مشروع قانون بديل سبق أن تقدمت به المنظمات عام 2002.

وقال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، إن منظمات المجتمع المدني لعبت دورا كبيرا في تفجير العديد من القضايا داخل المجتمع المصري مثل الحملات المتتالية ضد التعذيب وفضح تلك الممارسات، فضلا عن تبني حملات للقضاء على الفساد، وكذا إيلاء اهتماما بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال الوقوف في صف المواطن الفقير وترسيخ حقه في الحصول على مستوى معيشة مناسب، والسعي لتقديم توصيات ومقترحات لمحاولة القضاء على العديد من الظواهر السلبية مثل ساكني العشوائيات والقبور، ولهذا يجب ضمان وترسيخ حرية العمل الأهلي في مصر.

ووصف عدد من المنظمات الحقوقية مشروع القانون بأنه «أكثر استبدادا من القانون الحالي ويكرس سيطرة جهاز أمن الدولة، الأمن الوطني، على مقاليد العمل الأهلي في مصر بشكل أكثر قسوة»، وكانت السلطات المصرية قد داهمت عددا من المنظمات الأهلية قبل أسبوعين في إطار تحريات تجريها حول قضية التمويل الأجنبي لهذه المنظمات، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الجهات الداخلية والخارجية ووضع كثيرا من علامات الاستفهام حول مستقبل منظمات المجتمع المدني في مصر الثورة بعد هذه المداهمات، وأكدت المنظمات المجتمعة في بيانها أنها «لن تسمح بأن تمارس وزارة التضامن وجهاز الأمن سيطرتهم على مجريات العمل الأهلي في مصر، وأنه ليس لأحد غير القضاء سبيل للرقابة والقرار على أعمالهم»، وطالب المجتمعون المجلس العسكري أن يدافع عن العمل الأهلي وأن يدعمه بدلا من تراخيه عن كبح جماح بعض الأشخاص الموالين لنظام مبارك الذين يريدون تصفية العمل الأهلي في مصر مما قد يزيد من حدة المواجهة بينه وبين القوى الشعبية والديمقراطية وفي القلب منها المجتمع المدني.

ويفرض مشروع القانون المقترح من الحكومة المصرية، قيودا عديدة على عمل منظمات المجتمع المدني، بينها السماح لموظفي الجهة الإدارية والأمنية بالرقابة والرفض والاعتراض على نشاط هذه المنظمات والجمعيات، كما يسمح لها بوقف قرارات الجمعية، ويتيح لها سلطة اتخاذ قرار الحل أو الإيقاف، كما يحدد أيضا مجالات محددة لنشاط منظمات المجتمع المدني.

وأكد مدير مركز «هشام مبارك للقانون»، أحمد راغب، لـ«الشرق الأوسط»، أن القانون الحكومي بمثابة عقاب للمنظمات الحقوقية على مواقفها ودورها في كشف انتهاكات حقوق الإنسان سواء قبل الثورة أو بعدها، وأضاف: «لن نقبل إلا بقانون ديمقراطي يسمح بحرية العمل المدني ويرسخ قواعد الرقابة والشفافية، ويجعل من القضاء وحده سلطة الفصل بين أي جهة إدارية وبين مؤسسات المجتمع المدني».