فياض يتراجع عن نصف خطته التقشفية تحت ضغط «قرع الطناجر»

انتقد عدم تحويل الأموال من غزة لرام الله

سلام فياض («الشرق الأوسط»)
TT

تراجع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض عن نصف خطته التقشفية والضريبية، بإعلانه أمس بشكل قطعي أن لا تقاعد مبكر لآلاف الموظفين كما كان مخططا، لكنه لمح إلى أنه ماض في النصف الثاني من خطته التي تثير أيضا جدلا كبيرا في الشارع الفلسطيني، وتتعلق بإجراءات تقشفية، وتعديلات على قانون الضريبة.

وقال فياض على صفحته على «فيس بوك»، «صحيح أن ما نتحدث عنه يشكل زيادة في العبء الضريبي، ولكن على من له القدرة على الدفع سواء مواطن عادي أو شركة. نحن نتحدث عن ميسورين أو شركات، وإذا كنا نتحدث عن شركات فإننا نتحدث عن ربح، فإذا لم تحقق الشركة أي ربح لا تدفع، فالضريبة نسبية وليست مبلغا مقطوعا أو مقتطعا، أي إن الضريبة نسبة تفرض على الربح، وكلما زاد الربح كان العائد الضريبي أكثر والعكس صحيح، وإذا لم يتحقق أي ربح لا يوجد أي ضريبة مفروضة».

وأضاف شارحا القانون الجديد، «إن الدخل حتى 125 ألف شيقل لن يتأثر بتعديلات قانون ضريبة الدخل، وإعفاء كامل للمزارعين، وذوي الدخل المحدود. ولن نقبل بقطع الكهرباء عن غير القادرين، ولن نسمح باستمرار تهرب القادرين على الدفع». وتابع مطمئنا قطاعا واسعا من الموظفين الغاضبين «لا قرار بإحالات إلى التقاعد المبكر ولن يتخذ إلا بتشاور واسع، وأي اتفاق لن يتجاهل التزامات الموظفين».

وجاء حديث فياض بعد يوم من دعوته إلى أوسع حوار وطني شامل لبحث سبل تجاوز الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة، بعد عاصفة من الانتقادات التي طالت خطته الجديدة. ولأول مرة، يواجه فياض هذه المعارضة الواسعة لسياساته المالية، بعدما اتفق القطاع العام والخاص وفصائل وكتل في المجلس التشريعي وأكاديميون وخبراء اقتصاد وناشطون على رفض خطته. ويقول خبراء الاقتصاد إن خطة فياض تثقل كاهل الفقراء والأغنياء معا في ظل ارتفاع كبير في الأسعار والبطالة، ولا تقدم سياسة من شأنها تحقيق استدامة ونمو اقتصادي.

وتظاهر أمس عشرات الفلسطينيين في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، التي طالما كانت توصف بالعاصمة الاقتصادية للفلسطينيين احتجاجا على اقتراح حكومة فياض إجراءات تقشفية وضريبية. وطالب المتظاهرون الذين رفعوا لافتات مناهضة لفياض وحكومته، بمعارضة أي إجراءات لرفع الضرائب وهم يطرقون أواني طعام فارغة، في دلالة على معاناتهم الفقر.

ولم يتقبل الفلسطينيون عموما فكرة إضافة مزيد من الضرائب بعدما بدأوا عامهم الجديد على ارتفاع طال كل شيء تقريبا. وحث المتظاهرون إتمام تحقيق المصالحة الداخلية بشكل فوري لتشكيل حكومة جديدة.

ودعا ناشطون على الـ«فيس بوك» إلى مظاهرة أخرى غدا في قلب رام الله، ضد سياسة فياض المالية. ومن شأن هذه المظاهرات أن تتسع وتكبر، إذ تعتبر فرصة لفصائل كبيرة تحارب فياض، لتشكيل ضغط شعبي على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لتشكيل حكومة جديدة من دون فياض. بيد أن أي حكومة جديدة عليها أن تضمن استمرار تدفق الأموال للسلطة، والبحث عن حلول لتجاوز الأزمة المالية الحالية، وإلا فإن ما يستطيع فياض توفيره الآن من رواتب ومستحقات مالية قد يصبح أمرا بعيد المنال.

وتساعد حكومة حماس في غزة، بشكل مباشر وغير مباشر، في العجز الذي تعانيه حكومة فياض، حسب قولها. وتدفع السلطة أكثر من نصف ميزانيتها لغزة، ومن بينها رواتب لأعضاء حماس في الحكومة والتشريعي وموظفين، وتقول السلطة إن ذلك جزء من التزاماتها لصالح غزة، لكنها لا تتقاضى في المقابل أي ضرائب مقابل الخدمات المختلفة.

وتمنع حكومة حماس التجار من تسليم السلطة فواتير ضريبة القيمة المضافة للبضائع التي تشترى من إسرائيل، وتحصل السلطة على جزء من ضريبتها حسب الاتفاقات، كما لا تدفع شركة الكهرباء، التي يديرها مقربون من حماس، أي عوائد مالية للسلطة التي تدفع لها شهريا 45 مليون شيقل ثمن كهرباء من إسرائيل.

وخرج فياض عن صمته المعتاد، وقال: «للأسف، هناك تسريب غير واع بالمطلق للأموال المدفوعة أصلا من المواطنين إلى خزينة حكومة الاحتلال»، في إشارة إلى الفواتير التي تمنع من تسلمها السلطة.

وأضاف: «أقول بصراحة وألم كبير، لماذا لا نستطيع التعامل مع فاتورة الكهرباء المستوردة من إسرائيل إلى قطاع غزة، التي تغطي نحو 120 ميغاواط، هل يعقل أن 45 مليون شيقل شهريا ثمن كهرباء 120 ميغاواط لا تستطيع شركة كهرباء غزة أن تدفع منها شيئا؟! هذا الكلام غير مقبول، خصوصا في ظل الحديث عن ضرائب إضافية وضائقة مالية، والبحث عن أوجه تخفيض الإنفاق.. السلطة الوطنية لا يمكن أن تقبل إطلاقا أن تقطع الكهرباء عن مواطن غير قادر على دفع فاتورة الكهرباء، لكن لا يجوز أن تدفع السلطة فاتورة الكهرباء عن شخص قادر على الدفع».

وأردف «لا بد من وقف هذا الهدر والنزيف في المال العام».