مع اقتراب موعد تداول السلطة بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان (الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني) حسب الاتفاق الاستراتيجي الموقع بينهما عام 2007. الذي يقضي بتداولهما منصبي رئيس الحكومة ونائبه كل سنتين، تزداد التكهنات حول الأسماء المطروحة لشغل المنصبين.
رغم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد حسم أمره بترشيح نائب رئيسه نيجيرفان بارزاني لشغل منصب رئيس الحكومة للسنتين القادمتين، مشترطا موافقة الاتحاد الوطني، مقابل موافقة الحزب على ترشيح نائبه من الاتحاد الوطني، ولكن حزب طالباني ما زال مترددا في الإعلان عن مرشحه لمنصب نائب الرئيس، حيث أكد المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني آزاد جندياني أن الحزب «لم يتخذ بعد أي قرار بشأن المرشح لهذا المنصب» بينما أكد قيادي في الحزب من جانبه «أن جميع الأسماء التي طرحت خلال الفترة الماضية لا تتجاوز حدود تكهنات إعلامية، فقيادة الاتحاد الوطني تنتظر عودة الرئيس طالباني لحسم هذا الموضوع». ولكن سعدي أحمد بيرة عضو المكتب السياسي للاتحاد كشف لـ«الشرق الأوسط» أن التغيير الذي سيحصل في غضون الأيام القليلة القادمة سيشمل أيضا منصب نائب رئيس الإقليم الذي شغله نائب الأمين العام لحزب طالباني كوسرت رسول علي، مؤكدا «أن التغييرات ستجري ضمن رزمة واحدة بما فيها منصبا رئيس الحكومة ونائبه ورئيس البرلمان ونائبه، وكذلك المنصب الشاغر حاليا لنائب رئيس الإقليم». وأشار بيرة إلى «أن الاجتماع المشترك الذي عقد للمكتبين السياسيين أول من أمس بمصيف صلاح الدين تحت إشراف الرئيس بارزاني تم التباحث فيه حول الكثير من القضايا المهمة، في مقدمتها الأزمة السياسية الراهنة في العراق وتداعياتها على وضع الإقليم. وفي إطار الوضع الكردستاني تم بحث التغييرات المرتقبة في السلطة».
وبسؤاله عما دار من حديث حول هذا الموضوع وما إذا كان الاجتماع قد تطرق إلى مسألة منصب نائب رئيس الإقليم بعد حسم مرشحي رئاسة الحكومة والبرلمان، قال بيرة «لم نتطرق إلى هذا الموضوع في الاجتماع المشترك، لأن هذا موضوع حساس ومهم، ويحتاج إلى مشاورة مكتبنا السياسي مع الأمين العام طالباني المتواجد حاليا في الخارج لتلقي العلاج، وعندما يعود سنحسم هذا الموضوع معه وسنعلن رسميا عن مرشحنا لشغل المنصب باعتباره من حصتنا». وأضاف بيرة «هذا المنصب الذي شغله في الدورة السابقة رسول علي انتهت ولايته مع إجراء الانتخابات التشريعية في 25 يوليو (تموز) 2009 والبالغة 4 سنوات بعد أن انتخب السيد بارزاني لرئاسة الإقليم، ومع انتخاب بارزاني رئيسا لدورة ثانية انتهت ولاية نائبه حيث لم يختر نائبا له طوال السنتين الماضيتين، وعليه فقد بقي هذا المنصب شاغرا حتى اليوم».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قيادية مقربة من رسول علي أنه التقى قبل عدة أيام بمبعوثين من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني هما نيجيرفان بارزاني المرشح لرئاسة الحكومة، وفؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الإقليم، حيث بحثا الوضع الراهن والتغييرات المرتقبة على السلطة. وبحسب مصادر رفيعة المستوى في الاتحاد الوطني فقد «كان الهدف من الزيارة هو إبلاغ كوسرت بعدم وجود ممانعة لدى قيادة الحزب والرئيس بارزاني بعودته لشغل منصبه كنائب للرئيس للفترة المتبقية من ولايته، وبذلك فإن كوسرت وهو المرشح الوحيد لحد الآن، هو الذي سيتولاه للسنتين الباقيتين، ونحن بانتظار عودة طالباني وعقد اجتماع المكتب السياسي لتسميته مرشحا رسميا لشغل منصب نائب رئيس الإقليم».
في غضون ذلك وفي اتصال مع عدنان المفتي عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الذي كان حتى اللحظة الأخيرة أحد أبرز المرشحين للمنصب أكد ترحيبه بعودة كوسرت رسول لشغل المنصب وقال: «إن الظروف السياسية والتحديات التي تواجه الإقليم، خصوصا تداعيات الأزمة السياسية في بغداد، وعدم الاستقرار الإقليمي، ولمواجهة جميع الاحتمالات للمرحلة القادمة، وهي مرحلة حساسة جدا بالنسبة لنا، فإن الأمر يتطلب ترتيب بيتنا الداخلي وتوحيد صفوفنا وتعميق أسس التحالف والتوافق المشترك بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو شريك لنا في إدارة شؤون الإقليم، ومنصب نائب رئيس الإقليم الذي ظل شاغرا خلال السنتين الماضيتين أصبحت هناك حاجة ملحة لملئه، وترشيح الأخ كوسرت لهذا المنصب يشرف الاتحاد الوطني، وأن أرحب بذلك، وأتمنى له كل التوفيق والنجاح في مهمته».
وأشار المفتي إلى «أن المرحلة القادمة تتطلب أيضا مزيدا من الإصلاحات السياسية نتمنى أن تكون التغييرات القادمة على مستوى قيادة الإقليم عاملا مساعدا لذلك، سواء بتعاون قوى المعارضة في تنفيذ مشروع إصلاحي يشمل مختلف مجالات الحكم والإدارة، أو حتى من دون مشاركتها بالاستناد إلى المشروع الذي صاغه البرلمان وقرارات رئاسة الإقليم».