مقتل 160 في الليلة الأكثر دموية في الشمال النيجيري

هجمات منسقة تبنتها «بوكو حرام» واستهدفت مقارا للشرطة وإدارة للهجرة ومباني سكنية

رجل يقف أمام مقر للشرطة استهدفته الهجمات في كانو أمس (رويترز)
TT

قتل أكثر من 160 شخصا في هجمات بالقنابل واشتباكات بالأسلحة النارية في كانو، ثاني كبرى المدن النيجيرية، الليلة قبل الماضية، في أشد الهجمات المنسقة دموية التي تتبناها جماعة «بوكو حرام» الإسلامية المتشددة. وفرضت السلطات حظرا للتجوال في المدينة، التي تعد أيضا كبرى مدن الشمال المسلم، بعد أعمال العنف المروعة التي استهدفت ثمانية من مقار الشرطة وإدارة الهجرة والجنسية فضلا عن مبان سكنية.

وذكرت أكبر صحيفة في الشمال أن ناطقا باسم جماعة «بوكو حرام» تبنى الهجمات، حيث قال إنها رد من الجماعة المتشددة على رفض السلطات إطلاق سراح أعضاء من الجماعة قيد الاحتجاز. وصرح مصدر بمشرحة المستشفى الرئيسي، بمدينة كانو أمس، بأن عدد قتلى التفجيرات المنسقة والمعارك بلغ 162 قتيلا على الأقل. كما قال مسؤول بالمشرحة، دون الكشف عن اسمه: «إننا نتسلم الجثث منذ الليلة (قبل) الماضية من أيدي العاملين بالإغاثة. لدينا في هذه اللحظة 162 جثة بالمشرحة، والرقم مرشح للارتفاع لأن الجثث يتوالى وصولها»، في الوقت الذي ما زال ذوو الجثث التي يتم التعرف على هويتها يأتون لانتشالها. وكانت محصلة قتلى الهجمات قد تصاعدت على التوالي منذ ورود أنباء الليلة قبل الماضية عن نحو 20 انفجارا استهدفت مراكز للشرطة ومقار لإدارة الهجرة ومقار سكنية بالمدينة.

وتحدث السكان أمس عن مشاهدة جثث في الشوارع، بينما عمل مسؤولو الصليب الأحمر ووكالة الإغاثة الوطنية على انتشال الجثث ونقلها للمشارح. وقال نظيرو محمد، أحد سكان كانو، الذي يقيم قرب مقر لقيادة الشرطة استهدفه الهجوم: «أسير الآن في شوارع منطقتي، بين منزلي ومقر قيادة الشرطة في هذا الشارع، وقد أحصيت 16 جثة ملقاة على الأرض، منها ستة لعناصر الشرطة. وتحدث شرطي (طلب عدم كشف اسمه) عن عشرات القتلى، وقال: «هناك عدد كبير من الضحايا حول مقر الشرطة.. قتل الكثير من المدنيين برصاص المهاجمين، ومن الصعب تحديد حصيلة القتلى، غير أن العدد بالعشرات».

وبدأت التفاصيل ترد عن الهجمات، حيث يتردد أن مفجرين انتحاريين اثنين على الأقل انخرطا فيها. وبحسب مصدر في الشرطة، فقد سعى انتحاري للاقتراب من قافلة ضمت قائد الشرطة قرب مقر شرطة الولاية، وعندما لم يستطع ذلك بسيارته قفز منها وسعى للفرار، فأطلقت الشرطة النار عليه، وأردته قتيلا. وبحسب أحد السكان، انقلبت سيارة وأعقب ذلك انفجار مدوّ، إثر محاولة الانتحاري الفرار. وقال مصدر للشرطة إن ذلك كان محاولة لهجوم انتحاري. وأضاف المصدر أن المهاجم «حاول اختراق نقطة تفتيش قرب مقر الشرطة، غير أن رجال الأمن فتحوا النار، فقفز من سيارته وحاول الهرب ولكن قوات الأمن تعقبته وأردته قتيلا».

وجاءت هذه الهجمات في كانو، التي كانت قد نجت حتى الآن من أسوأ أشكال العنف التي تتهم جماعة «بوكو حرام» بها خلال الشهور الأخيرة، لتثير فزع السكان، الذين أخذوا في النزوح من مناطق سكنهم، خشية مزيد من الهجمات. وأعلن الرئيس غودلاك جوناثان حالة الطوارئ في مناطق من أربع ولايات في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بين الأكثر تضررا من جراء الهجمات السابقة التي تتهم «بوكو حرام» بالمسؤولية عنها، لكن مدينة كانو لم تكن ضمن المناطق الخاضعة لحالة الطوارئ، ولم تكن بين المناطق المعرضة للهجمات التي شهدتها نيجيريا أخيرا، إذ تركزت تلك الهجمات على المناطق الشمالية الشرقية من البلاد. وتعد نيجيريا أكبر بلد أفريقي من حيث تعداد السكان، كما أنها المنتج الأكبر للنفط في القارة، وتنقسم بالتساوي تقريبا، بين شمال مسلم وجنوب ذي غالبية مسيحية. وتواصلت الهجمات على الرغم من إعلان حالة الطوارئ، واتسع نطاق المناطق المستهدفة ليشمل مناطق أخرى. وأبرزت الهجمات التي استهدفت الكنائس يوم عيد الميلاد عجز السلطات النيجيرية، حيث قتل 44 شخصا، وفر من يشتبه في كونه العقل المدبر لإحدى تلك الهجمات من قبضة الشرطة في ظروف مريبة.

وكانت الهجمات التي استهدفت المسيحيين بالأخص قد أثارت مخاوف من صراع ديني أعم في البلاد، حيث قال القادة المسيحيون إنهم سيضطرون لتوفير الحماية لأنفسهم، مع استمرار عجز السلطات عن حماية مقارهم. وأثار ذلك مخاوف من اندلاع حرب أهلية في البلاد. وشملت هجمات «بوكو حرام» أهدافا أخرى غير المسيحيين، كان بينها مسلمون. كما أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجير انتحاري استهدف في أغسطس (آب) الماضي مقر الأمم المتحدة في العاصمة الإدارية أبوجا، وأسفر عن مقتل 25 شخصا.