«برس تي في» لـ «الشرق الأوسط»: إلغاء ترخيصنا «سياسي».. وإرسالنا لن يتوقف

رئيس تحرير المحطة الإيرانية: صوتنا سيصل إلى مشاهدينا في أوروبا بطرق مختلفة

غرفة الأخبار في المركز الرئيسي لمحطة «برس تي في» العاصمة طهران أمس (رويترز)
TT

ألغت مؤسسة المراقبة على النشاطات الإعلامة في برطانا (أوفكوم)، أول من أمس، ترخص بث برامج قناة «برس تي في» الإرانة الناطقة باللغة الانجلزة في المملكة المتحدة، وأزالت القناة من منصة البث «سكاي» من دون الرد على خطاب مرسل من رئيس مجلس إدارة «برس تي في» للرئيس التنفيذي لـ«أوفكوم» بداية هذا الشهر. وبررت سحب الرخصة لهذه القناة التابعة للحكومة الإيرانية بخرق هذه الأخيرة قواعد البث التلفزيوني في بريطانيا، على حد قولها، بسبب تحكّم السلطات الإيرانية في سياستها، فضلا عن تخلف القناة عن دفع غرامة بـ100 ألف جنيه إسترليني فُرِضت عليها العام الماضي.

وكانت «أوفكوم» قد حذرت القناة الإيرانية من عدم الالتزام بمعايير البث الإذاعي التي وضعتها الهيئة، لافتة إلى أنه تم توجيه تحذيرات بوقف بث القناة في بريطانيا، العام الماضي، بعد إذاعتها لحوار تم إجراؤه مع مازيار بهاري، الصحافي لدى مجلة «نيوزويك» الأميركية، المتهم بالتجسس على إيران، وهو في محبسه خلال فترة اعتقاله التي طالت لأربعة أشهر في سجن «إيفين» الإيراني عام 2009. وكانت «أوفكوم» قد أرسلت خطابا للقناة الإيرانية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حول خرقها قانون البث البريطاني لوجود الطاقم التحريري للقناة في طهران بدلا من لندن، ولذلك طالبت الهيئة القناة الإيرانية بنقل إدارتها التحريرية إلى لندن أو نقل رخصة البث إلى طهران، إضافة إلى فرض غرامة مالية، غير أن القناة الإيرانية لم تمتثل لتك المطالب.

واعتبرت «أوفكوم» أن القناة الإيرانية خالفت القوانين من خلال بث مقابلة مع شخص قيد التوقيف، وقامت بفرض غرامة مقدارها مائة ألف جنيه إسترليني عليها، الأمر الذي ردت عليه القناة آنذاك باتهام المكتب البريطاني بمحاباة أفراد في العائلة المالكة، الذين يشعرون بالغضب حيال تغطية «برس» لزفاف الأمير ويليام.

كما اتهمت «أوفكوم» القناة بمخالفة قوانين الترخيص التي تشير إلى ضرورة أن تكون الرخصة بيد الجهة المسؤولة عن البث والبرامج، وهي في هذه الحالة مكتب القناة في لندن، في حين أن القرار على أرض الواقع بيد شركة «برس إنترناشونال» ومركزها في العاصمة الإيرانية طهران، في حين اعتبرت «برس تي في» القرار نموذجا للاستبداد في بريطانيا.

ومن بين ما يؤخذ على «برس تي في» أسلوب تعاطيها مع قضية المرأة الإيرانية، سكينة أشتياني، المسجونة في بلادها بتهمة المشاركة في جريمة قتل زوجها. بالإضافة إلى إجراء القناة مقابلة مع مراسل مجلة «نيوزويك» وصفتها هيئة «أوفكوم» البريطانية بأنها تمت بالإكراه. وفُرضت بسببها غرامة 100 ألف جنيه إسترليني على القناة.

وردت مصادر موثوقة من داخل المحطة لـ«الشرق الأوسط» بأن توقيف بث المحطة من بريطانيا، يرجع إلى قرار سياسي في المقام الأول، وعمليات البث للمحطة لن تتأثر كثيرا، وهناك ملايين البريطانيين يتابعون إرسال محطة «برس تي في» على الإنترنت، وقال خبراء تقنيون من داخل المحطة لـ«الشرق الأوسط» إن البث مستمر على قمر «هوت بيرد» بدرجة 13 شرقا، وكذلك على «نايل سات» للمشاهدين في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الإنترنت.

وأجاب المركز الرئيسي لمحطة «برس تي في» في العاصمة طهران عن أسئلة «الشرق الأوسط»، عبر البريد الإلكتروني، أمس، على لسان حميد عمادي، رئيس تحرير الشبكة، بقوله: «إن سحب ترخيص المحطة هو قرار سياسي لا علاقة له بخطأ تحريري»، مشيرا إلى أن المحطة استنفدت كل السبل القانونية، ولكن القرارات السياسية لا يمكن أن تحل في أروقة المحاكم. وقال إن الحكومة البريطانية تقف في مواجهة السياسة التحريرية للمحطة التي تناوئ إسرائيل وأميركا.

وقال عمادي ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول بدائل البث بعد توقف «سكاي» عن بث برامج المحطة، بقوله إن «برس تي في» سيصل صوتها إلى مشاهديها في أوروبا عبر طرق مختلف وأقمار أخرى، وعبر الإنترنت، واعتبر المحطة الصوت الآخر وسط الهيمنة الإعلامية الغربية.

وقال: «إذا كان الغرب يخطط لاجتياح دولة مسلمة أخرى في منطقة الشرق الأوسط، فهو أيضا لا يريد أن تكون هناك محطة (برس تي في)، لأنها ستكون في الخندق الآخر لفضح جرائمه.

وأوضح عمادي لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «يمكن لمشاهدينا عبر موقعنا (www.presstv.ir) أو (www.presstv.com) معرفة كيفية تتبع ترددات برامج (برس تي في) بالعربية والإنجليزية والفارسية، أو عبر الإنترنت». ونفى أن يكون لقرر «أوفكوم» تأثير في خسارة أي من موظفي المحطة البريطانية لوظائفهم.

وقالت «أوفكوم» في بان أصدرته، أول من أمس: «توصلنا إلى هذه النتجة بعد التأكد أن برامج (برس تي في) والإشراف عليها تم في إران، ولس في برطانا التي أصدر الترخص بشأنها، ولذلك تم إلغاء ترخص العمل لشركة (برس تي في)».

من جهته، قال الصحافي حسني الإمام، الأمين العام لرابطة المراسلين الأجانب في بريطانيا، لـ«الشرق الأوسط»: «ما يؤخذ على (برس تي في) أيضا هو ترويجها للسياسات الإيرانية»، مشيرا إلى الدعم المالي والتحريري المقبل من طهران إلى لندن، وقال: «كان هناك نحو أكثر من أربعين صحافيا إيرانيا أعضاء في رابطة المراسلين الأجانب»، وتحدث عن قواعد المهنة في الإعلام، فـ«بينما تمنع طهران المراسلين الأجانب وتفرض عليهم الرقابة، نجد مراسليهم في لندن يعملون بكل حرية، حتى (بي بي سي - الفارسي) تعاني هي الأخرى من الحظر داخل طهران».

وصدر قرار بتغريم القناة، العام الماضي، بعد أن أجرت مقابلة مع الصحافي مازيار بهاري، المحتجز في إيران، ويعمل لدى مجلة «نيوزويك» والقناة الرابعة الإنجليزية، وهي المقابلة التي وصفتها «أوفكوم» بأنها تمت بالإكراه. وقالت «أوفكوم» إن «برس تي في» أظهرت عدم رغبتها وعدم قدرتها على دفع الغرامة المفروضة عليها».

وكانت «أوفكوم» قد توصلت خلال تحقيقاتها بشأن المقابلة المذكورة إلى أن السياسة التحريرية للقناة تخضع لسيطرة السلطات في طهران، وليس وفقا للوائح البث في بريطانيا. وأضافت «أوفكوم» أنه تم منح القناة الإيرانية الفرصة كاملة للرد على هذه الاتهامات، والالتزام بقواعد البث، ولكنها «فشلت في الالتزام بالشروط الأساسية». وقال مصدر في شركة «برس تي في» بلندن إن بث برامج القناة قد انقطع على نظام البث المعروف عبر قمر «سكاي»، وذلك اعتبارا من الساعة الـثالثة وثلاث دقائق، ظهر أول من أمس، بتوقت غرينتش. من جانبها، وصفت قناة «برس تي في» هذا القرار بأنه «مثال واضح على التسلط» في بريطانيا.

من جهته، قال ماجد خبازان من «برس تي في»، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أمس، إن عقوبات «أوفكوم» بغرامة قيمتها مائة ألف جنيه على محطة «برس تي في»، جاءت عقب بثها مقطع فيديو إخباريا، مدته 10 ثوانّ. وانتقدت محطة «برس تي في» تبعية «أوفكوم» للحكومة البريطانية، التي كانت محور تركيز أبرز تغطيات محطة «برس تي في» في السنوات الأخيرة، وتزعم «أوفكوم» أنها ليست هيئة حكومية، غير أن جميع الأدلة تتناقض مع هذا الادعاء، فهي تحصل على ترخيص عملها وتمويلها من الحكومة البريطانية.

وقالت «برس تي في» لـ«الشرق الأوسط»: «أنشئت (أوفكوم) بموجب قانون من البرلمان، وتحصل على معظم تمويلها من المساعدات المالية الحكومية. وبوصفها محطة إخبارية تبث في المملكة المتحدة، فقد سلطت (برس تي في) الضوء بشكل كبير على السياسات الداخلية والخارجية للحكومة البريطانية. وقد بثت آراء نقدية بشأن تدخل بريطانيا في حروب، مثل حربي العراق وأفغانستان».

وقالت «برس تي في»: «لقد قدمنا أيضا تغطية مهمة للتكاليف الطائلة لحفل الزفاف الملكي في بريطانيا العام الماضي، في وقت يعاني فيه البريطانيون العاديون من أزمة مالية ضخمة. وقد كشفت مذكرات (ويكيليكس) عن أن لندن وواشنطن تبحثان عن وسائل لإيقاف بث قناة (برس تي في)».

وقال مصدر إيراني: «كان بإمكان نحو 10 ملان من الأسر البرطانة مشاهدة برامج القناة عبر نظام (سكاي) بحث حرم هؤلاء من مشاهدة هذه البرامج». وتضم القناة من بين مذيعيها، النائب البريطاني السابق المثير للجدل، جورج غلاوي، والكاتبة البريطانية، لورين بوث، شقيقة زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير.

من جهتها قالت الصحافية البريطانية إيفون ريدلي التي دخلت الإسلام عقب اعتقالها من قبل طالبان في أفغانستان عام 2001، إن سحب رخصة «برس تي في» من قبل «أوفكوم» يوم حزين بالنسبة للصحافة البريطانية، وأضافت ريدلي التي تقدم برنامجين في «برس تي في» أن الناس يجب أن يعرفوا أن تمويل المحطة من طهران، ولكن السلطات الإيرانية ليست لديها أي تحكم في السياسة التحريرية للمحطة.

ويأتي قرار الهيئة البريطانية بسحب رخصة «برس تي في» في حين تدهورت العلاقات الإيرانية - البريطانية بعد الهجوم على السفارة البريطانية في طهران في 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتبادل إغلاق سفارة كل من البلدين في إطار تلك الأزمة. وكانت إيران قد أطلقت «برس تي في» عام 2007، بهدف تخفيف قبضة الغرب على وسائل الإعلام.

من جانبها، قالت القناة التي تمولها الحكومة الإيرانية، على موقعها على شبكة الإنترنت، إن رؤيتها «تتمثل في تسليط الضوء على الأصوات التي غالبا ما تهمل في جزء كبير من العالم». واعتبر مصدر مقرب من «برس تي في» إجراء «أوفكوم» هذا بأنه إجراء ساسي ومتسم بالتمز وقال: «إن نشاطاتنا كانت قانونة وشرعة بشكل كامل، ولذلك نعتقد أن قرار (أوفكوم) قد اتخذ تحت تأثير القضاا الساسة، ودون أي أسس قانونة، وذلك بهدف منع طرح آراء ووجهات نظر مستقلة ومختلفة».