رداع التاريخية في مرمى «القاعدة»

مسلحون يستولون على مبان حكومية وقلعة مدرسة

TT

تواصل عناصر متشددة، يعتقد أنها تنتمي لتنظيم «القاعدة»، فرض سيطرتها على مدينة رداع، ثاني مدن محافظة البيضاء، التي تبعد عن العاصمة اليمنية، صنعاء، قرابة 170 كيلومترا، منذ عدة أيام، فقد سيطر عليها المسلحون بصورة مفاجئة أثارت الرعب في أوساط المواطنين الذي باغتهم التصرف من قبل تلك الجماعات التي تنتمي لنفس المنطقة، خصوصا مع المخاوف من انتقال ما يجري من سيطرة لـ«القاعدة» على محافظة أبين المجاورة.

وضمن ما استولى عليه المسلحون مبان حكومية وقلعة مدرسة العامرية التاريخية التي تعد إحدى تحف الفن المعماري الإسلامي وإحدى المدارس الإسلامية الشهيرة في المنطقة، ومن أهمها في اليمن، وقد أسستها الدولة الطاهرية وشيدها الملك عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر، المعروف بالظافر صلاح الدين، في ربيع الأول عام 910 هجرية، الموافق سبتمبر (أيلول) سنة 1504 ميلادية، حسب الكتب التاريخية، وكان ابن طاهر هو الملك الرابع في الدولة الطاهرية التي خلفت الرسوليين في حكم اليمن.

وتصف كل المصادر المدرسة العامرية بالتحفة المعمارية وبأنها قد تتعرض لمخاطر كثيرة في ظل استيلاء هذه الجماعات المسلحة عليها وعلى غيرها من التحف الإسلامية والتاريخية في رداع التي توصف بأنها «بلدة بن عامر» التي ذكرت كتب التاريخ أن الملك اليمني الشهير «شمر يهر عش» سكن فيها وعاش، وهو من ملوك الدولة الحميرية في اليمن.

وتحوي رداع قبائل من أقوى القبائل اليمنية التي يتميز أبناؤها ببنى جسدية ضخمة، وعصامية، إضافة إلى عملهم في الزراعة وفي الكثير من الحرف، هذا عوضا عن انتماء الكثير من الساسة والصحافيين إليها في مراحل وحقب مختلفة.

وتتضارب الأنباء بشأن هوية المسلحين وأهدافهم من الاستيلاء على المدينة التي تفصلها عن مدينة صنعاء، محافظة ذمار فقط، فهناك اتهامات للمسلحين بأن لهم صلات وثيقة بأجهزة الأمن والمخابرات التابعة للرئيس علي عبد الله صالح وأقربائه الممسكين بتلك الأجهزة، وهناك من يعتقد أنهم فعلا من عناصر تنظيم القاعدة، غير أن ما أكدته مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن لهم ميولا إسلامية متشددة، بغض النظر عن أي ارتباطات لهم بالأجهزة الأمنية أو بتنظيمات إسلامية متشددة.

ويخشى المراقبون من أن تشهد رداع مواجهات مسلحة لإخراج المسلحين بالقوة، الأمر الذي سوف ينعكس سلبا وبصورة خطيرة على المباني التاريخية وعلى السكان المدنيين، كما حدث في لودر بمحافظة أبين ومدينة الحوطة في محافظة شبوة وغيرها من المحافظات اليمنية الجنوبية على وجه التحديد.

وقال محمد مسعد الرداعي، القيادي في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (اللقاء المشترك) في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مكان وجوده في رداع، إن المسلحين يسيطرون على المدرسة العامرية والمناطق المحيطة بها، وإن المواطنين من رجال القبائل قطعوا بعض الطرقات ونصبوا نقاطا من أجل الدفاع عن المدينة ضد محاولة المسلحين التوسع والسيطرة على مناطق أخرى.

وأشار الرداعي إلى أن بعض محلات المدينة تعرض للسلب والنهب من قبل مجهولين، خصوصا بعد أن قام المسلحون بإطلاق سراح مئات السجناء من السجن المركزي عقب استيلائهم على المدينة، مشيرا إلى أن الأوضاع في المدينة على وشك الانفجار في أي لحظة.