عماد غليون: نظام الأسد لن يستمر أكثر من 3 أشهر

أول برلماني منشق: السياسي السوري مجبر على أن يتبنى وجهة نظر النظام كاملة دون أي تغيير وليس هناك خيارات

البرلماني المنشق عماد غليون
TT

أكد عماد غليون أول برلماني ينشق عن النظام السوري لـ«الشرق الأوسط» أن نظام الأسد لن يستمر أكثر من ثلاثة أشهر، وقال إن ذلك لعدة أسباب أهمها أن الاقتصاد السوري الآن في أضعف حالاته والناتج القومي سلبي لحد كبير، والعجلة الاقتصادية متوقفة تماما، فتصدير النفط خسر ملياري دولار، ووصل تراجع السياحة لـ4 مليارات دولار، كما فقدت العملة 60 في المائة من قيمتها، وتراجع التحصيل الضريبي الذي كان يبلغ 340 مليار ليرة، إلى 5 مليارات فقط حسب الإحصاءات الرسمية، والطاقة الكهربائية في وضع سيئ لصعوبة استيراد المشتقات النفطية كما أن قطاعات النقل والتجارة البينية ضعيفة جدا والصناعة السورية في تراجع شديد لضعف القوة الشرائية.

وأضاف غليون في حوار مع أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن الأسد بدأ يصبح معزولا عربيا وإقليميا ودوليا. وقال «كما أن معظم الشعب السوري أصبح مع الحراك الثوري وضد النظام الذي أصبح فاقدا لشرعيته الدستورية، ولا يمكن أن يستمر بدفع المزيد من الأموال للإنفاق على من يقومون بقمع المتظاهرين.. هذه الأسباب ستساعد على السقوط سريعا». وعن مصير الأسد قال غليون «ما نتمناه ونتوقعه هو أن يقدم كل إنسان إلى المحكمة فهناك قانون ليحاكم كل من قام بالاعتداء».

وعن إمكانية نشوب حرب طائفية في سوريا قال البرلماني المنشق «استبعد سيناريو حرب طائفية لأن النظام يحاول منذ بداية الثورة أن يدفع نحو ذلك ولم ينجح، وهذا ما تأكد من خلال البيان الذي أصدره مجموعة من العلويين الذين دعوا لعدم الانسياق لحرب طائفية».

وعن حلفاء الأسد الذين قد يحاولون مساعدته على الاستمرار قال غليون «حزب الله متأثر من الثورة أكثر من أن يكون مؤثرا فيها، فهو من يتلقى الدعم من النظام السوري، لكن بالنسبة لإيران وروسيا فلا يمكن أن تدعماه إلى ما لا نهاية فممكن أن يستمر دعمهما حسب المصالح لكن ستتوقفان عن ذلك قريبا، هما يحاولان أن يحققا أكبر قدر من المكاسب لكن الجميع يدرك أن النظام السوري زائل».

كما خص عماد غليون «الشرق الأوسط» بخبر حول الإعداد لتشكيل لجنة متكونة من مجموعة من نشطاء المعارضة بالتعاون مع حقوقيين ومحاسبين ومفتشين تضم متطوعين من مختلف دول العالم لمتابعة الأرصدة المجمدة للنظام السوري. وهذه اللجنة سيكون مقرها الرئيسي بالقاهرة مع فروع بدول أخرى هدفها البحث عن الأرصدة المجمدة للنظام من أجل استعادتها مستقبلا.

وقال غليون إنه موجود باسطنبول حاليا ويواصل نشاطه السياسي مع أطراف سياسية وناشطين من المعارضة السورية.

وأكد غليون أن ما قام به لا يمكن اعتباره انشقاقا لأنه «منذ البداية كنت ضد موقف النظام، وعبرنا عن ذلك بأماكن مختلفة، وأنا كنت عضوا بأحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وهي مجموعة أحزاب بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وأنا عضو المكتب السياسي وطلبت من الحزب أن يتخذ موقفا مع الشارع فرفضت قيادة الحزب». وأضاف «منذ أول حراك بدأ الشباب يخرجون مطالبين بالحرية والكرامة، ولم يطلبوا وقتها الخبز، فلم تكن مطالبهم معيشية، لذلك لما حدث العنف والقتل والعنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين طلبت من قيادة الحزب وقف العنف فرفضت، وبالتالي قدمت استقالتي منذ الشهر الأول للثورة احتجاجا على سياسة الحزب بعد عدة محاولات ولم يقوموا بأي خطوة في الاتجاه الصحيح. ولم يقبلوها ولم يعرضوها على الدراسة، وبعد فترة أعطوا قرارا بفصلي بسبب ما سموه (المواقف السياسية)».

وقال «كان موقفي واضحا ومعلنا، ثم وبعد الفصل اخترت العمل بشكل هادئ وبعيد عن الأضواء لفترة معينة لأمارس دوري وأعبر عن آرائي وأساند الشباب خاصة أن المضايقات بدأت تزداد عموما وصار الوضع الإنساني مزريا بحمص، وعدم إمكانية العمل، أنا أردتها خطوة لينسج آخرون على منوالها وهي رمزية ليأخذوا موقفا.. إذا لم تستطيعوا أن تفعلوا شيئا إيجابيا فابتعدوا عن إيقاع الضرر».

وعن خروجه من البلاد قال غليون «خرجت مع عائلتي وبشكل هادئ تماما، بجوازي العادي تحسبا لأي شيء.. وبعد خروجي صدر قرار من الجهات الأمنية بمنع سفر المسؤولين الكبار في الدولة دون الحصول على موافقات مسبقة من الجهات الأمنية».

وعن أوضاع المسؤول الحكومي أو السياسي في سوريا قال غليون «يجب عليه أن يتبنى وجهة نظر النظام كاملة دون أي تغيير وليس هناك خيارات، وليس هنالك سوى رأي واحد هو ما تقرره الجهات المسؤولة والإعلام الرسمي ولا يسمح بتداول أي آراء أخرى، ومؤتمرات الحوار كانت تشبه مسرحيات هزلية، و لم تقدم أي جديد، ولم يقدم إلا ما يريده النظام».

وأوضح عماد غليون «أنا متأكد أن معظم السياسيين غير راضين وغير مقتنعين بهذا الوضع الذي تمر به البلاد بسبب ما يمر به الاقتصاد والمجتمع، والأوضاع السياسية، وسوريا تعيش عزلة، وهذه المخاطر تجعل من أي إنسان عاقل وأي تيار كان لا يقبل باستمرار الوضع وسيطالب بتغييره، ويطالب بديمقراطية وأنا متأكد أن كثيرا منهم يؤمنون بهذا لكن لا يمكنهم التعبير». وأضاف «فممكن أن يهدد السياسي في عائلته أو رزقه أو ماله، وأنا نفسي قد تركت كل شيء، وليس معي أموال، وأولادي خارج المدرسة ولا يقبل أي إنسان هذا الوضع، فكيف سيعيش.. هناك صعوبات على حياته العائلية والشخصية، لكن نعذر بعض الناس لكن مهما كانت الظروف صعبة أرجو من المسؤولين والوزراء إعلان رأيهم وأن يكونوا في صف الشعب».

وعن مسؤولية الأسد فيما يحدث بسوريا ودور المحيطين به قال «حسب الدستور الرئيس هو المسؤول وهو صاحب السلطات لذلك يتحمل المسؤولية كاملة، وهناك دائرة ضيقة من العائلة والمقربين ومن العسكر والأمن ورجال الأعمال، مصالحهم متشابكة، هدفهم حماية النظام من أجل حماية مصالحهم وهم يعملون مع بعض ويكملون بعضهم تماما».

وعند سؤاله عن الأقرب إلى النظام في هذه الحلقة أكد «العائلة، ثم رجال الأمن ثم دور بعض القيادات في حزب البعث. وبعض اللوبيات الأخرى». وأضاف «لدي معلومات عن حالات فساد، والمشكلة لدينا عندما نمسك بملف لا نستطيع متابعته حتى النهاية هذا بالنسبة للملفات الكبيرة، مثل ملف الأقماح المستوردة من أوكرانيا، وحتى رئيس الوزراء الحالي متورط فيها عندما كان وزير زراعة واستورد أقماحا فاسدة وكانت لنا تقارير كاملة عن الموضوع اعتمدت على تحاليل أكدت أنها غير صالحة للاستهلاك البشري وعندما طلبنا من الجهات الرسمية إعادتها قالوا لا نستطيع ذلك فقد دفعنا ثمنها وطحنت واكلها الناس».

«وتابعنا وقتها الموضوع كبرلمانيين وسربناه للإعلام ولا نتيجة ولا أحد يمكنه أن يقاوم الفساد ولم يحاسب أحد. فقط الموظفون الصغار يحاسب عدد منهم؛ يصرفون من الخدمة لأسباب تمس النزاهة».

كما يعتبر عماد غليون ناشطا إعلاميا حيث لديه مجلة «المبتدأ» الذي قال إنها أوقفت عدة مرات وأكد «لا يوجد إعلام أصلا في سوريا.. هناك إعلام رسمي يأخذ توجيهات من النظام».