مخطط الانقلاب في بنغلاديش يثير تساؤلات حول «أسلمة» الجيش

السلطات أرجعت الخطة إلى 16 ضابطا إضافة إلى مواطنين في الخارج وحزب التحرير

TT

أثار مخطط فاشل للإطاحة بالحكومة في بنغلاديش من قبل من وصفهم الجيش بضباط «متعصبين دينيا»، أسئلة حول مدى الاختراق الإسلامي داخل المؤسسة العسكرية في البلاد، حسبما يقول محللون. فالجيش الذي يعد المؤسسة العلمانية الرئيسية في بنغلاديش، صرح بأنه تم الكشف عن المخطط في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي انخرط فيه مواطنون يقيمون خارج البلاد، فضلا عن نحو 16 من الضباط ممن هم في الخدمة أو التقاعد، إضافة إلى حزب التحرير الإسلامي المحظور. وتم استدعاء جنرال بارز إلى دكا من وحدته خارجها، بينما ألقت السلطات القبض على ضابطين سابقين أحدهما تقاعد برتبة كولونيل.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس عن ديلوار حسين، أستاذ الشؤون الأمنية والعلاقات الدولية بجامعة دكا، قوله «ما يقلقني هو أنه ليس من المفترض أن تتغلغل أفكار راديكالية متطرفة في قوة منضبطة علمانية كالجيش». وأضاف «يمكن أن يخلف ذلك تبعات عميقة الأثر».

يذكر أن بنغلاديش لديها تاريخ من العنف السياسي والانقلابات المضادة منذ استقلالها عام 1971. فشيخ مجيب الرحمن، أول رئيس للبلاد ووالد رئيسة الوزراء الحالية حسينة واجد شيخ، اغتيل خلال إطاحة الجيش به العام 1975، كما خضعت بنغلاديش لحكم ديكتاتوري عسكري مجددا ما بين 1982 و1990. وعادت الديمقراطية في 1991، غير أن المعارك في الشوارع بين أنصار حسينة وغريمتها السياسية خالدة ضياء دفعت بالجيش إلى التدخل مجددا في يناير (كانون الثاني) 2007.

ورغم أن الأنظمة العسكرية عملت خلال حكمها على استرضاء الإسلاميين بترسيخها عبارة «التسليم لله تسليما» في دستور البلاد ومن ثم جعل الإسلام دين الدولة، فإنها حرصت دوما على عدم تقويض الوضع العلماني للجيش نفسه. ويتساءل بعض المراقبين عن مدى جدية أو خطورة المحاولة الانقلابية الأخيرة، ويشيرون إلى أن إبراز الجيش الطبيعة «الدينية» للمحاولة الانقلابية يعد تحذيرا موجها إلى الفصائل الدينية داخل المؤسسة العسكرية.

ويقول عطاء الرحمن، الباحث في الجامعة الوطنية في سنغافورة والمتابع للشؤون العسكرية في بنغلاديش «يبدو أن الأمر ربما لم يكن انقلابا، بل هو انشقاق أو عصيان بذل الجيش جهدا للتغلب عليه باعتباره مؤسسة نظامية». وتابع «بالحديث صراحة عن انقلاب فاشل، يريد الجيش تقديم رسالة لا لبس فيها بأنه لن يتهاون مع أي انحراف نحو التطرف الديني».

وكانت حكومة حسينة التي جاءت إلى السلطة في مطلع 2009، قد واجهت تهديدات متكررة من جانب الجماعات الإسلامية. فقد واجهت الجهود لتعزيز الطبيعة العلمانية لدستور بنغلاديش في يونيو (حزيران) من العام الماضي احتجاجات غاضبة من جانب النشطاء الإسلاميين في البلد الذي يدين غالبية سكانه بالإسلام. كما أطلقت حكومتها سلسلة من المحاكمات استنادا إلى اتهامات بجرائم حرب تتعلق بما وقع خلال مرحلة التحرير حتى 1971، وكان المتهمون بتلك الجرائم في أغلبهم حتى الآن من أقطاب أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد.

وبعد ورود أنباء المخطط الفاشل أول من أمس، تعهد حزب رابطة عوامي الحاكم بزعامة حسينة بمعاقبة المتورطين «بما يجعل منهم عبرة». ومن ناحية أخرى، أصبح الجيش في بنغلاديش أكبر مساهم في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فيما يعد برنامجا مربحا قال بعض المراقبين إنه خفض من شهية ضباط الجيش في الوصول إلى السلطة السياسية.