تصريحات لقائد فيلق القدس عن «تبعية» العراق لإيران تفجر جدلا بين الكتل السياسية العراقية

قائمة علاوي تعرب عن أسفها وتنتظر ردا من الحكومة.. وقيادي في تنظيم الحكيم يشكك في صحتها

الجنرال قاسم سليماني
TT

أثارت التصريحات التي نسبت مؤخرا إلى مسؤول الملف العراقي في القيادة الإيرانية وقائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، والتي أشار فيها بوضوح إلى وجود نفوذ إيراني في العراق وجنوب لبنان بما يهيئ الأرضية لتشكيل حكومة إسلامية، جدلا في الأوساط السياسية العراقية.

أول الردود، وإن جاءت من قبل ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء، نوري المالكي، والتيار الصدري، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، فإنها لم تأت عبر بيانات رسمية باسم الكتلتين أو عن طريق الناطقين المخولين، بل جاءت عبر تصريحات لنواب من كلا الكتلتين تظل تمثل آراء شخصية. التحالف الوطني الذي يضم دولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري، فضلا عن تياري الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري، والمؤتمر الوطني، بزعامة أحمد الجلبي، لم يصدر عنه موقف رسمي. القائمة العراقية، بزعامة إياد علاوي، وحدها انفردت بالرد، عبر بيان رسمي أصدرته الناطقة باسمها، ميسون الدملوجي، التي أعربت عن أسفها لتصريحات سليماني. وأضاف البيان أن العراقية «تسعى لبناء علاقات متوازنة مع كل دول الجوار وغيرها، بما يضمن سلامة العراق ومصالحه، وبناء الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة، التي تقوم على أساس المصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية». وأضافت الدملوجي أن «مثل هذه التصريحات تزيد من احتقان الأوضاع وخطورتها في العراق والمنطقة»، مشيرة إلى أن العراقية «تؤكد أنها بانتظار الرد الرسمي لحكومة العراق على هذه التصريحات». لكن الرد الحكومي هو الآخر لم يصدر حتى لحظة إعداد هذا التقرير، بينما كان سبقه رد رسمي من قبل الخارجية العراقية على ما اعتبر تدخلا تركيا في الشأن العراقي.

إلى ذلك، أعرب المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني، مؤيد طيب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن أسفه لما سماه «التباين في موقفي القائمة العراقية حيال ما يصدر عن إيران من تصريحات ودولة القانون حيال ما يصدر عن إيران من تصريحات»، مشيرا إلى أن «دولة القانون تهاجم التصريحات التركية، وتسكت عن التصريحات الإيرانية، بينما تفعل العراقية العكس، حيث إنها تهاجم التصريحات الإيرانية وتغض النظر عن التدخل التركي». وأشار إلى أن «موقف التحالف الكردستاني من كل هذه التدخلات والتصريحات هو موقف الرفض المعلن، لأن المطلوب هو كيف يجب أن ندافع عن سيادة العراق، وأن نتخطى الانتماءات العرقية والطائفية والمذهبية». وأشار طيب أيضا إلى أن «المطلوب موقف حكومي واضح ومحدد، لا أن يتولى بعضنا القيام بدور الحرب بالنيابة عن هذا الطرف أو ذاك، لأن من شأن ذلك هو إضعاف موقفنا، وعدم قدرتنا على اتخاذ أي موقف من شأنه الحفاظ على استقلالية البلد إزاء أي تدخل خارجي».

بدوره، صرح القيادي في العراقية، حامد المطلك، لـ«الشرق الأوسط»، بأن تصريحات سليماني «مرفوضة تماما ويجب أن يكون هناك موقف حكومي واضح منها»، معتبرا أن «هذه التصريحات لا يمكن أن تصدر عن سليماني وغيره، لو كانت لدينا مواقف قوية، ولو كان كل طرف منا بمثابة وكيل لطرف دولي».

وأشار المطلك إلى أنه «آن الأوان لأن ننتبه إلى مثل هذه الحقائق وأن نجعل الآخرين يعاملوننا بالمثل».

من جهته، اعتبر حميد معلة الساعدي، المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة عمار الحكيم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس هناك دليل على صدور مثل هذه التصريحات عن الجنرال قاسم سليماني، لا سيما أن أوساطا إيرانية نفتها». وأضاف الساعدي أن «التدخلات الخارجية في الشأن العراقي لم تعد مثلما كانت؛ سواء من تركيا أو إيران، لأن دول الجوار بدأت الآن تشعر بأن العراق بدأ يقف على قدميه، وأصبح له تأثير في المنطقة والعالم، وهو ما يتوجب على الدبلوماسية العراقية تعميقه عبر إجراءات ملموسة».

وأشار إلى أن «المطلوب، وفي حال صدور مواقف من هذا الطرف الدولي أو ذاك، بخصوص العراق، أن يكون الحل عبر القنوات الدبلوماسية وليس التصريحات الصحافية، لأننا من خلال هذه القناة وحدها يمكن أن نضع حدا لتدخلات الآخرين في شؤوننا».

وكان قد نسب إلى سليماني قوله، خلال ندوة تحت عنوان «الشباب والوعي الإسلامي»، بحضور عدد من الشباب من البلدان العربية التي شهدت ثورات ضد أنظمة الحكم فيها، أن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكارها، مؤكدا أن بلاده يمكن أن تنظم أي حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدين حسبما نقلت مواقع اخبارية عن وكالة «إيسنا» الطلابية الإيرانية.