«هيومان رايتس» تطالب بنشر تقرير المراقبين وخبراء يعتبرون مواقف الأمم المتحدة متناقضة

اعتبرت مهمتهم فاقدة للمصداقية وحثّت مجلس الأمن على فرض عقوبات على دمشق

TT

في وقت دعت فيه منظمة «هيومان رايتس ووتش» الجامعة العربية إلى نشر تقرير مراقبيها في سوريا وحثت مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات على دمشق من أجل وقف العنف، أصدر عدد من الخبراء السوريين تقريرا يبرز التناقض بين مواقف الأمم المتحدة من جهة وما يطبّق من جهة ثانية في سياستها وبرامجها على الصعد كافة ولا سيّما الإنسانية منها.

وفي الرسالة التي وجهتها إلى الجامعة العربية، اعتبرت «هيومان رايتس ووتش» أنّه «على الجامعة العربية أن تنشر بشكل علني التقرير النهائي لبعثتها للمراقبين في سوريا بكامله».

واعتبرت «هيومان رايتس» أنّه قد «تم المساس بمصداقية المهمة منذ بدئها بسبب نقص الشفافية والاستقلالية» معبرة عن الأسف خصوصا لأن معايير اختيار المراقبين لم تكن متوافرة.

وفي رسالتها حثت هيومان رايتس ووتش الجامعة العربية على «العمل مع مجلس الأمن لفرض حظر أسلحة على سوريا وعقوبات على الأفراد المسؤولين عن انتهاكات خطيرة والمطالبة بإمكانية وصول العاملين الإنسانيين والصحافيين الأجانب ومنظمات غير حكومية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان، بحرية إلى البلاد».

وكان التقرير قد لفت إلى القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين فيه استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام وإلى دعوة نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك «لحماية المدنيين من القمع الوحشي»، مشجعة مجلس الأمن على «إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية».

ومن جهة أخرى، أشار التقرير إلى تصريحات أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون التي اعتبر فيها أن الأسد فقد شرعيته وعليه اتخاذ إجراءات جريئة للإصلاح قبل أن يفوت الأوان، لكنه في الوقت عينه أكّد أن منظمات الأمم المتحدة العاملة في سوريا تقوم بدعم النظام السوري.

كذلك، انتقد تصريحات فاليري أموس، منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة التي أعلنت أنّ الاقتراحات بإقامة «ممرات إنسانية» في سوريا لمساعدة المدنيين ليس لها ما يبررها، ثم عادت وأكّدت أن ثلاثة ملايين شخص تأثروا بالانتفاضة الشعبية في سوريا ضد حكم بشار الأسد وأن الصليب الأحمر طلب مساعدات لإطعام 1.5 مليون شخص، وأن الأمم المتحدة ليست قادرة على تقويم هذه الاحتياجات بشكل شامل بسبب قلة عدد الموظفين الدوليين العاملين في سوريا، مع العلم أن المنظمة قامت وفي اليوم نفسه بسحب موظفيها من سوريا خوفا على أمنهم.

هذا التناقض، ينسحب أيضا وفق التقرير، على مواقف «اليونيسيف» التي أشار مدير تنفيذها إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها سوريا، وتابع مطالبة بالتحقيق في تقارير وصفتها بـ«أعمال مروعة» ضد أطفال احتجزوا خلال الاحتجاجات الحالية بالبلاد، كما أعلن رئيس لجنة التحقيق الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان، باولو بينير أنّ «قوات الأمن السورية قتلت 307 أطفال منذ بدء الاحتجاجات، إضافة إلى أنّ هناك أطفالا في عداد ضحايا أعمال التعذيب والقتل التي نفّذتها قوات الأمن». ورغم اعترافهم بهذا الواقع، عاد مكتب منظمة اليونيسيف في سوريا، وناقش خطته السنوية في حضور عدد من الوزراء السوريين. مع العلم، أنّ مكتب اليونيسيف في سوريا يعمل بشكل وثيق مع الجمعيات الأهلية المنضمة إلى الصندوق السوري للتنمية الذي ترأسه السيدة الأولى ويوفر كل أنواع الدعم لبرامجها. وفي ما اعتبره التقرير تخبطا في السياسات والتصريحات ولا سيما على مستوى الإغاثة؛ ففي حين تقوم المنظمة بواجباتها في مساعدة اللاجئين العرب والأجانب في سوريا، فقد وصل عدد اللاجئين السوريين إلى الآلاف في كل من تركيا ولبنان والأردن، ولم تقم المنظمة إلا بتقديم مساعدات خجولة لهم.

وفي تعليقه على تقرير الخبراء السوريين، لفت ياسر النجار، عضو المجلس الوطني والمجلس الأعلى لقيادة الثورة، والذي كان يتولى إدارة جمعية أهلية في سوريا وعضوا في إدارة اتحاد المنظمات غير الحكومية، إلى أنّ التناقضات بين مواقف الأمم المتحدة وبين سياستها العملية يعود بشكل أساسي إلى التقارير المختلفة بل والمتناقضة التي تتلقاها المنظمة من المنظمات العالمية من جهة ومن الكوادر السورية التابعة للنظام التي تعمل في مكاتب المنظمة في الداخل. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الكوادر السورية التي تعمل في مكاتب المنظمة في سوريا هي التي كان النظام قد رشحها للقيام بهذه المهمة وهم بالتالي من التابعين له، ولن تختلف تقاريرها التي تفتقد إلى المصداقية عن الأكاذيب التي يحاول النظام بثها». وفي حين يطالب النجار الأمم المتحدة بأن تكون «منصفة في مقاربتها الوضع السوري كي لا تفقد مصداقيتها»، يؤكد «ضرورة العمل على وضع خطط حالية ومستقبلية من شأنها مساعدة الشعب السوري الذي يرزح تحت أزمة اقتصادية وإنسانية قابلة للتفاقم يوما بعد يوم».

كذلك، اعتبر التقرير أن هذه الازدواجية في المعايير والتسييس الواضح لتقارير وقرارات الأمم المتحدة، يثير المخاوف حول الموقف الحقيقي للمجتمع الدولي لإنصاف الشعب السوري ويكشف عدم قدرتها على إيجاد رؤية واضحة دولية قادرة على إحياء سلطة حقيقية للقانون الدولي لإنصاف الشعب السوري الذي يتعرض إلى مجازر وحشية يوميا وانتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان.