بعد مقتل 4 من جنودها.. فرنسا تعلق عملياتها العسكرية في أفغانستان

ساركوزي يطرح مسألة الانسحاب المبكر > الناتو: «يوم حزين جدا» وكرزاي يقدم تعازيه

جنديان من القوات الدولية «إيساف» في موقع تفجير انتحاري في قندهار بجنوب أفغانستان (أ.ب)
TT

تم أمس تعليق عمليات التدريب والدعم التي يقدمها الجيش الفرنسي في أفغانستان وطرح مسألة انسحاب مبكر للقوات الفرنسية بعدما قام جندي أفغاني بقتل أربعة عسكريين فرنسيين. وقال ساركوزي إن «الجيش الفرنسي يقف إلى جانب حلفائه، لكن لا يمكننا أن نقبل أن يقتل أي من جنودنا أو يجرح من قبل حلفائنا. إنه أمر غير مقبول».

وأعلن أن وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه ورئيس هيئة أركان الجيوش الأميرال إدوار غييو سيتوجهان «فورا» إلى أفغانستان.

وسيقدم لونغيه تقريرا فور عودته من أفغانستان. وقال ساركوزي «إذا لم تحدد الظروف الأمنية بوضوح فسنطرح حينئذ مسألة انسحاب مبكر للجيش الفرنسي»، واعدا ببحث هذه المسألة مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.

وأضاف الرئيس الفرنسي أمام الدبلوماسيين «إن كل عمليات التدريب والمساعدة على القتال التي يقوم بها الجيش الفرنسي علقت».

ووقع الهجوم في إطار تدريب داخل قاعدة غوام في منطقة تقب شرق أفغانستان. وقد قتل أربعة جنود فرنسيين وجرح 15 آخرون إصابات ثمانية منهم خطيرة، حسبما ذكرت السلطات الفرنسية.

وأوضحت مصادر أمنية أن الجنود الفرنسيين «لم يكونوا مسلحين» ولا يرتدون سترات واقية من الرصاص وكانوا يشاركون في تدريب رياضي.

وقدم كرزاي الذي سيزور فرنسا في 27 يناير (كانون الثاني)، تعازيه على الفور إلى فرنسا. وقال في بيان إنه «حزين جدا من جراء هذا الحادث ويعبر عن تضامنه وتعازيه للشعب الفرنسي ولعائلات الضحايا»، مؤكدا أن «فرنسا قدمت مساعدة كبرى لأفغانستان في السنوات العشر الماضية وأن العلاقات بين البلدين كانت تستند على الدوام إلى النزاهة». من جهته، انتقد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه شروط التجنيد، مؤكدا أن فرنسا تطلب من الجيش الأفغاني «ضمانات موثوقة» حول تجنيد عناصره. وقال إن «سلطات كابل يجب أن تقول بشكل واضح أي الإجراءات ستتعهد باتخاذها لتوضيح طرق التجنيد في الجيش الأفغاني وضمان الأمن للقوة الفرنسية». وشدد جوبيه أيضا على «تسريع انسحاب كامل من قواتنا المقرر في نهاية 2013». وقال ساركوزي إن «الجيش الفرنسي يقف إلى جانب حلفائه، لكن لا يمكننا أن نقبل أن يقتل أي من جنودنا أو يجرح من قبل حلفائنا. إنه أمر غير مقبول». وطوق الجيش الفرنسي محيط القاعدة الفرنسية في تقب ومنع دخول قوات الأمن الأفغانية، كما قال مصدر أمني آخر. وفي وقت سابق أعلنت القوة الدولية للمساهمة في إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) التابعة للأطلسي، والتي تعمل القوات الفرنسية تحت رايتها، أن أربعة من جنودها قتلوا برصاص عسكري أفغاني، لكن دون تحديد جنسياتهم. وقالت إنه تم «اعتقال مطلق النار المفترض».

من جهته، قدم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي آندريه فوغ راسموسن، أمس تعازيه لفرنسا، معتبرا أنه «يوم حزين جدا» لقوات حلف شمال الأطلسي، لكنه سرعان ما وصف الحادث بأنه «منفرد».

وأضاف أن «الحقيقة هو أن كل يوم، يقاتل 130 ألف جندي من (إيساف) من 50 دولة ويتدربون مع أكثر من 300 ألف جندي أفغاني»، في إشارة إلى قوة المساعدة الأمنية الدولية التي يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مضيفا «هذا يتطلب قدرا كبيرا من الثقة بين عدد كبير من الجنود».

وتابع «لدينا نفس الهدف.. أفغانستان مسؤولة عن أمنها الخاص. هذا ما يريده الأفغان. وما زلنا ملتزمين بمساعدة الأفغان على تحقيق هذا الهدف».

أضاف «تلك الحوادث المأسوية مروعة.. لكنها منفردة». وأعرب راسموسن أيضا عن مواساته لهؤلاء القتلى إلى جانب «تعاطفه» مع هؤلاء الجرحى وأعرب عن تقديره لـ«خدمات وتضحيات جميع قواتنا في أفغانستان». وقال راسموسن في بيان، إنه «يوم حزين جدا لقواتنا في أفغانستان وللشعب الفرنسي. أرغب في تقديم التعازي بمقتل الجنود الفرنسيين الأربعة اليوم وتضامني مع الجرحى». وهذا الهجوم يذكر بهجوم 29 ديسمبر (كانون الأول) حين قتل عنصران فرنسيان برصاص جندي من الجيش الوطني الأفغاني الذي يقومون بتدريبه في ولاية كابيسا بشمال شرقي كابل، المنطقة التي يتسلل إليها عناصر طالبان ويوجد فيها وادي تقب.

وبذلك يرتفع إلى 82 عدد العسكريين الفرنسيين الذين قتلوا في أفغانستان منذ بدء النزاع في 2001 وإلى 6 عدد القتلى في أقل من شهر.

وفرنسا التي تنشر حاليا 3600 جندي في البلاد بعد سحب 400 عسكري منذ أكتوبر (تشرين الأول)، سجلت في عام 2011 أعلى خسائر لها منذ بدء النزاع مع مقتل 26 جنديا في عمليات بينهم 5 في هجوم انتحاري في 13 يوليو (تموز).

وبعد القرار الذي أعلنه الرئيس الأفغاني في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بنقل المسؤولية الأمنية في إقليم سورابي (شرق كابل) إلى القوات الأفغانية، ركز الفرنسيون جهودهم في كابيسا، حيث سجلوا أعلى خسائرهم في 2011. ويقوم الفرنسيون بتدريب الجيش الأفغاني الذي يفترض أن يتسلم المهام الأمنية من قوة حلف شمال الأطلسي بعد رحيل القوات الدولية المرتقب في 2014.

وللمرة الأولى منذ ثماني سنوات تراجع عدد جنود الأطلسي الذين قتلوا في أفغانستان سنة بعد سنة لينخفض من 711 في 2010 (السنة الأكثر دموية للقوات الأجنبية) إلى 566 في 2011.

ومساء أول من أمس قتل ستة جنود أميركيين في تحطم مروحيتهم في ولاية هلمند، معقل طالبان في جنوب البلاد. ولا تزال ظروف الحادث غامضة، حيث تحدث الجيش الأفغاني عن مشكلة ميكانيكية في حين أكدت حركة طالبان أنها أسقطت المروحية.