«فاينانشيال تايمز»: سوريا تخطط لتعويم موجه لسعر صرف عملتها

خبير: الهدف هو تقليص الفرق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء

TT

نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أمس عن حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة قوله إن «سوريا تخطط لتعويم موجه لسعر صرف عملتها الأسبوع المقبل». وأفادت الصحيفة بأن «خطة البنك المركزي السوري التي أصدرها مكتب رئيس الوزراء، يبدو أنها تنطلق من أن السماح للبنوك الخاصة ببيع العملات الأجنبية بالسعر الذي تختاره سيزيد السيولة في النظام المالي، رغم أنها ستسمح بخفض فعلي لقيمة العملة السورية».

وتطرح هذه الخطوة علامات استفهام حول حجم تراجع احتياط سوريا بالعملات الأجنبية، والذي كان يقدر بأكثر من 17 مليار دولار قبل بدء الانتفاضة الشعبية، في وقت يقدر فيه محللون اقتصاديون انخفاض هذا الاحتياط عدة مليارات، هو ما يساهم في الضغط أكثر على الليرة السورية.

وتأتي خطة المصرف المركزي بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على بدء التحركات الشعبية التي تشهدها سوريا منذ منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، والتي انخفض خلالها سعر صرف الليرة السورية من 47 ليرة سوريا للدولار الواحد عند بدء الاحتجاجات حتى 70 ليرة سوريا للدولار الواحد في السوق السوداء في الأيام الأخيرة.

وأوضح الخبير المصرفي والمالي الدكتور نسيب غبريل لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من خطة المصرف المركزي السوري هو تقليص الفرق بين السعر الرسمي لصرف الليرة السورية وبين سعر صرفها في السوق السوداء»، لافتا إلى أن «الليرة السورية بقيت مستقرة نوعا ما حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، ولكن الانخفاض بدأ فعليا منذ نهاية العام الماضي مع انخفاض سعر صرفها مقابل الدولار من 50 حتى 56 ليرة وصولا إلى السعر الحالي، أي 70 ليرة للدولار الواحد».

وأشار غبريل الذي يشغل منصب كبير الاقتصاديين ورئيس دائرة الأبحاث في مجموعة «بنك بيبلوس» اللبنانية، إلى أنه «يبدو أن الإجراءات التي اتخذت سابقا لم تكن كافية، وهو ما أدى إلى تدني سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار حتى السبعين، ولذلك سيتجه المصرف المركزي نحو السماح للمصارف الخاصة بضخ العملات الأجنبية من خلال بيعها بالسعر الذي تجده مناسبا»، لافتا إلى أن «من شأن هذه الخطوة أن تترك تحديد سعر صرف الليرة في المرحلة المقبلة للسوق».

وربط غبريل بين «دخول العقوبات الأوروبية على البترول حيز التنفيذ وبين انخفاض سعر الليرة السورية، انطلاقا من أن سعر البترول يعد مدخلا أساسيا للعملات الأجنبية، وفي ظل استمرار هذا الوضع سيبقى المصرف المركزي على تدخله من أجل توجيه سعر الصرف، ولكن عندما تقتضي الحاجة». وأشار في هذا السياق إلى أن «قرار التعويم يخفف من تدخل المصرف المركزي لدعم الليرة، لا سيما أن هناك فرقا كبيرا بين أن يحدد المصرف المركزي سعر صرف الليرة وبين أن تحدده السوق». وكانت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أشارت في التقرير عينه إلى أن «البنك المركزي سيواصل تمويل استيراد المواد الأساسية بسعر الصرف الرسمي، وأن المعروض من العملة الأجنبية للاستخدام الشخصي سيظل يخضع لقيود مشددة». وذكر غبريل في هذا السياق أن المصرف المركزي كان قد حدد إثر بدء الأزمة السورية شروطا معينة للسماح بشراء العملة الأجنبية من قبل المواطنين. وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض سعر صرف العملة الوطنية في أي اقتصاد من شأنه أن يؤدي، وفق غبريل، بشكل مباشر إلى حدوث تضخم ويخفف القدرة الشرائية باعتبار أن دخل المواطنين الشهري غالبا ما يكون بالعملة الوطنية، فضلا عن رفع سعر السلع والمواد الأساسية وغير الأساسية، في حين أن من تداعياته غير المباشرة خفض أسعار الصادرات ورفع قدرتها التنافسية. وفي موازاة تأكيد غبريل أن العقوبات على النفط أثرت على الواردات التي تدخل العملات الأجنبية إلى سوريا، وكذلك الأمر بالنسبة للسياحة التي تمر بمرحلة جمود، وهي تعد أيضا مصدرا أساسيا لدخول العملة الأجنبية، أعرب عن اعتقاده أن الاقتصاد السوري، وإن كان يمر بمرحلة صعبة وقد يتأثر مرحليا، إلا أن ذلك لا يعني انهياره على الإطلاق.